اغتصاب الزوجات وهتك عِرض الأبناء.. كيف تطرق الفن لمناقشة القضايا المسكوت عنها في المجتمعات؟
كثيرا ما كان الفن لسان حال الأمة، مرآة لكل عيوب ومميزات المجتمع وناسه، تلتف حول أعماله الأُسر والعائلات، لمعرفة آخر أخبار أبطالهم المفضلين، والاطمئنان على أحوالهم، تناقش الأفلام والمسلسلات جميع القضايا التي يعاني منها المجتمع ويتعرض لها، فدائما كنا ولا زلنا، نربط أحداث حياتنا بأحداث الأعمال، نُعلّم فترات معينة من حياتنا بتلك الأعمال الفنية، تجمع مواضيعها الكبير والصغير على مناقشتها.
وبجانب مناقشة الأعمال الفنية لجوانب عديدة من المجتمع، وتغطية العديد من الأمور التي تواجهه، ما زال يوجد عدد من القضايا المسكوت عنها، والتي يفضل الكثير من أفراد المجتمع التزام موقف الصمت حيالها، وعدم إدخال أنفسهم في تلك القضايا الجدلية، التي ربما تنتهي المناقشة بها في سكك لا يحب الكثير أن يسلكها، ولكن بالرغم من هذا، وُجد بتاريخ السينما والدراما، بعض الأعمال القليلة، التي تطرقت لمناقشة قضايا حساسة بالمجتمع، كشفت المستور بداخل نفوس الجميع، وكان آخر تلك القضايا، قضية العنف المنزلي، التي تعرضت لها الفنانة ثراء جبيل، ضمن أحداث مسلسل ورق التوت، الذي يعرض حاليًا عبر شبكة قنوات سي بي سي.
وتزامنًا مع مناقشة العنف المنزلي في مسلسل ورق التوت، نستعرض في السطور التالية أبرز القضايا المسكوت عنها في المجتمع، والتي تم رفع الغطاء عنها ومناقشتها في أعمال فنية مصرية، على مدار السنوات الماضية.
الاغتصاب الزوجي.. واستخدام الزوج لنصوص شرع الله للحصول على مُراده
ناقش المخرج تامر محسن في عام 2021، العديد من القضايا الشائكة والجريئة، وغير المألوفة على المجتمع، أبرزها قضية الاغتصاب الزوجي، التي تم عرضها في حلقة ضمن الحلقات الأخيرة من مسلسل لعبة نيوتن، والذي أدت بطولته الفنانة منى زكي، وفي أحد مشاهد العمل، قام مؤنس -محمد فراج- زوج هنا -منى زكي-، بمحاولة الحصول على حقوقه الشرعية منها، ولكنها أبت ورفضت، وذلك لكونها تزوجته على غير رغبة حقيقية منها، فـ اضطر حينها أن يستخدم معها العنف، وصفعها على وجههاِ، وحاول اغتصابها ولكنها استطاعت أن تهرب منه بالنهاية، وذهبت لبيت طليقها.
لينقلب رتم مواقع التواصل الاجتماعي بعد هذا المشهد، وعرضه قضية جديدة تُدعى الاغتصاب الزوجي، وانقسام آراء المتجادلين حول معارضين لفعل مؤنس والنظر له على أنه اغتصاب حتى ولو كان زوجها، وآخرين يرون أنه طلب حقوقه الشرعية وهي شيء طبيعي ولا يعد فعلا شنيعًا، ليكون هذا العمل الأول من نوعه الذي يطرق أبواب هذا الموضوع الشائك، والذي ظهرت بعده عدة سيدات كشفن معاناتهن مع هذه القضية، التي سكتن عنها كثيرًا.
لم يستوصوا بنا خيرا.. التحرش الجنسي ومعاناة يومية للفتيات
معاناة يومية تعيشها العديد من الفتيات والسيدات، في الشوارع وفي عملهن ومدراسهن وجامعاتهن، لم تسلم منهن المحجبة وغير المحجبة، بل والمختمرة والمنتقبة، يتخطى الأمر كل المعايير، لم يعد هناك استثناءات، أو شواذ للقاعدة؛ فـ أصبحن ينتظرن هذا الفعل من أي شخص، القريب والغريب وفعليًا جميع الأشخاص، وجدير بالذكر أن موضوع التحرش الجنسي سواء كان جسديا أو لفظيا، أمر لا يمكن تجاهله، وتتم مناقشته الآن بشكل واضح وصريح، لم تعد الفتيات يخفن فيه، إلا القليل منهن، وذلك بفضل العديد من العوامل، أبرزها محاكمة بعض المتحرشين بعقوبات شديدة، ليكونوا عبرة لمن يعتبر، ولكن في عام 2010، لم يكن الموضوع سهل النقاش والتفوه به مثل اليوم، فكانت تتعرض له السيدات كل يوم وتكذّب إحساسها خوفًا من نظرات المجتمع والعامة حولها لها، حتى خرج المخرج محمد دياب، بفيلم 678 من تأليفه وإخراجه.
وناقش الفيلم قضية التحرش بشكل مفصّل، بدايةً من دوافع المتحرش لفعلته الشنيعة، مرورًا بشعور السيدات اللاتي يتعرضن للتحرش، وعرض الفيلم نماذج مختلفة للتحرش، حيث جسد الأمر من خلال 3 فتيات، من 3 طبقات مختلفة، وكذلك اختلاف المكان الذي تعرضن للتحرش به، لتغطي أحداث الفيلم جميع حالات التحرش، ومختلف تفاصيلها، بالإضافة إلى ردود فعل الفتيات المختلفة فور تعرضهن لهذا الأمر، فمنهن من سكتت خوفًا من المجتمع، ومنهن من قررت مواجهة قيود هذا المحيط التي تعيش به، ورفعت قضية ضد المتحرش الذي تحرش بها، ليتكلم هذا العمل بلسان وصوت شريحة كبيرة، تصل لنصف المجتمع، وهن السيدات والفتيات.
زنا المحارم.. وعندما يتحول الحب الأول للكابوس الأبشع
يعرف الأب بأنه هو السند الأول والأخير، حب اليوم وكل يوم، وتحديدًا بالنسبة للفتيات، يعد الأب هو الدرع الأقوى التي تحارب به الفتيات أيامها وصعوباتها، ولكن يصبح الأمر أكثر سوءًا، عندما يتحول هذا الحب الأول، إلى كابوس لا تتمنى الابنة أن تستيقظ منه، لعدم مواجهة الحقيقة الصادمة، فقدمت الفنانة إلهام شاهين، والفنانة أمينة خليل، قضة زنا المحارم في فيلم حظر تجول، إخراج أمير رمسيس، والذي عرض في عام 2020، بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 42، وجسدت إلهام شاهين خلال أحداثه، دور زوجة، دخلت على زوجها في يوم من الأيام، لتجده يتحرش بابنتهما الصغيرة، التي لم يتعد عمرها الـ 5 سنوات، لتقع عليها الصدمة كالصاعقة، وتقرر في غمضة عين، أن تقتله، وبالفعل أنهت حياته بالسكينة التي وقعت عيناها عليها، ومما لا شك فيه، أن هناك عدد من الفتيات تعرضن إلى التحرش بأنواعه، أو الاغتصاب أو أي نوع من أنواع العنف الجنسي، على يد أحد أفراد عائلتهن، ويعد ذلك نوعا من زنا محارم، ولم تستطع البوح بما تعرضت له، خشيةً نظرات المجتمع التي قد توجه لها اللوم والمساءلة.
العنف الأسري.. واعتبار الأخ نفسه الإله المنزّل وحاكم شقيقته
ومن آخر القضايا المسكوت عنها في المجتمع، والذي ناقشتها الأعمال الفنية مؤخرًا، هو العنف الأسري، الذي تعرضت له الفنانة ثراء جبيل على يد شقيقها، ضمن أحداث مسلسل ورق التوت، الذي يعرض حاليًا عبر شبكة قنوات سي بي سي، وفي مشهد من الحلقة السادسة من العمل، رفضت سامية -ثراء جبيل-، العريس الذي تقدم لها من طرف شقيقها، مما دفع الأخير لضرب شقيقته ضربا مبرحا، بجانب ممارسته للعنف عليها على مدار الحلقات السابقة جميعها، واعتباره نفسه أنه الحاكم لأمورها والوصي عليها من بعد والدها، حيث يعاملها بإهانة شديدة، وهذا ما تتعرض إليه العديد من الفتيات من مختلف الطبقات، وترى الكثير من العائلات أنه أمر طبيعي لا غرابةً فيه، وأن الأخ يجب عليه تربية شقيقته، إلا أن هذا المسلسل جاء لمناقشة ذلك الموضوع، وتسليط الضوء عليه، مشيرين إلى أنه لا يعد فعلا عاديًا.