يوم أن صرخت القاهرة.. المحروسة تنتفض عن بكرة أبيها ضد الاحتلال: هُنا غزة ونحن لها
رائحة الدماء تفوح في كل مكان، الشوارع مليئة بالجثامين، الأشلاء مبعثرة في كل الأرجاء، بيوت اختفت من على الأرض، وأسر لم يعد لها وجود، المعابر تضرب، الكنائس تقصف، الأماكن الآمنة المخصصة لنزوح المدنيين تباد وتتحول لركام، حتى المستشفيات لم تسلم من إجرامهم.
أصوات أنين الأطفال والكبار تتعالى من تحت الأنقاض لعلهم يجدون من ينقذهم سوى مصر التي هبت لتقف أمام المخطط الصهيوني، في الوقت الذي أبكم العالم الغربي ضمائرهم وأغمضوا أعينهم، وانتفضت القاهرة الشعبية، أبت ورفضت وصرخت ضد ما يحدث من جرائم وممارسات، أقل ما يقال عنها نازية لا تعرف دين ولا إنسانية: نحن لها ومن القاهرة لغزة سلام.
الموقف الرسمي.. مصر تقود دفة القضية
منذ اللحظة الأولى لأحداث طوفان الأقصى وموقف مصر مُعلن، وفق ما جاء في بيان الخارجية الدعم الكامل لفلسطين، والذي أكد على أن التحرك من قبل الفلسطينيون جاء نتيجة لوجود إسرائيل غير الشرعي ببلادهم، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا وتكرارًا في جميع اللقاء التي تناولت القضية والتصعيد في قطاع غزة، وكان لكلمته صداها في أنحاء العالم، وهو الأمر الذي دفع مصر لـ استضافة قادة العالم في قمة السلام التي تستعد العاصمة الإدارية لاستقبالها، والذي يعول عليها كثيرون في تهدأة الأوضاع إن لم يكن الحل.
صلابة الموقف المصري، كانت جلية واضحة، فكانت القاهرة تقود دفة الأمور في محاولات إيجاد حل شامل وعادل للقضية، الأمر الذي دفع القادة لإيجاد حلول بالتواصل مع السيسي، فاستقبل 10 من قادة الدول على مدار 12 يومًا، وتلقى أكثر من 30 مكالمة، فضلًا عن جهوده المستميتة لحل أزمة دخول المساعدات لقطاع غزة ودعم الموقف الفلسطيني في التمسك بالأرض، في موقف أشاد به القاصي والداني.
الإنقاذ من مصر.. افتحوا المعبر
مفاوضات استمرت نحو ساعة كاملة، أصر الرئيس السيسي على شرطه لفتح معبر رفح لعبور الأجانب وهو دخول المساعدات والإغاثات، كلمات الرئيس جو بايدن السابقة، تشير إلى هدف مصر السامي، وحرصها على فك الحصار الذي تعمد الجيش الإسرائيلي وضع سكان غزة فيه: لا ماء، لا طعام، الأسرة في المستشفيات قليلة، المستلزمات الطبية تنفذ، حتى الأطقم الطبية أرهقت وتساقطت، وذلك بهدف إجبارهم على التهجير، الأمر الذي فطنت مصر له من البدابة، وجعلها تتمسك بمساعدة الشعب الفلسطيني وتقديم الإغاثات لغزة، وهو ما تستعد مصر له حاليًا وفقًا للاتفاق الذي أعلن عنه بايدن، عبور 150 شاحنة، على أن تكون البداية بـ20 خلال ساعات.
ولم يختلف موقف المسئولين عن نقل المساعدات لغزة من المجتمع المدني، عن موقف القيادة السياسية كثيرًا، فتجمهروا مرات عدة أمام المعبر، وعسكروا على الحدود في انتظار فتح المعبر، وتشبثوا بموقفهم وتحملوا ظروفا قاسية، كل ما يشغلهم مرور المساعدات، رافعين شعار: لن نعود حتى تصل المساعدات لقطاع غزة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الموقف الشعبي.. محافظات مصر تصرخ: افتحونا الحدود وإحنا نولع في اليهود
هنا القاهرة قلب الأمة النابض، وصوتها الصارخ، هنا ضمير العرب، الهتاف يهز أرجاء الميدان، بعدما خرج المصريون عن بكرة أبيهم في كافة ميادين مصر، بـ28 محافظة، وعلى سلالم النقابات، وداخل المدن الجامعية، ومن الكيانات السياسية والأحزاب، وداخل المساجد والكنائس، لا يخلو شبر من دعوات الدعم لفلسطين والتظاهرات الرافضة لممارسات الاحتلال، مصر بالكامل تصرخ: علمونا في الطفولة فلسطين رمز البطولة.. نصر في غزة ونصر في مصر شهر أكتوبر شهر النصر.. مش هنفرط مش هنبيع مش هنوافق على التطبيع.. افتحونا الحدود وإحنا نولع في اليهود، وعلى مداخل معبر رفح انتفض المتأهبون لدخول المساعدات من العاملين بالجميعات الأهلية المصرية، يضروخون وتتعالى أصواتهم: شد حيلك يا فلسطين بكرة الـ100 مليون جايين.
مقاطعة المنتجات الأمريكية وتكدسات التبرع بالدم
لم يتوقف الأمر على المظاهرات فقط، فشهدت الجامعات المصرية، أسبوع التبرع بالدم، وتكدس الطلاب على مراكز التبرع لصالح قطاع غزة، فضلًا عن الخطوات الحثيثة التي اتخذها الشارع المصري ضد بعض الكيانات التي أعلنت بشكل مباشر دعمها للكيان الصهيوني، الأمر الذي دفع أغلبها لإعلان أن إدارتها منفصلة عن الأم، وأنها يديرها مصريين مثلما حدث في ماكدونالدز.
سفراء القضية.. مشاهير مصر في مواجهة تضليل الإعلام الغربي
في الوقت الذي أغمض الغرب أعينهم ع ما يحدث في فلسطين، وتبنت وسائل الإعلام الغربية الرواية الإسرائيلية، والفيديوهات المفبركة التي نشرها الجيش الإسرائيلي على أنها أعمال عنف من جماعة حماس ضدهم رغم أنها تعود لمشاهد قديمة في سوريا، حمل سفراء مصر من المشاهير في الخارج لاسيما المحترفين والفنانين، على عاتقهم مسئولية إيصال القضية الفلسطينية وفضح جرائم الإرهاب، فكان الدرس قاسيا من الإعلامي الساخر باسم يوسف، والذي كشف ازدواجية معايير الغرب في القضية وفكك وفضح الإعلام الداعم والموالي للرواية الإسرائيلية وحيلفتها أمريكا، وكان لأحمد حسن كوكا المحترف في صفوف نادي ألانيا سبور، رسالة مبكرة أكد على أنها لغير العرب المتابعين له بحكم لعبه في أوروبا، وهو ما ذهب إليه محمد النني، المحترف بنادي أرسنال الإنجليزي، وغيرهم كثيرون من المحترفين، وصولًا إلى دعم اللاعب الدولي محمد صلاح مهاجم ليفربول، والذي جاء متأخرًا بعد انتظار وهجوم، إلا أن رسالته كانت قوية فحقق فيديو الدعم أكثر من 213 مليون مشاهدة في 24 ساعة، بالإضافة إلى رسالة المطرية أنغام التي لقنت المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربي أفيخاي أدرعي، درسًا لن ينساه بالسهل، وعددت له جرائمه وكشفت عن الوجه الحقيقي لهم، وأسقط الوجه المزيف المختبئ في ثوب البراءة.
