أمريكا تحكم العالم بقانون القوة لا بقوة القانون
منذ خمسين عاما ومصر تقف على أرض صلبة كواثق الخطوة يمشي ملكا، نعم، فإن السلام الذي أبرمته مصر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية لم يكن ليحدث لولا النصر المجيد في حرب أكتوبر المجيدة، حرب العزة والكرامة والإباء.
فإن الحروب هي أكبر محفز للسلام وللحفاظ على بقائه واستمراره، إذ إن السلام يجنب الأمم والأجيال القادمة ويلات الحروب التي كانت جذوة النار المتقدة التي اصطلى منها أطراف الصراع نور السلام وضياء الاستقرار.
إن القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسي هو ابن من أبناء القوات المسلحة، ولا يخفى على أحد ذلك، بل هو من أبنائها المخلصين، الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم وجادوا بحياتهم في سبيل استقرار الوطن وسلامة أراضيه، ولو كلفهم ذلك حياتهم، وليس أدل على ذلك من مواجهته قائدا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في وجه فاشية دينية كادت أن تلقي بالوطن وأهله في أتون نار لا ينطفئ لظاها إلا بدم أهلها، ولكنه كان سيكون دما تلاحق لعنته ساكبيه من جماعة ظنت أنها الدين وأن الدين هي، فضلّت وأضلت، وتحمل الرئيس السيسي تبعات ما كان يمكن حدوثه له شخصيا ولرجالات القوات المسلحة الأفذاذ حال فشلت انحيازاتهم لهذا الشعب المصري الطيب أهله الراضي بقضاء الله الواثق في جيشه وقياداته البواسل.
وإذا كنت قد كتبت كل هذه المأثرة واستذكرت معكم تلك العبرة التي أسالت من عيني العبرة، فإنما هي لاتخاذها مدادا أشدد فيه على القاصي والداني من القراء الكرام، وأكرر مقولة الرئيس السيسي وهي "إن الجيش المصري الباسل الذي استطاع هزيمة العدو مرة، لقادر على أن يكررها مرات ومرات".
إن مصر دولة حاربت منذ خمسين عاما من أجل استرداد الأرض وصون العرض واستتباب الأمن وترسيخ السلام وثقافته، نعم، كل هذا حدث، ودفعت مصر مقابلا له دماء المصريين الشهداء الأبرار، تلك الدماء الزكية الطاهرة التي زكاها الرسول الأكرم والنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، الذي منه نستقي أخلاقنا في الحرب قبل السلم، فهم خير أجناد الأرض وصنو الحق وسياج السلام، إذ السلام يحتاج قوة تحميه، فإن العالم الآن لا يعترف إلا بالقوة وليس بالحق، فإن كان للحق قوة تحميه، فإن العالم يحترم حقك وإلا فلا، وإني أنصح وأنا لكم ناصح أمين، لا تجبروا مصر على الانجرار إلى الحرب، لأنه عندها ستكون حربا ضروسا لا تبقي ولا تذر، فإن كل المصريين فداء سيناء أرض التجلي وممشى العائلة المقدسة ولقاء الأنبياء على أرضها برب العالمين، فلسنا نحن من نخنع أو نفزع من كلمة هنا أو هناك، وإنما ما يراه العدو سيكون دون ما يسمعه، إن حاول أو فكر في حل القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء، فليلزم كل غرزه وليحزم أمره، فإن أرواح المصريين رخيصة لقاء ذرات تراب أرض الفيروز مهجة القلوب ومهوى الأفئدة.
ثم ألم ينظر العالم الدعي الدجال الذي يدعي الحقوق والحريات إلى تأييده أولئك العاجزين الصهاينة، نعم، هم عاجزون عن تحقيق أمن شعبهم اللقيط، فأين قوتهم؟!.
هذا العالم الذي تقوده أمريكا، التي أبادت ملايين من السكان الأصليين من الهنود الحمر حتى تستقر على جماجمهم وتنام على روائح دمائهم السائلة على أيديهم وملابسهم، تلك الرائحة التي لن تذهب لعناتها من أنوفهم حتى تقوم الساعة، أين الحريات والحقوق لشعب فلسطين، الذي ابتلعت أرضه هذه العصابة الصهيونية المزروعة في خاصرة المنطقة العربية من أجل ثروات ومقدرات الأمة العربية؟!
أليست أمريكا تكثر من الادعاء بحقوق الإنسان وحرياته؟!
لكنه الكيل بمكيالين، ولأن اللوبي الصهيوني هو من يتحكم في مفاصل الولايات المتحدة الأمريكية وثرواتها وذهبها وعملتها وجيشها وسياستها، حتى أن الرئيس الأمريكي لا يستطيع مطلقا أن يسأل عن مخزون المال الموجود في البنك الفيدرالي الأمريكي، ولا يسمح له بذلك، رغم أنه الرئيس، لأن اليهود هم من يتحكمون فيه، وبذلك تجد أن من يتحكم في العالم وإدارته هم الصهاينة من خلال الإدارة الأمريكية في الواجهة، فأي نظام عالمي ذلك الذي يحكم الأرض بقانون القوة لا بقوة القانون؟!
ثم بين عشية وضحاها، فإن أمريكا ومن ورائها القارة العجوز أوروبا، يريدان من العرب قاطبة أن تعترف دولهم وحكوماتهم بل وشعوبهم إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، بأن من حق دولة الاحتلال -الكيان الغاصب الصهيوني- أن تدافع عن نفسها ضد حماس الإرهابية، نعم، يريدون أن يستصدروا بيان إدانة ضد الضحية لصالح الجلاد وجعل الضحية إرهابية باعتراف أهلها، أي بيدي لا بيد عمرو، فأي بجاحة أكثر وأي وقاحة أقذر من ذلك وتلك الضغوط؟!!
ولقد كان لمصر كما عهدها، السبق في التصدي من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، ورفضت مصر إجلاء الرعايا الأجانب وعلى رأسهم الأمريكان إلا بعد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وفلسطين المحتلة عامة، فمصر لها توازنات ومصالح أمنها القومي، نعم، لكن ليس على حساب الإنسانية، فهي التي تبقي مصر واقفة صامدة بهية أمام الدنيا.
فهلا اتعظ الغرب الرسمي الدنيء الذي يكيل بكل مكاييل الظلم والمحاباة والبطش والتأييد الأعمى المطلق لعصابة جعلوها دولة من موقف الشجعان في مصر؟!!
فلا نامت أعين الجبناء.