حرب على شاطئ الفرات.. ماذا وراء المواجهات بين عشائر دير الزور وقسد شمالي سوريا؟
اشتباكات دامية اندلعت بين عشائر عربية في محافظة دير الزور السورية، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، والتي يمثل الأكراد عمودها الفقري، لم تهدأ نيرانها حتى اللحظة، مع تبادل الإعلان عن السيطرة على عدة قرى وبلدات على شاطئ نهر الفرات الذي يمثل فاصلا طبيعبيا بين المناطق التي يسيطر عليها ويديرها الأكراد، ومناطق النظام السوري.
اندلعت شرارة الاشتباكات، بعد اعتقال قسد، قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لها أحمد الخبيل (أبو خولة)، ثم عزله لاحقا بتهم مختلفة، ما دفع أنصار الأخير إلى الانتفاضة في وجه قسد، قبل أن يتحول الأمر إلى مواجهة بين عشيرة العكيدات التي ينتمي لها الخبيل، مع قسد.
ورغم انتماء مجلس دير الزور العسكري، وقائده الخبيل، إلى قسد إلا أن عناصر المجلس رفضت هذه الخطوة وأعلنت تمردها في وجه قسد، لتتسوع الاشتباكات وتدخل عشيرته على خط المواجهة.
وأوقفت قسد الخبيل، بداعي تجنيده نحو 1000 عنصر عشائري خاص، خارج تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية، حيث تتخوف قسد من تزايد نفوذ الخبيل.
وعقب اندلاع المواجهات فرضت القوى الأمنية التابعة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، حظر التجوال في ريف دير الزور، لاقتحام القرى والبلدات ضد الرافضين إقالة قائد مجلس دير الزور العسكري، وتوجهت قوات عسكرية ضخمة تابعة لقسد من الرقة إلى ريف دير الزور، فيما حشدت عشيرة العكيدات، أعدادا ضخمة هي الأخرى من أبنائها مع دعم من عشائر أخرى.
جذور الأزمة.. خلاف عربي كردي
ويقول عمر رحمون، المتحدث باسم المصالحة السورية، إن دير الزور هي منطقة عشائرية، وتاريخيا لم تستطيع أي قوى السيطرة عليها دون التنسيق على العشائر، ومؤخرا عندما احتلتها داعش، تمكن التحالف الدولي بالتعاون مع قسد من طرد داعش والسيطرة عليها، مشيرا إلى أن تواجد هذه القوات في المنطقة لم يرق للعشائر، رغم استقطاب قسد لبعض أبناء العشائر مثل أحمد الخبيل، الذي ترأس قيادة المجلس العسكري في دير الزور.
ويرى رحمون في تصريحاته لـ القاهرة 24، أن تعيين الخبيل، على رأس المجلس العسكري لدير الزور، كانت بمثابة إسكات للعشائر التي كانت ترى أنها لم تأخذ حقها في قيادة المنطقة والتمثيل في قوات قسد المسيطرة على المنطقة وإدارتها، فضلا عن ممارسات قسد بحق أبناء العشائر.
وأشعل الاشتباكات الأخيرة اعتقال قوات قسد للخبيل، المنتمي لقبيلة العكيدات المنتشرة في المنطقة، لتندلع بعدها انتفاضة عشائرية في وجه قوات قسد، وسيطرت القوات العشائرية على أكثر من 20 قرية وبلدة في ريف نهر الفرات الشمالي الشرقي، بحسب رحمون.
ودفعت هذه الاشتباكات إلى تصعيد عسكري من قبل مسلحي المعارضة السورية، حيث يحاول أبناء العشائر المتواجدين في صفوف المعارضة المسلحة، تشتيت قوات قسد والضغط عليها لتخفيف الضغط على منطقة دير الزور.
اشتباكات شمال سوريا إلى أين؟
وتشير تقارير سورية، إلى محاولات لتهدئة الأمور بين العشائر وقسد، سواء بوساطة من التحالف الدولي صاحب النفوذ في المنطقة والداعم لقسد، أو من خلال وجهاء عشائريين آخرين في المنطقة، لكن كل هذه الجهود حتى الآن باءت بالفشل.
وهدأت الاشتباكات لفترة قبل أن تعود بشراسة من جديد مع فشل محاولات التهدئة، وأسفرت حتى الآن عن مقتل العشرات من الجانبين.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفع عدد القتلى جراء الاشتباكات حتى أمس الأحد، إلى 23 قتيلا من عناصر قسد والمتعاونين معها، بالإضافة إلى 39 من المسلحين من أبناء العشائر، بالإضافة إلى مقتل 9 مدنيين بينهم 5 أطفال وسيدتين، وذلك خلال 8 أيام من الاشتباكات في عدة مناطق.
واتهمت القيادة العامة لـ قوات سوريا الديمقراطية، الحكومة السورية وإيران وروسيا بتحريض مسلحي العشائر في شرق البلاد، ونشر دعايات كاذبة في خصوص ما يجري في دير الزور، نافية أن تكون المواجهات الدائرة حاليا بمثابة حرب بينها وبين العشائر العربية، مشيرة إلى أن موقفها الدفاعي ثابت بحماية أبناء المنطقة ومواجهة محاولات الفتنة.