ذكرى وفاة خيري شلبي.. كيف تناول الريف المصري في رواياته؟
حلت اليوم ذكرى وفاة الكاتب الكبير خيري شلبي حيث توفي في مثل هذا اليوم 9 سبتمبر 2011 وهو من مواليد 31 يناير 1938 بقرية شباس عمير بمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ.
ذكرى وفاة خيري شلبي.. كيف تناول الريف المصري في رواياته؟
لخيري شلبي الكثير من المؤلفات الروائية وغير الروائية، وفي مؤلفاته الروائية يعتبر الريف المصري العمود الفقري للسرد في الكثير من الروايات التي رصدت الحياة فيه، واستطاعت نقل الواقع الاجتماعي بتفاصيله ومكوناته ومن بين الروايات؛ التي تناولت الريف؛ رواية الوتد للكاتب الكبير خيري شلبي.
تنقل رواية الوتد واقع العلاقات الاجتماعية في القرية، من خلال بيت الحاج فاطمة تعلبة وأبنائها، باعتبارها الأم التي تمثل عمود العائلة، فنجدها في علاقاتها بأبنائها تحكم السيطرة عليهم في شكل ظاهره التسلط، لكن باطنه الرأفة، وجمع الشمل بين أبنائها، وهو ما يسمى الماتريركية الحميدة، فإن نزعة التسلط فيها إيجابيات وضرورات تستدعي ذلك، حتى لا ينفرط عقد الأسرة.
وفي سبيل الحفاظ على البيت مترابطًا؛ نجد الحاجة فاطمة تعلبة، هي من تختار لأبنائها زوجاتهم بعين بصيرة، كما أنها تعرف أين ومتى تنفق أموالها؟، وكيف تُمرّن أبناءها الصغار على احترام أخاهم الأكبر درويش؟، ونرى شدتها عندما يتطلب الأمر ذلك، وعندما يتمرد أحد الأبناء على أخيه الأكبر، ويتطلب الانفصال عن بيت العائلة؛ تنهال الحاجة فاطمة تعلبة بالتعنيف حتى لا ينفرط عقد العائلة، بل وتُقرر طرده من منزلها، وتظل الحاجة فاطمة، هي الوتد الذي يربط الأسرة الواحدة.
ورواية السنيورة استطاعت أن تصور عالم الفلاح ومعاناته المعيشية تنقل لنا الرواية عالمًا مليئًا بالوجع والمرارة من خلال تصوير ما يعانيه الفلاحون العاملون في وسية باشا يُسمى محمد علي أيام حكم الملك فؤاد، حيث يتسابق الفلاحون في استعراض مهاراتهم أمام السنيوة زوجة ناظر التفتيش لتختار من بينهم من يعمل سائسا لبغلة التفتيش مقابل مبلغ شهري.
وعلى الرغم من أن من يعمل في خدمة بغلة التفتيش يكون نهايته العثور عليه مقتولًا ومنهم ابن بسيونية الذي عثر عليه مقطوع الرأس في المصرف، لكن ذلك لا يمنع الشباب من الحلم بالعمل في خدمة البغلة، لأنها توفر لها حياة أفضل إلى الحد الذي يجعل الرجال يرقصون أمام السنيورة ليقع عليهم الاختيار وخدمة البغلة.
ومن تقنيات السرد في هذه الرواية أن الكاتب جعل الرواية يرويها 7 رواة لينقلوا لنا الأحداث من وجهة نظر كل واحد فيهم.
وفي رواية الأوباش تدور الأحداث حول عمال التراحيل، وحسب الدكتور محمد حسن عبد الله في كتابه الريف في الرواية العربية، فإن رواية الأوباش لخيري شلبي تشكيل ملحمي شعبي يروي فيه حكاية قرية في شمالي الدلتا عام 1950، وقد نزل إليها الغرابوة، وقد أطلقت نفس التسمية في رواية الحرام ليوسف إدريس من قبل، واستحقوا ازدراء أهالي القرية وضربات عصيهم أيضا، وتجنبهم كما كان الأمر في الحرام من قبل.
ويضيف محمد حسن عبد الله: الغرابوة في رواية خيري شلبي مهانون محقرون، يفرحون بالمبيت في إسطبل الوسية، فهو خير من النوم على قارعة الطريق وفوق الأشجار، ولكن تدبيرا غير محكم يسوق أهالي القرية ذاتها إلى مبيت جماعي في الإسطبل، فيقع عراك يكون فيه الغرابوة أصحاب الهزيمة بالطبع، فليس من حق هؤلاء الغرباء أن يرفعوا صوتا أو عصا، وهكذا يدفعهم الأهالي عن المواقع الجيدة قرب منافذ الإسطبل، ولكن التقارب سيحدث بين تلميذ يسمى طلعت، نفر في الترحيلة، وصبي راغب في تعلم القراءة من أهل القرية وبعد قليل سيتم تقارب آخر من خلال العمل بين الأعرج ودياب، وستكون الشكوى هي اللغة المشتركة، فكلهم ضحايا.
ويضيف محمد حسن عبد الله: في أول الرواية قتيل من أهل القرية سيكشف عن فساد إدارة القرية، وإدارة التفتيش معا، ما بين أكل عرق الأجراء، وتجارة المخدرات، وفي آخرها عدد من قتلى الغرابوة الذين انفجروا تحت قسوة الظلم والقمع، فقرر بعضهم التصدي ودفع حياته ثمنا لوقفته، ومعه عدد آخر، إن الرواية بين الواقع والكابوس، وهي تنتهي بفاجعة ليس الموت أسوأ ما تمثله، فقد كان الأحياء من الغرابوة عاجزين عن التصرف لا يعرفون ما يصنعون في جثث قتلاهم، كان الإسطبل مفتوحا ومع هذا لم يجسر أحد على مغادرته، وحين أشارت عليهم امرأة عجوز بضرورة دفن الموتى تصدى لهم أهل القرية، يحمي كل منهم مقبرته، فكان الحل في مقبرة جماعية هي أخدود لا يملكه أحد، وهنا يكون الموت نتيجة الوعي، وليس سببا فيه، كما أرادت رواية «الحرام»، على أن ختام الرواية يحمل مسحة أمل، في فرار «طلعت» وعودته إلى قريته.