تجربة زلزال المغرب.. لحظات لا تُنسى

ضمن برنامج معد من عدة أشهر لإلقاء محاضرات عن ريادة الأعمال بمملكة المغرب وكانت البداية بمدينة مراكش، متحمسًا لتجهيز آخر أوراق المحاضرة عن أسرار عالم ريادة الأعمال وتطوير المهارات الشخصية لحديثي التخرج وطلبة الجامعات المغربية، كانت ليلة هادئة بعد رحلة سفر طويلة ولم أكن أتوقع أن تأخذ تلك الرحلة منعطفًا مأساويًا يعيد تشكيل طريقة نظري للحياة.

في غضون الساعة الحادية عشرة مساءً وإحدى عشرة دقيقة، تغير كل شيء، شعرت بهزة أرضية عنيفة، ترافقت مع صوت مرعب لتمزق الأعمدة والجدران من حولي، كان الزلزال يتحدث بلغة الدمار، معلنًا عن نفسه بقوة لا توصف.

الشوارع التي كانت هادئة قبل لحظات أصبحت فجأة مسرحًا لتجربة غير مسبوقة، هرولت سريعًا، بينما كان الأهالي، الكبار والصغار والمسنون، يجتمعون في حالة من الفزع. كان الجميع يبحث عن مأوى آمن أو يحاول فقط فهم ما يحدث.

وفي تلك الفوضى، شاءت الأقدار أن يصاب أحد المساعدين معنا بكسر مضاعف جراء التدافع على السلالم لإخلاء الفندق، لم يكن لدينا وقت للتفكير، فقط حس الواجب دفعنا لنقله بسرعة إلى أقرب مستشفى، الطريق للمستشفى لم يستغرق دقائق مرت على سنين طويلة، رأت عيناي فيها رعب المواطنين والسياح.

المشهد الذي وجدته هناك لا يمكن وصفه، رائحة الدم التي لا تزال أشمها حتى الآن، والألم الذي شاهدته في عيون الناس، ممن فقدوا أحبائهم أو تعرضوا لإصابات بالغة لا تفارقني.

وفي وسط هذا الدمار، ما شد انتباهي حقًا كان تضافر الجهود الأمنية والطبية والحكومية، كانوا يعملون معًا كخلية نحل منظمة، قررت أن تتحدى الكارثة وتعمل في صمت لإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه.

لن أنسى الدعم والرعاية التي قدمها فريق الأطقم الطبية بمراكش، وكيف أظهروا الشجاعة والاحترافية في تلك اللحظات الصعبة، تحية حب وتقدير لهم.

وكيف لي أن أغفل دور الحكومة المغربية والقيادة الرشيدة لسيدي الملك محمد السادس وولي عهده حسن الثالث، اللذين شكلا نموذجًا من الدعم والاهتمام بشعبهم.

وأخيرًا، أسأل الله العظيم أن يرحم شهداء المغرب، وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان، وأن يرفع عن بلادنا البلاء ويحفظنا من كل سوء.