اقتصاد إسرائيل على شفا الانهيار والمعونات شريان الحياة الوحيد.. وخبراء يكشفون تداعيات استمرار الحرب
يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تبعات الهجوم الغاشم على قطاع غزة على مدار 40 يومًا، وسط تساقط الضحايا جراء القصف الإسرائيلي، لينقلب بنتيجة عكسية على الاقتصاد الداخلي الإسرائيلي، حيث قُدرت الخسائر الإسرائيلية من الحرب بملايين الدولارات يوميًا، الأمر الذي دفع حكومة الاحتلال إلى اللجوء لإجراء تعديلات على ميزانية 2023-2024، وسط ترقب لتخفيض تصنيفها الائتماني من جديد.
وستبلغ تكلفة الحرب في غزة ما يصل إلى 200 مليار شيكل، بما يعادل 51 مليار دولار، في حال استمرار الحرب من 8 إلى 12 شهرًا مع غزة فقط، ومع العودة بشكل سريع إلى 350 ألف إسرائيلي تم تجنيدهم في قوات الاحتياط إلى العمل قريبًا، حيث أن تلك التكلفة تعادل 10% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، حسبما أعلنته صحيفة اقتصادية إسرائيلية نقلًا عن وزارة المالية.
وبالرغم من زعم محافظ بنك إسرائيل، في نهاية أكتوبر الماضي، متانة اقتصاد دولته بشكل يؤدي إلى التعافي من تداعيات الهجوم على غزة بشكل سريع، إلا أن تكاليف الحرب الواسعة التي فاقت توقعات الكيان الصهيوني، دفعت وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى إجراء تغييرات في الميزانية، للمساهمة في تغطية تبعات الهجوم على غزة، واصفًا وضع اقتصاد دولته بالدخول في حالة شلل جزئي.
خسائر إسرائيل بعد الحرب على غزة
وبلغت التكلفة المباشرة للحرب نحو مليار شيكل بما يعادل 246 مليون دولارًا يوميًا، بحسب تصريحات سابقة لوزير المالية الإسرائيلية في 25 أكتوبر الماضي.
وعقب موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل مبدئي على إجراء تعديلات في الميزانية، عارض البنك المركزي الإسرائيلي تلك التعديلات قائلًا إنها ليست كافية لمواجهة التحديات التي تمر بها إسرائيل، كما يتعين على الحكومة خفش ميزانية 2024 للمساهمة في تغطية نفقات ذلك العام.
ولأول مرة على الإطلاق، تراجع احتياطي النقد الأجنبي لإسرائيل إلى 191.235 مليار دولار، بعدما أعلن المركزي الإسرائيلي بيع 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبي في أكتوبر الماضي، كما أعلن تقرير صادر عن بنك جي بي جي مورجان، أن الاقتصاد الإسرائيلي قد ينكمش 11% على أساس سنوي خلال الـ 3 أشهر الأخيرة من عام 2023، وسط تفاقم أوضاع الحرب على غزة.
ديون إسرائيل
وجمعت إسرائيل ديونًا بنحو 30 مليار شيكل بما يعادل 7.8 مليار دولار منذ بداية الهجوم على غزة، بحسب تصريحات وزارة المالية الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي، وسجلت إسرائيل عجزًا في الميزانية 22.9 مليار شيكل في أكتوبر الماضي، صعودًا من 4.6 مليار شيكل في سبتمبر السابق عليه، ليرتفع العجز خلال آخر 12 شهرًا إلى 2.6%.
وتسببت نقص القوى العاملة في تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بنحو 2.3 مليار شيكل بما يعادل 600 مليون دولار أسبوعيًا، حسب المركزي الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن تلك التكلفة ناتجة عن إغلاف العديد من المدارس وإجلاء حوالي 144 ألف عامل من المناطق القريبة من الحدود مع غزة ولبنان، فضلًا عن استدعاء جنود الاحتياط للخدمة.
كما تراجعت السياحة إلى إسرائيل بشكل كبير خلال شهر أكتوبر الماضي، لينخفض عدد السائحين إلى 99 ألف سائح في أكتوبر 2023، مقابل 369 ألف سائح في ذات الشهر من العام الماضي، حسب بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
خسائر بورصة تل أبيب
بالإضافة إلى ذلك، تكبد المؤشر الرئيسي لبورصة إسرائيل خسائر تعد الأكبر منذ 3 سنوات، خلال تداولات اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، حيث هبط إلى أقل مستوياته بمعدل 6.47%، ليسجل رأس المال السوقي خسائر بما يقرب من 20 مليار دولار، كما تراجع الشيكل إلى أدنى مستوياته منذ العديد من السنوات.
وفي ظل تأثر اقتصاد إسرائيل بالعدوان على غزة، أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، تخفيض النظرة المستقبلية لتصنيف إسرائيل إلى سلبية، عن AA-، كما أفادت وكالة موديز بأنها تدرس تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل.
وفي ذلك الصدد، قال عز الدين حسنين أستاذ الاقتصاد والإدارة بالمعهد القومي للإدارة، والخبير الاقتصادي، إنه من منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، ورد إسرائيل بأبشع الطرق بشن حرب شاملة على قطاع غزة، يتم استنزاف اقتصاد إسرائيل يوميًا.
وأضاف أستاذ الاقتصاد والإدارة في تصريح لـ القاهرة 24، أن الحرب والهجوم على غزة وتوقف الاقتصاد الإسرائيلي عن الحركة وإغلاق المؤسسات والمصانع، فضلًا عن تعبئة الاحتياطي لانضمامه للقوات النظامية بالجيش الإسرائيلي وترك أعمالهم، أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض قيمة الشيكل وتراجع البورصة، وتضرر السياحة، وتوقف تدفقات الاستثمار المباشر والغير مباشر.
وعلى الرغم من ذلك، أشار الخبير الاقتصادي إلى تدفق الدعم المالي والعسكري الغربي إلى إسرائيل، فنتيجة للدعم القوي المتجه من أمريكا إلى إسرائيل لا سيما في وقت الأزمات، لن تكون تداعيات الحرب مؤثرة على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير مستقبلًا، ولكن المتضرر هو المواطن الإسرائيلي الذي ترك عمله ومصنعه، وكذلك رجال الأعمال اليهود والمستثمرين الغربيين داخل إسرائيل.
ومن جانبه، قال علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، وخبير الاقتصادي، إنه بالرغم من أن التكلفة المباشرة للحرب بلغت مليار شيكل بما يعادل 246 مليون دولارًا يوميًا، وتراجع حركة القطاعات سواء السياحة والقطاع المصرفي والتكنولوجي والتشييد والبناء والطيران، فضلًا عن ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتراجع العملة واحتياطي النقد، إلا أن الولايات المتحدة تدعمها بشكل كبير ماليًا وعسكريًا مما يجعلها تصمد أمام تلك الصدمات بشكل أكبر.
وأكد الخبير الاقتصادي في تصريح لـ القاهرة 24، أنه لولا الدعم الكبير من الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل، كان اقتصادها سيشهد انهيارا أكثر مما هو عليه.
وعلى الرغم من دعم أمريكا، أضاف الخبير الاقتصادي، أن اقتصاد إسرائيل سوف يحتاج فترة زمنية طويلة للعودة إلى حالته قبل الحرب، في ظل الحالة الضبابية وعدم اليقين من جانب المستثمرين اتجاه ما يحدث في إسرائيل، مشيرًا إلى الحاجة إلى قترة زمنية ليست بقليلة لاستعادة ثقة المستثمرين وعودة عجلة الإنتاج وجذب استثمارات جديدة.
كيف أثرت أزمة كورونا على إسرائيل؟
وجاءت تلك الأزمات المتتالية في اقتصاد إسرائيل عقب مرور عامين فقط على أزمة فيروس كورونا، التي أثرت تداعيتها السلبية على العالم أجمع، وحسب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أدت أزمة كورونا إلى تعرض اقتصاد إسرائيل إلى انكماش اقتصادي مر به لأول مرة منذ انتفاضة الأقصى في عام 2000، حيث إن الحكومة أصدرت حزم إنعاش الاقتصاد بتكلفة بلغت نحو 50 مليار دولار، الأمر الذي أدى إلى عجز كبير في ميزانيتها وارتفاع مديونياتها.