ندوة بآداب عين شمس تتناول حكاية 40 خبيرا مصريا في العبرية لاحقتهم الاستخبارات الإسرائيلية | صور
نظَّم قسم اللغة العبرية وآدابها بكلية الآداب جامعة عين شمس، ندوة تثقيفية بعنوان حرب أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية برعاية الدكتور حنان كامل متولي عميدة كلية الآداب جامعة عين شمس، والدكتور سامية جمعة رئيس قسم اللغة العبرية، وحاضر فيها كل من: الدكتور محمد عبود مدرس الأدب العبري الحديث والمعاصر بقسم اللغة العبرية، والدكتور عمرو علام وكيل كلية الآداب جامعة المنوفية، وأستاذ الأدب العبري الحديث والمعاصر.
بدأت الندوة بعرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي ترجمها الدكتور محمد عبود، وتعكس بطولات الجنود المصريين في حرب أكتوبر على لسان القادة والضباط والجنود الإسرائيليين، وتبين حجم الانتصار المصري في الوثائق المرئية والمسموعة.
افتتحت الدكتورة حنان كامل متولي الندوة بكلمة عن الجيش المصري الباسل، الذي ضحى بكل غالي ونفيس من أجل الوطن على مرّ السنين، واستعرضت أهمية الأمن والأمان الذي نعيش فيه بفضل جيشنا الباسل. وأكد الدكتور محمد إبراهيم حسن وكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب، في كلمته على أهمية هذه الندوة التي تكشف أسرار جديدة عن حرب أكتوبر بالاعتماد على قسم اللغة العبرية بآداب عين شمس الذي يلعب دورا استراتيجيًا في تغطية الأحداث الراهنة ومتابعتها، وإمداد صانع القرار بكل ما يحتاج معرفته عن المجتمع الإسرائيلي
ورحبت الدكتورة سامية جمعة رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها بكلية الآداب جامعة عين شمس بالحضور، وشكرت القائمين على تنظيم الندوة، وأشارت إلى أهمية الندوة في توثيق الهزيمة الإسرائيلية، التي لم تحاول إسرائيل التهرب منها تارة باستخدام مصطلح التقصير، وتارة بالإنكار التام لما جرى في حرب أكتوبر.
في بداية كلمته أكد الدكتور محمد عبود أنه في مثل هذا اليوم قبل 50 عاما، كانت القوات المسلحة المصرية ثبتت أقدامها في الضفة الشرقية لقناة السويس، وفي يوم 10 أكتوبر 1973، كانت حصون خط بارليف في أيدي أبطالنا المصريين، والأعلام المصرية ترفرف فوق سيناء. وعلى الجانب الآخر تكشف الوثائق الإسرائيلية أن وزير الدفاع موشيه ديان أصيب بانهيار نفسي، ودخل في حالة اكتئاب. وبدأ يستعد لمخاطبة الإسرائيليين عبر شاشات التليفزيون، وكشف حقيقة الموقف على جبهة سيناء والجولان، لولا أن رئيسة الوزراء جولدا مئير منعته من الظهور التليفزيوني، وفقا للوثائق العبرية التي كشفها الأرشيف الإسرائيلي في ذكرى حرب أكتوبر.
وأشار عبود إلى أن الهزيمة الإسرائيلية المروعة تسبب في دفع جولدا مائير للتفكير في الانتحار خوفا من وصول المصريين إلى تل أبيب، وتسببت في زلزال هائل في المجتمع الإسرائيلي.
واستعرض الدكتور عبود بعض الوثائق العبرية خاصة وثيقة اجتماع مشاورات الحكومة الإسرائيلية يوم 7 أكتوبر، والذي قال فيه ديان لمجلس الوزراء: أقترح إخلاء خط بارليف، وإذا قرر جنودنا هناك الاستسلام فليستسلموا للمصريين، هناك مئات الدبابات المصرية عبرت إلى الضفة الشرقية، خط قناة السويس ميئوس منه، لم أقدر قوة العدو جيدا، إن العرب يقاتلون بشكل أفضل بكثير من ذي قبل.
وأكد ديان في الوثيقة نفسها أن المواقع الإسرائيلية فقدت الاتصال ببعضها بعضا، والمواقع المتصلة بالقيادة العامة لا تتوقف عن إرسال الاستغاثات دون أن تتمكن إسرائيل من مساعدتهم، لأن القوات التي ستتقدم ستلقى المصير نفسه، وأشار ديان إلى أن الطريق لتل أبيب مفتوح أمام المصريين لو لم يتم التدخل الأمريكي.
كما استعرض عبود التحقيقات مع جولدا مائير أمام لجنة أجرانات التي اعترفت فيها بأن الرئيس السادات نجح في خداع إسرائيل، وشل حركة الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من مرة عبر التلويح بالحرب، وعندما تجهز الجيش المصري للعبور في 6 أكتوبر، ظنت جولدا وحكومتها أن الأمر لا يعدو كونه تهديدا. وقالت جولدا في شهادتها أمام أجرانات: اليوم يجب أن نطلب المعذرة من الرئيس السادات!
وكشف الدكتور محمد عبود عن الدور الكبير الذي لعبه 40 من خبراء وخريجي قسم اللغة العبرية أثناء حرب أكتوبر عبر ترجمة الخريطة الشفرية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي للتحكم في سيناء، واستخدام هذه الخريطة لاحقا في تعقب القادة العسكريين الإسرائيليين، وقتل عدد كبير منهم في مقدمتهم اللواء أفراهام مندلر قائد فرقة سيناء، وأكبر رتبة إسرائيلية قتلت في الحروب الإسرائيلية حتى اليوم.
وأوضح أن الاستخبارات الإسرائيلية جمعت معلومات عن هؤلاء الخبراء المتخصصين في العبرية من الأسرى الإسرائيليين الذين عادوا إلى تل أبيب بعد الحرب.
وكشف عبود عن قيام خبراء العبرية المصريين باستجواب الأسرى الإسرائيليين بعد الحرب، ونقل إجاباتهم إلى العربية لقيادات الجيش المصري الأمر الذي أسهم في جمع معلومات خطيرة عن الجيش الإسرائيلي أفراده وعتاده وتشكيلات قواته.
وفي كلمته، بدأ الدكتور عمرو علام بشكر الحضور، ثم أشار إلى أهمية هذه الوثائق وطبيعتها، حيث تعتبر الوثيقة بمثابة شهادة دامغة لا شك فيها، وتلك الوثائق المكتوبة باللغة العبرية توثق بشكل حقيقي لأحداث حرب أكتوبر، قام بترجمة هذه الوثائق مجموعة من المترجمين على مدار سنوات عديدة، أثمر عن هذا العمل المضني آلاف الصفحات التي تصدر تباعًا عن المركز القومي للترجمة، نشرت هذه الوثائق لأول مرة عام 2013، واستمرت في الظهور حتى عام 2015م، وهي نتاج لجنة اجرانات التي حققت في هزيمة إسرائيل في حرب السادس من اكتوبر، من أهم توصيات لجنة اجرانات مجلس الوزراء المصغر الكابينت الذي يجتمع فيه الوزراء المسئولين عن الأمن القومي لإسرائيل في حال تعرض إسرائيل للخطر، وقد كشفت الوثائق عن موقع تصنت في سيناء كانت إسرائيل تتجسس من خلاله على الجيش المصري، والذي قام الجيش المصري بتدميره مما أربك الجيش الإسرائيلي، أشار أيضًا إلى الصعوبات التي واجهت الفريق في الارجمة، حيث كانت إسرائيل تستخدم اختصارات لأسماء القادة والمواقع، غير مفهومة بهدف التضليل، وكيف عكف الفريق المصري على ترجمة تلك الاختصارات ولم يدخر جهدًا في فك تلك الرموز حتى تتضح الرؤية في ترجمة تلك الوثائق، كشفت تلك الوثائق عن عمليات غير أخلاقية تمت داخل الجيش الإسرائيلي، وإهمال من أفراد الجيش الإسرائيلي ساهم على هزيمة إسرائيل في الحرب،وقد ناقشت هذه الوثائق أيضًا مسألة الثغرة التي أُطلق عليها باللغة العبرية الفخ، والمقصود بها استغاثة قادة إسرائيل بأمريكا ظنًا منهم بأن إسرائيل ستتم إبادتها تمامًا، وكيف تدخلت أمريكا الممثلة وقتها بزيارة كسينجر لمصر والذي تدخل لدعم إسرائيل، فأملى الرئيس محمد أنور السادات شروطه عليه، وأشار د.عمرو على عبقرية الجيش المصري في التعامل مع تلك الثغرة، وكيف وظف الجيش المصري تلك الثغرة لخدمة مصر
وأشار لما يسمي بعجز النصر، الذي يتمثل في شعور إسرائيل بالعجز حتى في أوقات انتصارها، وكشف عن أهمية هذه الوثائق في دحض الادعاءات الكاذبة التي تشكك في نصر اكتوبر، فقد مثلت حرب أكتوبر 1973 كارثة على إسرائيل بكل المقاييس، والتي كادت تطيح بهذا الكيان الفاسد، وأثبتت أن لا قوة تقف أمام الجيش المصري والجندي المصري الذي يُقاتل بكل ما يستطيع من قوة لنصرة وطنه، والذي دخل الحرب بمبدأ روحي فداء لوطني، وقد ربط بين ما حدث في اكتوبر بما يحدث الآن في غزة والذي يُعرف بطوفان الأقصى، حيث أن الكتابات العبرية في الصحف الإسرائيلية تشير بشكل واضح لهزيمتهم في حرب اكتوبر، وتربط بينها وبين الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية والذي وصفته الصحف الإسرائيلية بأبشع وأسوء هجوم تتعرض له إسرائيل منذ حرب أكتوبر عام 1973، وانه أخطر فشل امنى عسكري إسرائيلي منذ حرب 1973، وقد عقد أحد الصحفيين الإسرائيليين مقارنة بين الهزيمة والإذلال بين أحداث 1973 و2023، وأن ما حدث في إسرائيل الآن أمر جلل سيظل في الذاكرة كهزيمة أمنية وعسكرية.
وأشارت الصحافة الإسرائيلية إلى أن الجيش الإسرائيلي يأخذ العبرة من حرب أكتوبر 1973، وفي نهاية حديثه دعى الباحثين والطلاب في مجال اللغة العبرية باستلهام الدروس من هذه الوثائق كما دعى خبراء علم النفس والاجتماع بدراسة تلك الترجمات للوقوف على السمات النفسية والاجتماعية للجيش الإسرائيلي، كما شكر قسم اللغة العبرية وآدابها بكلية الآداب جامعة عين شمس على تنظيم تلك الندوة، وجدد شكر كل الحضور الكرام.