التوسع الزراعي وتطوير نظم الري.. معلومات الوزراء يكشف توصيات علاج تأثير التغيرات المناخية
عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، الجلسة الثانية عشر من جلسات المنتدى الفكري للمركز بعنوان تأثير التغيرات المناخية على مستقبل الإنتاج الزراعي في مصر، بحضور نخبة من الخبراء وعدد من المسئولين، بهدف استكشاف مسارات التحرك الممكنة التي يمكن أن تتبناها الحكومة لتلافي أثر التغير المناخي على قطاع الزراعة في مصر.
تأثير التغيرات المناخية على مستقبل الإنتاج الزراعي
ومن جانبه، قال الدكتور أسعد الصادق، رئيس محور دعم القرار بمركز معلومات مجلس الوزراء، إن المنتدى الفكري هو قناة التواصل الدائمة بين الحكومة والخبراء لمناقشة مختلف المستجدات المحلية والدولية، وأنه إيمانًا من المركز بأهمية القضايا البيئية وخطورة تأثيرات التغيرات المناخية على كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية على الساحتين الدولية والمحلية، فقد أنشأ المركز - ضمن هيكله التنظيمي – وحدة متخصصة لدراسات مخاطر تغير المناخ لتتولى بحث ودراسة تأثيرات التغيرات المناخية على مختلف القطاعات، وإدماج بُعد الاستدامة في السياسات العامة وفقًا للمواثيق والاتفاقيات البيئية والمناخية الدولية، وبناء وتوسيع الشراكات مع الشركاء الوطنيين والدوليين المعنيين بالعمل البيئي والمناخي، بالإضافة إلى مهمة التوعية المجتمعية بالممارسات البيئية المثل.
وأوضح الصادق أن موضوع هذه الجلسة هو تأثيرات التغيرات المناخية على مستقبل الإنتاج الزراعي؛ باعتباره واحدًا من أهم الموضوعات المُلحَّة ذات التأثير المباشر على الأمن الغذائي المصري، وتستعرض الجلسة التحديات ذات الصلة، مع تحليل عوامل القوة والضعف، والفرص، وتتناول سياسات الحد من مخاطر التغيرات المناخية، وأدوات تطوير المنظومة الزراعية للتكيف مع هذه التغيرات، وأيضًا أهم الآليات المستخدمة في هذا التطوير؛ كالزراعات المحمية وتطبيقات الزراعة الذكية مناخيًّا.
ثم تابع الحضور عرضًا تقديمًا لمدير وحدة دراسات مخاطر تغير المناخ بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، محمد حسان، تناول فيه التحديات المناخية التي تواجه قطاع الزراعة؛ من حيث ارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الآفات الزراعية، وتملح التربة، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير معدلات هطول الأمطار، وتكرار السيول وغير ذلك، وأن المخاطر تنطوي على تهديدات متزايدة ولكنها تحمل أيضا فرص كامنة.
كما استعرض أبرز تأثيرات التغيرات المناخية على إنتاجية بعض المحاصيل الزراعية، كما أبرز حسان جهود الدولة للحد من تأثيرات التغيرات المناخية على قطاع الزراعة من استراتيجيات، واتفاقيات، ومشروعات، ومبادرات، من أجل تحسين فرص مستقبل الإنتاج الزراعي في ظل تلك المخاطر.
في بداية الجلسة، استعرض الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق والأستاذ بجامعة عين شمس، التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع الزراعة مصر وأبرزها الزيادة السكانية بمعدلات كبيرة للغاية، ومظاهر التأثيرات المناخية؛ أولًا: زيادة درجة الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر وما يترتب على ذلك من تملح الأراضي بالدلتا، وهذا يتطلب حماية المناطق المعرضة للخطر، ثانيًا: عدم كفاية المياه للإنتاج الزراعي، وما يتطلبه ذلك من ضرورة تحديد الأولويات: ما نزرع وما نستورد، ثالثًا: زيادة الفاقد في الغذاء، والذي يتراوح بين نحو 20 – 50% عبر سلسلة خطوات حاصد ونقل وتخزين المحاصيل الزراعية، وقلة الصوامع، وهنا دعا إلى زيادة الصوامع لتصل سعتها الإجمالية إلى 9 مليون طن لتخزين المحاصيل المحلية بالأساس ثم المستوردة.
علاج آثار التغيرات المناخية
ولعلاج آثار التغيرات المناخية، دعا وزير الزراعة الأسبق إلى التوسع الزراعي؛ بزيادة المسطح المزروع أفقيًّا، بما يتناسب مع عدد السكان بالمحافظات، مع مراعاة اختيار محاصيل تناسب البيئة، كما في حالة النخيل مثلًا، وأيضًا المحاصيل ذات القيمة العالية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وأخيرًا المحاصيل الأقل في استخدام المياه، كما أوصى بتطوير الري الحقلي وفق نظم الري المتطورة، واستخدام المياه الجوفية، والتوسع في الزراعات المحمية بالاعتماد على الطاقة الشمسية؛ واعتبر ذلك من أهم وسائل علاج آثار التغيرات المناخية.
وأوصى أبو حديد بإنشاء أقسام فنية بكليات الزراعة بالجامعات المصرية لتوفير الكوادر البشرية اللازمة لمشروعات الزراعات المحمية، على أن تُتاح فرص مناسبة للتدريب بتطوير المادة العلمية لكتيبات التدريب والنشرات العلمية لتتماشى مع التكنولوجيات الحديثة، وذلك بمشاركة عدد من الخبراء كلٌ في تخصصه.
وقال اللواء جوي هشام طاحون، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن الهيئة لديها قاعدة بيانات جوية عريقة؛ تعود حتى مائتي عام مضت، وهي ذاكرة الطقس المصرية، وترصد التغيرات التي شهدتها مصر على مدى السنوات الماضية، وبالاعتماد على هذه القاعدة وبالعلم يمكننا التنبؤ بما نتوقع في المستقبل، ودور الهيئة هو تقديم المعلومة - بمعرفة المتخصصين - للجهات المختلفة، لتوظفها كل جهة وفق أهدافها.
ثم تابع الحضور عرضًا تقديميًّا من الهيئة العامة للأرصاد الجوية عن «حالة المناخ ونوبات الطقس الجامحة في مصر، ويتناول واقع ومستقبل مظاهر التغير المناخي بناءً على قاعدة البيانات المناخية لدى الهيئة، وتتمثل المظاهر في ارتفاع درجات الحرارة العظمى، وتكرار الأحداث المناخية المتطرفة، مثل السيول العنيفة، وأيضًا زيادة عدد الأيام شديدة الحرارة، ونقصان عدد الأيام الباردة، وانخفاض معدلات سقوط الأمطار في الشمال المُمطر، والعكس في الجنوب الجاف، وشمل العرض مجموعة من الأمثلة للأحداث المناخية الجامحة التي شهدتها مصر خلال العقد الأخير وما نجم عنها من خسائر بشرية ومادية، كما تناول العرض دراسة حالة لسيناريوهات تأثير التغيرات المناخية على إنتاجية محصول القمح في (5) محافظات هي: الغربية والقليوبية وكفر الشيخ والشرقية والبحيرة.
وباعتبار الزراعات المحمية من أهم وسائل علاج آثار التغيرات المناخية، تحدث اللواء أحمد رسمي، مدير عام الشركة الوطنية للزراعات المحمية بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، موضحًا أولًا أهداف الصوب الزراعية، وأبرزها: توفير غذاء صحي آمن لاستخدام المواطن المصري بالأساس، وأيضًا لتصدير المنتجات الزراعية بهدف زيادة الدخل القومي من العملة الصعبة، ثم أكد أن الصوب الزراعية من أهم وسائل الحد من تأثير التغيرات المناخية على المنتجات الزراعية، ولقد تنبهت القيادة السياسية مبكرًا لهذه الأمر، فكان الاتجاه للصوب الزراعية، وكانت الشركة الوطنية للزراعات المحمية.
وأكد اللواء أحمد رسمي أن قطاع الصوب الزراعية ذا مستقبل واعد للإنتاج؛ من حيث الكم والجودة، إذ يضمن زيادة المحصول، وبالتبعية زيادة التصدير، مع إنتاج الخضر في غير موسمها، وأيضًا تعظيم الاستفادة من وحدة المساحة ووحدة المياه، والأهم هو حماية الزراعات من الظروف الجوبة غير المواتية التي تؤثر على الحقول المكشوفة.