أمير الصحافة والخبر الكاذب
أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرًا واحدا كاذبًا.. منذ خطواتي الأولى العثرة في هذه المهنة ولا تغيب عن ذهني هذه المقولة التي قرأتها من ضمن أقوال أمير الصحافة ودنجوانها الأستاذ الراحل محمد التابعي ومآثره.
اليوم وقد اختلطت الأشياء ببعضها.. وتاهت المعالم والملامح وعمل في مهنة صاحبة الجلالة السامية دخلاء لا يعرفون قدرها.. ولا يجلون رسالتها ولا يقدرون شرف الكلمة وما تعنيه.
اليوم وقد صار المواطن صحافيا ومراسلا وإعلاميا.. يفتح البلوجرز والتيكتوكر واليوتيوبرز منصات وحسابات حبلى بالفيديوهات والمعلومات المغلوطة والمشوشة وغير المدققة لتحقيق الأرباح والانتشار على حساب الأصل والحق فضلا عن كثرة الجروبات والصفحات والحسابات التي تنقل بلا وعي وتنشر دون ضمير وتكتب بلا أي تدقيق.
تاهت المعلومة الأصلية وتقلص دور الحقيقة و"اتسرسب" من بين أيدينا هذا الكم من الزيف والشائعات.. وما ساهم في انكماش المعلومات المدققة أو عدم انتشارها لصالح الشائعات اتخاذها مكانة رد الفعل بدلا من الأسبقية والسيطرة، كما أن الأزمات والأحداث جو ملائم لانتشارالمزاعم والأكاذيب، فضلا عن عدم دراية من يملكون المعلومة الدقيقة والصحيحة في توظيفها وسرعة نشرها وإطلاقها لتسود، وأُضعفت كذلك حينما آثر القابضون عليها الاحتفاظ بها وإخفاءها.
من أهم الأسباب في رأيي لانتشار الأكاذيب هي تلك اللجان وآلة التشويه التي تعمل ليل نهار على ترويج الشائعات، ولا تدع واردة ولا شاردة إلا شككت وزيفت وخرّبت مضمونها وهدفها.. كما تضاءل أصحاب الجوهر والمضمون لصالح تضخم ذوي الشكل والمظهر.
كل هذه العوامل وغيرها أدت لانتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات الزائفة، وخلقت جوا مناسبا لبكتيريا الموضوعات المغلوطة وكثرت الأخطاء في مهنة سامية تعثرت معها رسالة أساسها التصويب وجوهرها التوجيه وهدفها التثقيف ونشر الوعي.
لا ألوم المهنة ولا ممتهنيها ولكن لومي أشد على العوامل التي أثرت فيها وعليها وطغت على صناعتها وضيعت توهجها وبريقها ومن سمح لها، وإن كان لحلمي بقية ولرسالتي بريق سيظل يواصل اللمعان.