طبيب أجرى 21 عملية لمصابي غزة بالعريش: الفسفور الأبيض حرق أجسادهم.. والمصابون آخر من تبقى من أسرهم| حوار
أستاذ طب قصر العيني المعالج لمصابي غزة لـ القاهرة 24:
أجريت 21 عملية جراحية في 3 أيام
المصاب يحصل على أفضل رعاية بأي ثمن ودون سقف
المصابون أطفال ونساء وما يحدث معهم جريمة
هؤلاء المصابين هم آخر أفراد أسرهم
يتم توفير علاج نفسي للمرضى
تركيب أطراف صناعية للمرضى في مراحل لاحقة
عمليات كسور الحوض هي الأصعب وتطلبت وقتا كبيرا
المصابون تعرضوا إلى تفتيت في العظام وفقدان في الجلد والأعضاء
جميع المصابين تعرضوا للحرق خلال الحرب
الطب الشرعي من يحدد نوعية الأسلحة المسببة للإصابات
لم أرى تلك البشاعة في حياتي من إصابات وحروق
انتشر خلال الـ 48 ساعة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي منشور عن إجراء أستاذ بطب قصر العيني 17 عملية جراحية لـ مصابي غزة في مستشفى العريش ضمن الفريق الطبي الموجه من جامعة القاهرة إلى مستشفى العريش العام، وهذا ما جعل اسم الدكتور أحمد عبد العزيز أستاذ جراحة العظام الشهير بكلية طب القاهرة متداول بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بدورنا تواصلنا مع الدكتور أحمد عبد العزيز، أستاذ جراحة العظام الشهير بكلية طب القاهرة لكشف تفاصيل العمليات الجراحية التي أجريت لمصابي غزة حتى الآن، حيث أكد أنه وصل إلى مستشفى العريش العام خلال الساعات الأولى من بدء توافد المصابين من غزة عبر معبر رفح إلى شمال سيناء، مشيرا إلى أن الطاقم تكون من 8 أطباء من قصر العيني.
وكشف عبد العزيز في حوار مع القاهرة 24، تفاصيل علاج المصابين ونوعية الإصابات التي تعرضوا لها، وكذا نوعية الأسلحة التي تسببت في تلك الإصابات، كما تطرق إلى الظروف الإنسانية التي يعشيها مصابي غزة وكيف تم التعامل معهم من قبل المصريين.. فإلي نص الحوار:
في البداية.. كيف تم التعامل مع مصابي غزة؟
بداية الأمر تطرقنا للحديث مع المرضى للتخفيف عنهم ومعرفة نوعية الإصابات ونوعية واحتياجات العمليات التي ستجرى لهم، كما عملنا على معرفة احتياجات العمليات وإبلاغ المسؤولين داخل مستشفى العريش العام عن الاحتياجات ثم الحصول عليها على الفور.
هناك بعض المصابين الذين وجد بعد وصولهم ضرورة إجراء عمليات جراحية لهم بطرق أولية، الأمر الذي تطلب إعادة أو استكمال إجراء العملية الجراحية، حيث إن الإسعافات والإجراءات التي تمت في غزة كانت جيدة للغاية رغم الإمكانيات وهو ما ساعد المرضى على المواصلة وأيضا الإسعافات والاستقبال كان رائع للغاية وتم التعامل مع المرضى باحترافية شديد رغم الإصابات البشعة التي تعرضوا لها.
كم عدد العمليات التي أجريتها لمصابي غزة؟
العمليات الجراحية التي أجريتها وصل عددها حتى أمس 21 عملية جراحية، فضلا عن عدد من العمليات التي أجريت علي يد باقي الأطباء، وجميع الأطباء والجراحين الموجودين من طب قصر العيني داخل مستشفى العريش العام من أساتذة مجال الجراحة والطب.
هل جميع الإصابات التي وصلت إلى مصر هي الأصعب كما يقال؟
بالفعل طبيعة الإصابات خطيرة جدا ومعظمها كسور، والكسور كانت عند جميع المرضى وفي الغالب كانت إصابات في العمود الفقري، كما تعرض المرضى إلى تفتيت في العظام عند البعض وهذا ما يؤكد تعرضهم لهجوم بشع، كما أن هناك كسور معقدة ودقيقة في عمليات الحوض، وجميع المصابين الذين أجريت لهم العمليات تم تشخصيهم في البداية وهو ما أثبت تعرضهم للحرق وفقد الجلد وتعري العظام وفقدان بعض الأعضاء وهو ما صعب إجراء العمليات الجراحية.
الإصابات مرعبة وفظيعة ولم أرى تلك البشاعة في حياتي من إصابات وحروق حتى أن بعض المرضى كانت هناك صعوبة في تحريك عضو أو رفع يده أو رجله بسبب أنه لا يوجد عضو كامل بل أشلاء وهذا ما يثبت بشاعة الاعتداء وعدم الإنسانية التي تعرض لها الشعب في غزة.
بالحديث عن حرق المصابين.. هل سيتم العمل على تحديد نوعية الأسلحة التي تعرضوا لها؟
العالم أجمع على علم أن الفلسطينيون تعرضوا للقصف بالفسفور الأبيض، وبكل بساطة الفسفور الأبيض يحترق عند تعرضه للهواء ولا يتوقف الحريق إلا إذا تم إبعاده عن الهواء، والمرضى معظمهم محترقين وهو الأمر الذي يشير إلى استخدام هذا السلاح.
لكن من سيعمل على تحديد نوعية الأسلحة المسببة للإصابات هو الطب الشرعي وهو ما قد يتم التطرق له بعد الانتهاء من الأمور الطبية والعلاجية.
كما أن هناك فرق متخصصة في جميع التخصصات حتى العلاجات التجميلية، حيث يعمل أطباء العلاجات على تعويض المرضى بالجلد المفقود نتيجة الحرق وليس عمليات تجميل بالشكل الكامل.
هل سيتم توفير علاج نفسي للمصابين بعد تعافيهم؟
بالفعل هناك دعم نفسي من خلال متخصصين تم توفيرهم من وزارة الصحة للمصابين ولكن هناك روح وعزم كبير لدى المصابين من غزة، وأيضا هناك دعم نفسي كبير وروح عالية من الجميع خلال التعامل معهم وتقديم الإسعافات الأولية لهم، وهناك دور كبير يقدمه مستشفى العريش العام ووزارة الصحة، حيث إن هناك تواصل دائم مع وكيل الوزارة في المحافظة ومع وزير الصحة.
ما هو دور وزارة الصحة ومستشفى العريش في علاج مصابي غزة؟
أريد أن أبرز في حديثي ما يقدمه المستشفى ووزارة الصحة، حيث إنه منذ استقبال المصابين وأنا أرى أن هناك خلية تعمل لخدمة هؤلاء المصابين ومتابعة كبيرة من وزارة الصحة، ودون مبالغة فإن المصاب يحصل على أقصى وأفضل رعاية بأي ثمن ودون سقف وهذه هي التوجيهات التي تلقيناها منذ وصولنا، قائلا: ما يتم في مستشفى العريش العام لا يوجد في المستشفيات الخاصة.
ما هي أصعب العمليات التي أجريت وهل هناك تركيب أطراف؟
عمليات الحوض وكسور الحوض هي الأصعب والتي تطلبت وقتا كبيرا وأجريت على أيدي أطباء قصر العيني، وأيضا كسور العمود الفقري كانت الأكثر صعوبة وانتشار بين المصابين وأيضا فقدان الأطراف والأيدي، ومرحلة تركيب أطراف صناعية للمرضى سيتم في مرحلة لاحقة بعد اكتمال شفائهم، وحتى الآن معظم العمليات أجريت للمرضى الذين وصلوا مصر عبر معبر رفح البري.
ما هي نوعية وطبيعة الإصابات التي وصلت إلى مصر؟
معظم المصابين الذين وصلوا إلى سيناء حتى الآن من المدنيين الأطفال وكبار السن، وهذا ما يجب أن يعلمه الجميع أن المصابين أطفال غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم ورجال كبار في السن غير قادرين على الحركة وأيضا نساء لا يستطعن الدفاع عن أنفسهن، والأمر فظيع حتى في التعامل مع هؤلاء والتفكير فيما فعلوا حتى يتم انتهاكم بتلك الطرق البشعة.
كيف تم التعامل مع المرضى والتخفيف عنهم خلال العمليات؟
الأمر ليس بالسهولة التي هي في الطبيعي، فهؤلاء الأفراد من المصابين فهم آخر أفراد أسرهم، وهذا ما اتضح في المرافقين الموجودين معهم، حيث إنه في القادمين من غزة إلى مصر لا يوجد طفل ومعه والده أو والدته وكذا لا توجد أم ومعها ابنها، وخلال حديثنا مع الأطفال، كنا نتأثر بشكل كبير لعدم معرفة مكان تواجد والديهم، وهل إذا ما كانوا على قيد الحياة أم طالهم قصف الاحتلال؟ وكنا لا نجيب عليهم في هذه النقطة ونبدأ في التخفيف عنهم فيما يخص الإصابات وغيره.
هل لديك رسالة أخيرة تريد إيصالها؟
أريد فقط أن يعلم العالم أن المصابين ليسوا إلا أطفال ونساء وما يحدث معهم جريمة كاملة وصمت العالم على ما يحدث ظلم للإنسانية وأيضا لابد أن يعلم الجميع الدور الذي تقوم به مصر في جميع الجوانب وخاصة الجانب الطبي وجاهزية المستشفيات المصرية لأي شيء فقد رأيت جهود كبيرة تبذل في مستشفى العريش الحدودية وتجهيزات عالية تؤكد الاهتمام بتلك القضية.