عمره قرن ونصف.. مسجد هلال بك المحترق بالدقهلية بين عراقة الماضي وركام الحاضر
على مدار قرن ونصف ظل مسجد هلال بك أحد أبرز المعالم الأثرية بمحافظة الدقهلية، تحفة كانت شاهدة على عراقة العمارة الإسلامية بزخارفها ونقوشها المتفردة، وقبلة جاذبة لمحبي التاريخ.
حريق يلتهم مسجدا أثريا بمحافظة الدقهلية
وبين ليلة وضحاها تحول مسجد "البيه" إلى كتلة من الرماد، وذلك جراء حريق مدمر شب داخله أتى على محتوياته بالكامل، وكشفت المعاينة الأولية أن السبب ماس كهربائي.
160 عامًا هو عمر المسجد المحترق، والذي يقع في ميدان البيه بقرية كوم النور التابعة لمركز ميت غمر، وأنشأ عام 1270 هـ / 1853 م على يد هلال منير بك، وكان والده عبدالله هلال من أعيان قرية كوم النور، وأحد أعضاء مجلس المشورة الذي أسسه وشكله محمد علي باشا في سنة 1245 هـ / 1829 م، وذلك حسبما أكد الباحث الأثري سامح الزهار.
وأضاف لـ القاهرة 24، أن المسجد مسجل ضمن المساجد ذات الطابع الأثري بقرار وزاري رقم 311 لسنة 2000، وذلك لما يتميز به من طابع معماري مميز؛ حيث شيد من الحجر الجيري، ويميل لونه للاصفرار.
وأوضح الزهار، أن مسجد البيه يشتمل على أربع واجهات، وذلك لأنه كان يتوسط ميدانًا كبيرًا بالقرية، إلا أن بعض المنشآت الحديثة قد زحفت على أجزاء كبيرة من واجهتين منها، موضحًا أن واجهته الرئيسية هي الواجهة الشمالية الغربية، ويبلغ طولها 22.20م.
مسجد البيه تحفة معمارية عمرها 160 عامًا
وأشار، إلى أن المدخل يتوسط الواجهة، ويزينه عقد ثلاثي ذو صدر بارز مزخرف بثلاثة صفوف من المقرنصات، يكتنفها دلايتان بارزتان وزخارف هندسية ونباتية بارزة.
وأكد الزهار، أن كتلة المدخل يتوسطها فتحة دخول اتساعها 1.53م وارتفاعها 2.90م، ويغلق عليها باب خشبي من مصراعين ذو زخارف قوامها أطباق نجمية سداسية، ويكتنف المدخل مكسلتان -مصطبتان-، ويعلو فتحة الدخول عتب حجري كسي بلوح رخامي، نُقش عليه نص تأسيس المسجد بالحفر البارز بخط الثلث، موضحًا أنه نص من الشعر ينتهي بحساب الجمل وتاريخ الإنشاء هلال بنى بيت الكريم وأنشأه.
كما أردف أن النص يعلوه نافذة مستطيلة غشيت بمصبعات حديدية على شكل المعينات، وتنتهي واجهة المسجد بكورنيش حجري بسيط وبارز، أما الواجهات الأخرى فهي من الحجر وبها زخارف، فيما عدا فتحات الشبابيك والنوافذ وفتحة باب تؤدي إلى داخل المسجد وملحقاته.
واستكمل الباحث في الآثار الإسلامية سامح الزهار وصف المسجدمن الداخل، حيث أوضح أنه عبارة عن مساحة مستطيلة وأرضيته من البلاطات الحجرية، أما سقفه فهو من الأنواع والعروق الخشبية الملونة، وقد زخرفت
أطراف العروق بزخارف نباتية بسيطة بارزة، ويتوسط السقف شخشيخة عبارة عن شكل هرمي.
وحسب الزهار، فإن مسجد البيه الأثري يشتمل على 3 بلاطات مقسمة بواسطة صفية من الأعمدة الرخامية،
كل صف عبارة عن 4 عقود تشير موازية الجدار القبلة، ويتوسط جدار القبلة المحراب.
كما لحقت به بعض التجديدات، وهو عبارة عن صينية بسيطة، ويكتنفه عمودان مخلقان، ويحيط به إطار حجري بارز، ويعلو المحراب قمرية، ويجاوره منبر من الخشب يتكون من قاعدة وباب مقدم على شكل الهودج ذو أربعة ضلف، وريشتين، ودرابزين، وجلسة خطيب يعلوها جوسق، وقد زخرف بأشكال الأطباق النجمية.
وأكد الزهار، أن المسجد توجد به دخلات بها فتحات الشبابيك، ويعلوها نوافذ ثم قمريات، كما يوجد دخلات استغلت كدولاب وكتبيات.
حريق مدمر وتحقيقات من وزارة الآثار
وعقب وقوع الحريق، أصدرت وزارة السياحة والآثار بيانًا أكدت خلاله تشكيل لجنة أثرية علمية هندسية من المجلس الأعلى للآثار؛ لاستكمال أعمال معاينة المسجد وحصر التلافيات، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لسرعة البدء في أعمال درء الخطورة، وذلك تمهيدا لإجراء أعمال الترميم اللازمة له.
وأوضحت، أن لجنة أثرية علمية هندسية من المجلس الأعلى للآثار، قد توجهت لمعاينة الأثر وحالته الإنشائية؛ حيث تبين تأثر السقف الخشبي للمسجد بالنيران، الذي تم وضعه حديثا خلال أعمال ترميم المسجد عام 2013، بالإضافة إلى تأثر الأبواب والشبابيك والمنبر الخاص به، مؤكدة أن التحقيقات لا زالت جارية للوقوف على أسباب الحريق، والمعاينة المبدئية تُشير إلى احتمالية نشوبه بسبب ماس كهربائي، دون وقوع إصابات أو خسائر بشرية.