اللجوء لحضن الغريب والأمراض النفسية أخطر نتائجه.. كيف ناقشت المسلسلات الدرامية جفاء العلاقات الأسرية؟ |تقرير
“مفيش للدنيا معنى لو أنت مش لاقي حد لما تغيب عنه يفضل يسأل عليك”.. وكما قالها حسين الجسمي، معاني الحياة تتلخص في وجود من تحبهم حولك، دائرتك الخاصة بك، الذين يمدونك بكل الدعم والحب والعطاء الذي يساعدنا على مواصلة الدوران في ساقية الحياة ومطاحنها، نستمد منهم قيمة أنفسنا، نرى أنفسنا من خلالهم، كأوضح مرآة.
ولأن أشد ما يُبتلى فيه المرء هو أغلى ما يملك، ينتقص من الـ 24 قيراط من نصيب كل شخص في الحياة، تربيته في بيئة تسودها العلاقات الأسرية السوية بحياته، وكأن الله أراد أن يبتليه في أشد ما يحب، حتى يعوضه عن هذا النقص في حياته بأشياء أخرى في حياته، سواء مال أو جاه، وعلى كل شخص التعايش مع هؤلاء القراريط الذين كُتبوا من نصيبه.
وكعادة الفن في مناقشة جميع الجوانب الحياتية، بحلوها ومُرها، ناقشت بعض الأعمال الفنية العلاقات الأسرية التي عاني أبطالها من جفاء المشاعر والعواطف من قِبل مختلف أفراد أُسرهم، وآخر تلك الأعمال كان مسلسل ورق التوت، الذي تناول علاقة الأخ بشقيقته، التي تشوبها شوائب الجفاء وانعدام العواطف، وتزامنًا مع هذا، نستعرض في السطور التالية أبرز المسلسلات الدرامية التي ناقشت العلاقات الأسرية المتدمرة بين مختلف أفرداها.
عندما يصبح حضن الأم حلم بعيد تبحث الابنة عنه بين ضلوع الغريب
دائمًا تتردد مقولة “لا حب كحب الأم.. فهو الحب غير المشروط الوحيد”، فتكون نتيجة منطقية، عندما ينكسر قلب الابنة التي لا تلقَ من الأم سوى مشاعر الجفاء، تنتظرها أن تقع في أي غلط، حتى تشمت بها كأي عدو، فجسدت الفنانة أمينة خليل دور الابنة المتدمرة نفسيًا بسبب علاقتها الاستثنائية مع الدتها -صفاء الطوخي- في مسلسل خلي بالك من زيزي، حرمتها والدتها من أقل حقوقها، وهي مشاعر الأمومة الطبيعية التي يحتاجها كل طفل، بالإضافة إلى حبسها هي ووالدها لها في غرفة الغسيل عندما كانت طفلة صغيرة، فأدى ذلك إلى إصابتها بمرض اضطراب فرط الحركة، وهو مرض نفسي عانت منه، وكل هذا أوصل بـ زيزي إلى حالة نفسية مستعصية، فكانت أكبر أحلامها هو حضن الأم، التي كانت تفتقده منذ طفولتها، حتى ذهبت تبحث عنه بين ضلوع الغريب، ووصفت هذا الشعور عندما كانت تتحدث مع مُراد -محمد ممدوح-، قبل أن يعانقها، وقالت له: “ماما كانت بتحضني الحضن الأي كلام ده.. المستعجل ده المتجمد”.
فيفي المسترجلة.. متحجرة المشاعر وخاصةً الأخوة
وعلى جانب العلاقات الأخوية، وخاصةً علاقة الأخت بشقيقتها، والتي من المفترض أن تكون أكثر العلاقات أُلفةً وحنانًا، ولكنها كانت العكس تمامًا، في حالة علاقة فيفي -ريهام عبد الغفور- وآية -جميلة عوض-، حيث اتسمت شخصية فيفي بكل معالم الجفاء، هيئةً ومضمونًا، فكانت تفضًل ارتداء ملابس تفتقد لمعالم الأنوثة، وتعامل الجميع بجفاء وحِدّة، ولكن كانت أكبر علاقاتها الجافة، التي تجمعها بشقيقتها آية، والتي كانت عكسها تمامًا، وتعلم كيف تعبر عن مشاعرها، ولكنها كانت تقف فارغة الحلول أمام فيفي، لا تعلم كيف تتعامل مع إنسانة غير قادرة على التعبير عما بداخلها، لا ينطق لسان فيفي إلا بكل ما هو مكروه، ودونًا عن إخوتها جميعًا، كانت آية أكثرهم التي تتسم علاقتها بفيفي بهذا الجفاء البيّن.
أُذن الأب غير الصاغية.. أحيانًا ينتج عنها الانتحار
جسد الفنان صبري فواز في مسلسل ولاد ناس، كل صفات الأب الحاضر الغائب، الذي لا وجود فعلي له في حياة أولاده، ربما وجود مادي، لكن بالطبع ليس المعنوي، فكان الأب المنشغل بعمله طوال الوقت، يظن كباقي الآباء أن توفير الحياة المادية والرفاهيات في حياة أبنائه، هي الشيء الأساسي وواجب الأبوة الوحيد، ولكنه لم يعلم أن قضاء فترات عديدة من الوقت للآخر مع أولاده، والاستماع لهم بآذان صاغية، هو كل ما يساهم في تنشئة أطفال سوية النفسية، ونتيجة لإهماله لابنه الصغير الذي لم يتعدى عمره الـ 11 عام، وجفاء علاقته به، قرر الابن الانتحار، مما سبب صدمة كبيرة لأسرته، وقالت والدته لزوجها عيسى بعد محاولة انتحار نجلهما، أنه هو السبب في هذا الأمر، قائلةً له: “أنت معرفتش توصله حُبك بالطريقة اللي هو يفهمها.. هقولك إيه؟ أخرج مع ابنك؟ احضنه؟ شاركه تفاصيله؟ الحاجات دي مش بتتقال.. بتتحس”.
حامد الأخ الذي اعتبر نفسه الوصيّ الأول والأخير على شقيقته
يعرض حاليًا مسلسل ورق التوت بطولة الفنان شريف سلامة وعدد من الفنانين، عبر قنوات سي بي سي، ويتناول العمل عدة موضوعات اجتماعية شائكة، أبرزها علاقة الأخ حامد بشقيقته سامية -ثراء جبيل-، حيث يتعامل معها بعنف وجفاء شديد، لا يعاملها إلا بالضرب والإهانة والمذلة، بالإضافة إلى معاملته لها كسلعة تُباع وتُشترى، “يُوجّب” مع أصدقائه على حسابها، فيعِد أحدهم أنه سيتزوجها، دون أن يأخذ رأيها، بالإضافة إلى ضربه المبرح له، فتعد أشهر مهامه في هذا المسلسل، هو ضرب سامية العُلَق السخنة تلك، ولم يخطأ مرة وقال لها أي كلمة طيبة كأخ يحب شقيقته.