متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها ولا تلعنها الملائكة؟ أزهري يوضح
تلقى الدكتور السيد سعيد الشرقاوي، مدرس مساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر الشريف سؤالًا من إحدى المتابعات نصه: زوجي يطلب مني طلبات كتير ومن كثرة هذه الطلبات أرفض لأنني أكون متعبة، ومريضة ونحو ذلك، وفي هذا الوقت يقول لي أنا غضبان عليكِ، والملائكة ستلعنك طوال الليل، فهل هذا الكلام صحيح أم لا، ومتى تمتنع الزوجة عن زوجها ولا تلعنها الملائكة؟
لا يجوز للرجل أن يجهد نفسه في الطاعة حتى لا يقصر في حق زوجته
وأكد الشرقاوي، خلال تصريحات تليفزيونية أن حق الاستمتاع بين الزوجين؛ والجماع حق متبادل بينهم، أو حق مشترك كما قال الفقهاء، فمن حق الزوج أن يستمتع بزوجته، ومن حق الزوجة أن تستمع مع زوجها، ولا حرج في ذلك، فهذه فطرة فطر الله عليها الناس، فقال الله جل وعلى: "زُينَ للنَّاسِ حُبُّ الشَهَوَاتِ مِنّ النِسَاء".
وأشار الشرقاوي إلى أن الله بدأ بشهوة النساء، وهذا الأمر غير مستقذر، أو كريهة، أو منبوذ في الشريعة الإسلامية، فالشريعة الإسلامية واضحة جدًا مع الفطرة التي فطر الله عليها الناس، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن العلاقة التي يمارسها الزوج مع الزوجة إذا نوى بها العفة والإحصان، والبعد عن الحرام فسيأخذ حسنات، وله أجر عند الله سبحانه وتعالى، وقال عليه السلام: "وفي بُضْعِ أَحدِكُم صدقة"، وقال رجل لرسول الله: يا رسول الله يأتي أحدنا شهوته ويكون له في ذلك أجر، فقال عليه السلام: أرئيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، قالوا بلى، قال: كذلك لو وضعها في حلال كان له بها أجر.
ونوه العالم الازهري عن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه؛ كان يقيم الليل كله، ويصوم النهار كله فأصبح رجلًا ضعيف، فذهبت زوجته لتشتكي إلى رسول الله: يا رسول الله ليس له رغبة في النساء يصوم النهار ويقوم الليل، فيستدعيه الرسول، ويقول له إن لزوجتك عليك حقا.
وذكر الشرقاوي دور العلماء في شرح هذا الحديث: ولا ينبغي للرجل أن يجهد في العبادات، والطاعة حتى يضعف عن القيام في حق زوجته من الجماع، والاكتساب، وهؤلاء العلماء يعرفون فطرة الإنسان، ورغباته، بل قالوا ان من حق الجماع بين الرجل والمرأة هو حق من كلا الزوجين فمن حق الطرفين أن يطلب كلًا منهما هذا الأمر، ولا يجوز لأحدهما أن يمنع نفسه من الآخر إلا لعذر شرعي، كالحيض، والنفاس، والإحرام، وأو الصيام الفريضة ونحو ذلك؛ والرجل إذا تعمد أن يترك زوجته وألا يعطيها حقها فهو بذلك يصيب زوجته بالضرر، وهو منهي عنه شرعًا لقول النبي: لا ضرر ولا ضرار، ونفس هذا الكلام ينطبق على المرأة فلا يجوز لها ان تمنع نفسها من زوجها بدون عذر شرعي، أو بدون سبب شرعي وطلبها زوجها وبات غضبان علبها؛ باتت تلعنها الملائكة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر الشرقاوي بأن هناك حالات يجوز فيها للمرأة أن تمنع نفسها عن زوجها في أمر الجماع دون أن تلعنها الملائكة؛ ولكن بوجود عذر شرعي مثل وجود الحيض، والنفاس؛ لقول الله تعالى: “فاعتزِلوا النِسَاءِ فِي المَحِيض ولَا تَقْرَبُهُنَّ حَتى يَطْهُرنَ”، والسبب الثاني إذا كانت المرأة مريضة لا تقوى على هذه العلاقة؛ لأن الله عز وجل قال: "لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًَا إلا وَسْعَهَا"، والسبب الثالث إذا كانت المرأة صائمة صيام فرض؛ مثل صيام شهر رمضان، أو القضاء، ففي هذه الحالة لا يجوز للرجل أن يجبر زوجته على هذه العلاقة وهي صائمة، ولو فعل هذا فيجب عليه القضاء، أو الكفارة، والسبب الرابع فلا يجوز للرجل أن يطلب زوجته وهي محرمة بالحج، وإذا فعل فقد فسد حجه، ويجب عليه أن يتم هذا الحج، ويأتي في العام القادم يتم هذا الحج مرة أخرى، ويذبح بدنة، أو شاة كما ذكره على مذهب الحنفية، والمرأة يجوز لها الامتناع في الأربعة الحلات المذكورة، ولن تكون ملعونة، أو مطرودة، ولا تلعنها الملائكة ولا تغضب عليها ولا أي شيء، فهذا الفقه الموضوع في الحق المتبادل، وهو حق المعاشرة الزوجية بين الرجل والمرأة، فمن الأفضل أن نفهم ديننا جيدًا، ونفهم حياتنا الزوجية جيدًا لتجنب الكثير من المشاكل التي تحدث في كل بيت.