السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

غزة جرح يوقظ أمة

السبت 21/أكتوبر/2023 - 06:15 م

بكل تأكيد نحن جميعا كعرب ومسلمين نتألم غاية الألم لما يحدث في فلسطين المحتلة الآن بشكل عام وقطاع غزة بوجه الخصوص، من ممارسات لا تمت للإنسانية ولا حتى الحيوانية بصلة. 

فمن يمكنه تخيل أن هناك كائن حي يفكر في قصف مستشفى لجأ إليه المرضى وغيرهم هربا من الموت ليجدوه يزحف عليهم ويلتهم أرواحهم جميعا في لحظة واحدة هي الأسود في تاريخنا المعاصر، حيث سقوط أكثر من 500 شهيد جراء قصف إسرائيلي لمستشفى الأهلي المعمداني بغزة التي لا يوجد بها شبر آمن الآن. 

نعم هي حالة أفقدتنا طعم الحياة وجعلتنا نشعر أن مجرد الابتسامة تعد خيانة لهؤلاء الأبطال، سواء من نال الشهادة منهم أو هؤلاء الذين يعيشون في أسوأ ظروف يمكن أن يشهدها كائن حي على هذا الكوكب، وكل ذنبهم في الحياة أنهم يريدون العيش بكرامة على أرضهم وأجدادهم التي احتلها كيان لقيط تجمع أفراده من شتى بقاع الأرض تحت فكرة الصهيونية، وذلك بعد صدور ما سمي بوعد "بلفور" الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1917 حيث كان ينص هذا الوعد المشئوم على تأسيس وطن قومي لليهود في أرض فلسطين العربية.. ومنذ ذلك الحين وبدأ الصراع الدائر حتى الآن، والذي ربما ظن طرفه المعتدي أن فكرة كونه محتل غاصب يعيش على أرض ليست ملكه قد تم طمسها مع مرور الزمن، وتحول الأمر إلى واقع وقد يتساوى بصاحب الأرض بل وصلت جرأته وتبجحه أنه يريد التخلص منه نهائيا بتهجير من تبقى منهم إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن في حالة تعيد إلى الأذهان أيام نكبة عام 1948، وأصبح المحتل يسمي مقاومته إرهابا.. ويسانده في ذلك أمريكا ودول أوروبا وهم من زرعوه في أرضنا العربية، ويوفرون له الحماية والدعم الدائمين مهما ارتكب من جرائم. 

كل ذلك بالطبع مؤلم ومرير، ولكن إذا نظرنا للمشهد من جهة أخرى سوف نجد أن ما يحدث الآن حقق مكسبا كبيرا لأمتنا، وأوله أنه أعاد بشكل كبير فكرتها الأساسية التي كادت أن تنسى تماما بسبب الكثير من الممارسات التي ورائها عدونا الأول ومن يعاونوه، وتلك الفكرة التي أقصدها هي أننا أمة واحدة حتى وإن تعددت الأقطار واختلفت الاهتمامات، وذلك أمر مهم لمن يعيه فنحن كعرب ومسلمين قوتنا الأساسية تكمن في تمسكنا بمفهوم الأمة، وهذا يعيه جيدا عدونا فيعمل دائما على إنهائه. 

أما الفائدة الثانية هي تعريف الأجيال الجديدة التي نشأت وسط حالة من التخبط والتيه بالقضية الفلسطينية وأهميتها، وأن هناك أحد أهم مقدساتنا الإسلامية وهو المسجد الأقصى المبارك مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين.

نرى الآن كيف أن الروح دبت في أجساد شبابنا الذين كنا نظن أنهم بعيدين تماما بسبب حملات التتفيه المستمرة والتي لا تهدأ، وتستخدم فيها جميع الوسائل بخبث شديد، رأيناهم ينتفضون داخل الجامعات نصرة لفلسطين وغزة وكأنهم كانوا يبحثون عن قيمة يعملون من أجلها وأخيرا وجدوها فشعروا فالفارق الكبير بين أن تتمسك بهدف عظيم أو تعيش هكذا بلا معنى.

حتى التلاميذ الصغار في مدارسنا وصلتهم تلك الروح عندما تم تعميم وقوفهم دقيقة حداد على أرواح شهدائنا الأبرار في فلسطين، والتوجيه بتعريفهم بالقضية الفلسطينية وهي المرة الأولى التي يسمعون عنها بعدما كادت بالفعل أن تنسى تماما وتصبح في خبر كان.

أثبتت الأحداث رغم شدتها وقسوتها أننا أمة قد تنام لكنها لا تموت أبدا، وأن المحتل لن ينعم براحة أو استقرار ولو أنفق ما في الأرض جميعا، والأهم من ذلك أن كل أحلامه التوسعية في المنطقة والمعلومة جيدا قد ذهبت فعليا أدراج الرياح وأدرك جيدا أن الأحفاد أشد بأسا وإصرارا من الأجداد، ورأى عدونا هشاشته وضعفه، وكيف أن الصورة التي رسمها لنفسه وساعده فيها بعض من انساقوا خلف وعوده الكاذبة، ما هي إلا رسمة على الرمال تزول كأنها لم تكت فقط بقليل من الماء فما بالنا بموجة عاتية. 

نعم مازال المشوار طويل وليس بالسهل أبدا، وهناك عراقيل وبعض النوايا تحتاج إلى إخلاص ولكن يكفي أنه بدأ بعد طول توقف.

تابع مواقعنا