فيروس الفراغ
تعيش البشرية في عصر مليء بالتحديات الكثيرة، يتعين على الإنسان أن يكون على اتصال دائم مع العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي..
ونتيجة لذلك فإن ذلك الإنسان يتعرض إلى موجة من المعلومات والانبعاثات السلبية التي قد تؤثر على عقله وعواطفه، وفي هذا السياق يبدأ العقل يتلاشى شيئا فشيئا حتى يبقى فارغا لا نفع منه.
وعندما يتراكم الفراغ في داخلنا يأخذنا ذلك الشعور في رحلة طويلة تجعلنا نتساءل عن معنى الحياة وهدفنا في هذا العالم، تتدهور علاقاتنا الاجتماعية وتصبح مشحونة بالتوتر والصراعات، نجد أنفسنا محاطين بالهواجس والأفكار السلبية التي تطغى على تفكيرنا وتؤثر على صحتنا العقلية والجسدية.
فعندما يصاب الإنسان بهذا الفيروس، يلاحظ تأثيره السلبي على علاقاته الاجتماعية. تنعدم الراحة في التعامل مع الآخرين، ويميل إلى انعزال نفسه وتفادي الاتصال الاجتماعي. ينمو الشعور بالوحدة والعزلة، مما يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية والانفصال عن المجتمع.
وعلى ذكر العلاقات الاجتماعية ومدى تدهورها أريد أن أقول:
لا يمكن لأي إنسان أن يسترد قيمته من خلال ردوده السيئة وأفعاله القبيحة، بل يسترد قيمته من خلال تصرفه بحكمة ناتجة عن أخلاقه الطيبة.
عندما يكون الإنسان واعيًا لتأثيرات فيروس الفراغ ويسعى للتغلب عليه، يكتشف أن الحل ليس في الانغماس في التفكير السلبي والتصرفات الضارة، بل في تعامله بحكمة يجملها بأخلاقه التي نشأنا عليها.
ولذلك فإن تصرفات الإنسان وردود أفعاله تعكس حقيقته وقيمه الداخلية، فإذا كان مصابًا بفيروس الفراغ ويعاني من الشعور بالإحباط والغضب، قد يميل إلى الاستجابة بطرق سلبية وعدوانية، وحينها يجب أن يعلم أن هذا النهج لن يعيد له قيمته المفقوده.
وإذا كان مسالما يتصرف بحكمة فلا شك أنه يأخذ من صفة سيدنا صلى الله عليه وسلم "يسبق حلمه غضبه"، لأن القوة الحقيقية تتمثل في رحمتك بالآخرين من رقة في القلب ولين الجانب والعفو عند المقدرة ومنح الحب والخير لجميع الخلق حتى مع قسوة الحياة.
أما القوة الزائفة هي أن تنتصر لأنا الذات غير مبال لما سوف يحدث للآخرين من ضرر معنوي أو مادي، وهو ما أخبرنا عنه صلى الله عليه وسلم أنه إذا خاصم فجر، فالقلوب العمياء تودي بصاحبها إلى الهلاك.
ومع ذلك، عندما يجد الشخص شغفا حقيقيا ويشغل نفسه بشيء نافع ومفيد، تتبدل الأحوال تماما.. يتلاشى الفراغ الداخلي وتتحسن علاقاته الاجتماعية، ويهدأ التوتر وتنجلي الصراعات.. يشعر بالرضا عن نفسه ويكتسب الثقة في قدراته وإمكاناته، بل ويبدأ في تطويرها واكتساب معرفة جديدة.
أخيرا..
إذا كنت تشعر بالفراغ الداخلي وتلاحظ توتر علاقاتك الاجتماعية وزيادة الهواجس والأفكار السلبية، فقد حان الوقت للتفكير في السبب والعمل على حله.
ابحث عن شغف حقيقي وساهم في شيء مفيد ومعنوي، وتذكر أن حياتك تكتسب معنى عندما تكون مشغولًا بأمور حقيقية ومفيدة.
اكتشف قدراتك، واستثمر في نفسك، وتواصل مع الآخرين بإيجابية،واشغل نفسك بما ينفعك في أمور دينك وشئون دنياك، حينها تجد أن الفراغ الذي كان يملأ حياتك يتحول إلى إشباع لرغباتك وتحقيق لأهدافك، وحينها تستعيد قوتك وسعادتك.