الانتصار المؤجل للفصائل الفلسطينية
وأخيرا رضخت إسرائيل، وانكسر غرور نتنياهو وحكومة حربه، ورضخ إلى هدنة مؤقتة بوساطة مصرية قطرية وبرعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ووقف مؤقت لإطلاق النار مشروط بتبادل جزئي للأسرى واحتمالية تمديدها.
دولة الاحتلال برغم كل مذابحها ومجازرها داخل قطاع غزة، وبرغم كل أعداد الضحايا التي تتجاوز 14 الف شهيد منهم أكثر من 6 آلاف طفل، وبخلاف الجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني، وبرغم كل المساعدات الأمريكية والدعم الغربي في حربها غير المشروعة على قطاع غزة، رضخت والرضوخ هزيمة وفشل لها ولهم جميعا.
فلم تستطع عصابة الاحتلال أن تصل الى أهدافها في القضاء على حماس والفصائل الفلسطينية، كما لم تستطع برغم مجازر الإبادة أن تصل إلى رهائنها لدى المقاومة، كما كبدتهم المقاومة خسائر فادحة سواء في الأرواح أو الآليات العسكرية، ولم تتوقف صواريخها عن الوصول إلى الداخل الإسرائيلي، الذي أرعبهم وأزعجهم كلما دوت صفارات الإنذار، ولم يتوقف الضغط الداخلي من أهل الرهائن بضرورة وقف الحرب وعودة أبنائهم.
كان يظن نتنياهو وعصابته أن يستطيع تدمير غزة والوصول إلى الرهائن بمساعدة الولايات المتحدة، وهذا ما لم يحدث مما زاد في جنونه وتهوره الذي واجهته المقاومة ببسالة والشعب الفلسطيني بجسارة وتمسكه بالأرض.
نتنياهو سيكون أكثر الخاسرين من تلك المعركة، وسيتعرض للمحاكمة لا محالة، وسيظل يوم السابع من أكتوبر كابوسا يطارده وبل ويطارد كل الإسرائيليين، برغم كل التكنولوجيا التي يمتلكونها، وجهازهم الاستخباراتي عجزوا عن رصد يوم السابع من أكتوبر، وفشلوا في الوصول الى الرهائن، وفشلوا في حربهم التدميرية في القضاء على المقاومة.
ففي الداخل الإسرائيلي يتعرض نتنياهو وجالانت وحكومة الحرب المصغرة لضغوط رهيبة واتهام بالفشل، وخسروا ثقة شعبهم، ويجب تغيير تلك الحكومة فورا ومحاسبتهم، فقد دحرتهم حماس واجبرتهم في النهاية على الاستسلام والدخول في مفاوضات.
كما أن المظاهرات المتواصلة التي خرجت من كل عواصم العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا أهم الداعمين لإسرائيل في جنونها، في الضغط على حكوماتهم وكشف مواقفهم غير الإنسانية في دعمهم حرب إبادة تقتل فيها النساء والأطفال والمدنيين، وتقصف فيها المدارس والمستشفيات والمنازل في تدني أخلاقي وانتهاك لكل القوانين والأعراف.
كما تغيرت نظرة بايدن بعد تلك الضغوط، فقد كان يرفض حتى هدنة أو توقف الحرب لتورطه فيها بشكل كامل، ودعمه المعلن لإسرائيل لإرضاء اللوبي الصهيوني، رجع عن بعض مواقفه ورفض التهجير، ورفض السماح لإسرائيل في احتلال القطاع، وذلك ليخفف عنه الضغوط داخل حزبه، وإذعان المظاهرات الكبيرة التي خرجت في المدن الأمريكية، لأنهم أيقنوا من كذب إسرائيل وادعاءاتهم الواهية، وطالبوا معظم الأمريكيين بوقف الحرب وحماية الفلسطينيين.
المهم في تلك الهدنة التي تستمر لمدة أربعة أيام، أنها ستساعد في دخول كل المساعدات الإنسانية والوقود، وتعطي فرصة لالتقاط الأنفاس داخل القطاع، وترتيب الأوضاع داخل صفوف المقاومة.
ولكن السؤال برغم تصريح نتنياهو أنه لن يوقف الحرب بعد الهدنة، هل تنجح الضغوط الدولية والشعبية في وقف كامل للحرب، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة؟
إسرائيل تعترف بتصريح أحد وزراء حكومة نتنياهو أن وقف الحرب سيعرضها لضغوط كبيرة، لوقف الحرب نهائيا والاعتراف بالدولة الفلسطينية، مما جعل الحكومة ومجلس الحرب الصهيوني منقسم على موافقته للهدنة، لكن رضخ وقال نتنياهو أنها قرار لا مناص عنه.
وعلى العالم والحكومات الداعمة لإسرائيل أن تنظر بعين العقل، وليس المكابرة والغرور، وأن يسعوا إلى وقف الحرب بشكل كامل، وأن ينظروا بعين الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني الذي تعرض لكافة أنواع المجازر، فقد هدمت بيوتهم وبنيتهم التحتية ومستشفياتهم بل دمار شامل أصابهم.
وإن كانت الهدنة من أجل عودة بعض الرهائن الإسرائيليين الذين سيعودون الى بيوتهم، فماذا يحدث للفلسطينيين الذين أصابهم ما لا تستطيع العيون ولا الحقيقة أن تكذبه، هل سيظلون في خيام والشتاء على الأبواب وبدون خدمات ولا مساعدات مشردين داخل وطنهم، في حياة أبعد ما تكون عن الإنسانية.
فعلى المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية بل على الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، أن تسعى لوقف دائم للحرب وتسعى لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية لإقرار السلام في المنطقة، وأن تمنع عدوانية المستوطنين في الضفة الغربية.
ونشكر للقيادة السياسية المصرية دورها المشرف برفضها التهجير القسري، وفتحها المعبر طوال الوقت، والضغط لإنفاذ المساعدات، والسعي الدائم الى التهدئة، ووساطتها فيما تم أخيرا من هدنة مؤقتة مع دولة قطر الشقيقة.