رحل أبونا سمعان.. كاهن القلوب ومنطقة المقطم
عندما أعلن القمص بطرس رشدي كاهن دير وكنيسة القديس سمعان الخراز بمنطقة المقطم، خبر انتقال أبونا القمص سمعان إبراهيم كاهن الكنيسة ومؤسسها ومؤسس الخدمة بالمنطقة هناك، مرت أمام عيني لقطات لا أنساها لذلك الرجل البار والذي ظل يخدم كنيسته وشعبه بأمانة إلى آخر لحظات حياته.
أتذكرعندما رأيت منذ سنوات فيلمًا كان يسرد عن بداية خدمة أبونا سمعان قبل الكهنوت في منطقة الزرائب بالمقطم، وكيف استطاع أن يجذب النفوس الضالة لحضن الكنيسة ويقربهم إلى الله رغم انتشار الخطية وانتشار الجريمة في تلك المنطقة حين ذاك.
أتذكر ذلك الفيلم وكأنني شاهدته الآن، عندما تبع رسالة الله له، بمجرد أن قرأ آية مكتوبة في ورقة كانت تتطاير ليلتقطها ويجد فيه رسالة سمائية موجهة له، ليكمل في خدمته دون خوف أو تردد من أي أحد في تلك المنطقة، لكن ظلت عينيه على خدمته وعلى الله الذي أوكل إليه تلك الخدمة، فتاجر بوزناته بكل أمانة وجنى ثمرات خدمته بأنه جذب نفوسًا كثيرة لله وضالين كثيرين عادوا لأحضان الكنيسة، ومحبته وخدمته غيرت في نفوس كانت تسكنها الخطية والجريمة والشهوة.
أتذكر أنه حتى رغم كبر سنه أو تعبه، ظل يخدم بأمانة ويفتقد شعبه بكل محبة وبإخلاص كراعٍ صالح يسعى في طلب الضال دون تردد أو تراخي، بل بكل أبوة صادقة وخدمة حقيقية، إذ كنت أجد له فيديوهات وسط القهاوي يجلس وسط الناس ويعظهم عن الله والرجاء والإيمان!
كانت خدمته خدمة حقيقية، خدمة كما أوصى السيد المسيح -له كل المجد- أن تكون بأمانة وبمحبة دون رفض لأي إنسان، فالخادم الحقيقي هو من يكره الخطية، ولكن لا يكره الخاطي، بل يساعده ويدعمه حتى يقوم ويعود لحضن كنيسته وبيت أبيه.
لا أنسى عندما شاهدته في إحدى المرات والناس تتكلم معه فيسأل كل شخص عن أقاربه اسمًا اسمًا، وبتركيز وذاكرة شاب وليس شيخ له في الكهنوت ما يزيد عن أربعين عامًا، ويسأل عن البعيد حتى يعود، ويشجع القريب حتى لا يبعد، بطريقة تحير العقل والقلب، كيف لشيخ مثله أن يكون شابًا هكذا في خدمته!
ولا أنسى كم مرة رأيت حب المسلمين له قبل المسيحيين في منطقة الزرائب في المقطم، وكم يحترمونه ويكنون له كل التقدير ويطلبون رأيه وتحكيمه عندما تكون هناك مشكلة بينهم وبين بعض أو بينهم وبين جيرانهم المسيحيين.
لكن الحقيقة، أنها نعمة الله الغنية، التي تسند كل شخص يخدم بأمانة، فإن كان القديس سمعان الخراز نقل الجبل بالصلاة وكرياليسون، فأنت استطعت أن تنقذ القلوب بالمحبة والخدمة الحقيقية، فهنيئًا لك يا أبي على عودتك لوطنك السمائي، لقد جاهدت الجهاد الحسن وأكملت السعي، والآن أنت تستحق أن تسمع ذلك الصوت الذي يقول: " تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ"، ونطلب أن تصلي ليعيننا الله كما أعانك.