عيني على أهل كايرو.. التأثير المصيري لـ تذكرة قاهرة المعز على شخصيات الأعمال الفنية |تقرير
هوّن يا ليل غربتنا.. وابعد يا ليل فرقتنا.. أحيانا كثيرة يكون المرء مسيرا وليس مخيرا، تضطره الظروف من حوله على خوض تجارب عديدة ليس لديه رفاهية رفضها، تُقلعه من بيئته الآمنة، وتُذهبه لأماكن جديدة وشخوص ووجوه لا يعرف منها أحد، وعلى الأرجح تكون دائما قاهرة المعز هي الأم الحاضنة لهؤلاء المضطرين المغتربين، تحتضنهم بنيلها وبوسع أرجائها، بشوارعها الملطخة بروائح الزحام والأنفس البشرية مهولة الأعداد، وتختلف الغاية والوسيلة واحدة، أي أن تختلف أسباب اللجوء لها من شخص لآخر، ولكن بالنهاية دائما يجتمعون على شيء واحد وهو.. أن القاهرة منورة بأهلها.
وتناولت العديد من الأعمال الفنية السينمائية والدرامية، شخصيات هجروا موطنهم ومسقط رؤوسهم، وجاؤوا إلى المدينة الحاضنة لـ مقامات السيدة زينب والسيدة نفسية، وغيرها من الأحياء الأثرية، قاصدين أبواب فرص التعليم والعمل، لتأخذهم لعوالم خفية، ومصائر لم تخطر على بالهم، تفعل بحياتهم الكثير من الأحداث الشيقة، السارة وغير السارة، تغيّر حالهم من حال إلى حال، لينتهي الحال بكل شخص طرق أبوابها، إلى مصائر متعددة ومختلفة، فحقًا.. وكما قالها حسين الجسمي.. عيني على أهل كايرو.
وتزامنًا مع عرض فيلم 19 ب، بطولة الفنان سيد رجب وأحمد خالد صالح، عبر منصة شاهد منذ أيام قليلة، في عرضه الأول بعد السينمات، نتناول في السطور التالية، أبرز الشخصيات في الأعمال الفنية، التي تغيرت أحوالهم ومصائرهم، عندما هجروا مواطنهم وخطوا خطواتهم الأولى في العاصمة.
تذكرة خط القاهرة السويس التي أغلقت صفحة مهاب من كتاب الحياة الدنيا
مهاب ابن السويس، صاحب العين السينمائية والصور الأيقونية، من أُقيمت علاقة استثنائية بين أصابعه وبين كاميرته الخاصة، فيقرر مهاب -محمد حاتم-، في مسلسل منورة بأهلها، ترك موطنه ووالدته، والذهاب للقاهرة للالتحاق بفرصة عمل جديدة، كمصور فوتوجرافي في إحدى المجلات، ولم يكن يعلم أنه كان يقطع تذكرة دخوله كجثة هامدة للمشرحة، وليست مجرد تذكرة لأتوبيس القاهرة السيوس؛ حيث تحولت حياة مهاب من شيء لشيء آخر، عندما تعرف في القاهرة على أفسد الأشخاص وجودًا، وأجبروه على العمل معه في أعمال مشبوهة وغير مشروعة، وعندما قضى معهم عدة سنوات، طفح كيله وقرر تركهم، ولكن كانت نهاية هذا القرار الشهم والمتهور.. الترك الأبدي، لتغلق القاهرة صفحة مهاب من كتاب الحياة الدنيا.
انتِي بالعة راجل؟.. بنت البلد البورسعيدية القاهرية
بورسعيد واللي منها.. بيبو -منة شلبي-، وفي رواية أخرى عبير، الطبّالة صاحبة الشغف الكبير، البنت اللي ب 100 راجل، في فيلم بيبو وبشير، التي قررت هجر الجميع والسعي وراء حلمها في القاهرة، لتذهب بالفعل وتواجه جميع التحديات التي تقابلها، حتى استطاعت بعد معاناة وخوض حرب السماسرة، العثور على شقة تمكث بها، وربما كانت جميع تخيلاتها عن مِن ستقابله في هذه الشقة، هو البرص أو الفار وغيرهم من الحيوانات الزاحفة السكان الأصليين للشقق المفروشة، ولكن تخطى الأمر سقف التخيلات هذا، وقابلت بشير -آسر ياسين-، الرجل الوحيد الذي كانت تعود لطبيعتها الأنثوية معه، بدلًا من ثوب التعامل الرجالي التي كانت تتعامل به مع الجميع منذ مجيئها لهذه المدينة، حتى أن كان مع بشير الحق كله عندما قال لها في بداية تعارفهما “انتي بالعة راجل؟”، وبذلك حوّلت القاهرة حياة بيبو من شيء لشيء.. بل لـ أجمل شيء، وعلاقة حب تُضرب بها الأمثال.
تذكرة ذهاب وعودة.. حوّلها القدر لـ بلا عودة
نجوى المنياوية -غادة عادل-، في فيلم في شقة مصر الجديدة، التي كانت تخجل من خيالها -ليس مجازًا-؛ وذلك لأنها عاشت طوال حياتها من مدرستها للمنزل والعكس صحيح، حتى أن كبرت وعملت مُعلمة بالمدرسة نفسها التي التحقت بها في صغرها، لتظل منها للمنزل.. والعكس صحيح.. لا جديد في حياتها، إلى أن جاءت لها فرصة الذهاب للقاهرة لأول مرة بحياتها، في رحلة مدرسية مع طالباتها، وهنا هي بالفعل حجزت تذكرة ذهاب وعودة للمنيا ولم تكن تخطط للمكوث هناك كباقي الشخصيات.. ولكن كان للقدر رأي آخر، حيث فاتها القطار العائد للمنيا، لتضطر للبقاء في سكن طالبات، ويوم بعد يوم.. تزداد المفاجآت والأحداث بحياتها.. وكل مرة يمنعها القدر بطرقه الخاصة من العودة إلى المنيا، حتى نجحت الخطة.. وجعلها تقابل حب الحياة.. يحيى-خالد أبو النجا-، لتجد معه ترجمة لكل أغاني الحب والعشق التي حفظتها عن ظهر قلب منذ صغرها.
السايس المهاجم والمدافع الأول عن نفسه
نصر -أحمد خالد صالح- في فيلم 19 ب، السايس صاحب الأصول المنياوية، الذي أجبرته الظروف على العمل بالقاهرة مع والده، ثم سُجن بها 3 سنوات ظلم حسب قوله، وخرج شاب فارد عضلاته، فعّل وضع المهاجمة؛ حيث يتعامل مع الجميع بسوء نية ويهاجمهم قبل أن يفهم الأمر بوضوح، في محاولة دفاع مسبق عن نفسه، بعدما تعرض لهذا الظلم بحياته، وأصبح شخصا مؤذيا لمن حوله، ولم يعد أمامه اختيار العودة لموطنه، حتى ولو كان يتألم من أشواك المدينة الماكث بها؛ لأن حياته وإن كانت تعيسة، أصبحت بين حيطان هذا الشارع الذي يعمل به، وهؤلاء السكان الذي يخدمهم هم وسياراتهم.