معنى الودق في القران
ما هو الودق؟.. لماذا يستبشر به المسلمون رغم أنه ظاهرة مرعبة؟
ما هو الودق؟ سؤال يراود الكثيرون ممن يتفكرون في الظواهر الكونية، خاصة وأن الودق من أكثر الظواهر التي تثير الرعب في قلوب البشر، رغم أنها تحمل بشرى وخير وفير للبشر كما قال المولى عز وجل في كتابه العزيز، ويندر حدوث تلك الظاهرة وقد أثارت الرعب في محافظة الإسكندرية عندما وقعت منذ سنوات وتساءل البعض هل هي علامة من علامات يوم القيامة؟، فما هي ظاهرة الودق وكيف تحدث ولماذا تحمل بشرى وخير وما الواجب على المسلم عندما يراها؟، هذا ما سنتحدث عنه عبر القاهرة 24 في هذا التقرير.
ما هو الودق؟
يزداد التساؤل حول ما هو الودق؟، مع تكرار الآيات التي ذكر فيها، فقد ذكر الودق في موضوعين في القرآن الكريم، وتحدث عنها العلماء وبينوا كيف تحدث ولماذا قال عنها المولى عز وجل "إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ".
وفي القرآن الكريم الودق يعني المطر، وقد فسره أهل العلم على أنه من الظواهر الكونية التي تؤكد وتعكس قدرة الله تعالى على إدارة الكون بشكل مبدع، فمن المعتاد نزول المطر من السماء قطرات متفرقة، ولكن الله تعالى عندما يشاء ينزله من موضع واحد فينتج عنه مطر متجمع يصيب منطقة معينة ويمدها بخير وفير.
ظاهرة الودق
والتفسير العلمي لظاهرة الودق هي أنها ظاهرة جوية نادرة، تحدث عندما تتراكم السحاب على بعضها البعض وتختلف التوزيعات الضغطية على سطح الأرض، في طبقات الهواء العليا، فيسقط المطر من منطقة واحدة ككتلة واحدة على الأرض، وبشكل عمودي ومستقيم كالصنبور.
وتعد ظاهرة الودق غير معتادة، وتعرف باسم "قنبلة المطر" أو "Microburst" لأنها تحدث كل فترات طويلة، وتتميز بأن تفريغ الماء من السحاب يكون هادئًا وهينًا ولا يكون شديدًا، ولكن الظاهرة لندرتها تثير الرعب ويتوهم البعض وكأن السماء قد ثُقبت، لنزول الماء من موضع واحد فقط في السماء، فما الفرق بينه وبين المطر؟.
معنى الودق في القرآن
تحدث أهل العلم عن معنى الودق في القرآن الكريم، حيث ورد لفظ "الودق" في موضعين أحدهما في سورة الروم في قوله تعالى "هو الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ".
وقد فسر الطبري قوله تعالى في الآية الكريمة بأن الله عز وجل ينشر الرياح حتى تنتشر السحاب فيجعلها في السماء مسيرة يوم أو يومين أو أكثر على من يشاء، ثم يجعل السحاب قطعًا متفرقة فترى الودق وهو نزول المطر المستمر من وسط السحاب، فإذا أصاب الله تعالى به من يشاء من عباده فرحوا به واستبشروا.
كما تكرر ذكر الودق في سورة النور في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ"، وجاء في تفسير الطبري أيضًا أن الله تعالى يسوق السحاب بأمره إلى حيث يريد ثم يجمع بين قطع السحب المتفرقة لتتراكم فوق بعضها، ويخرج المطر من وسط السحابة المتراكمة.
ما الفرق بين المطر والودق؟
وحول ما الفرق بين المطر والودق؟، ورد في تفسير القرطبي أن الفرق بين المطر والودق هو أن الودق قطرات المطر التي تنزل مرة واحدة وتخرج من خلال السحاب التي تجمع على بعضها وهو مطر مستمر يهبط في خطوط دون توقف وربما يكون شديدا أو ضعيفا، أما المطر فهو أي ماء تنزل من السماء سواء متفرقة أو مجتمعة.
كما تحدث الشيخ الشعراوي رحمه الله في مقطع مصور له، عن تفسير قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ" حيث قال إن الودق هو "قطرات المطر التي تخرج من خلال السحب وفيها برد أي تحتوي قطرات المطر على قطع من الثلج تاخده وتنزل مرة واحدة".
وأن الرحمة في قوله تعالى "يزجي" أي يرسل السحاب برفق ومهل، ثم يجمع السحب مع بعضها، وهنا علق الشعراوي بقوله "وما دام يجمع شيء على شيء بدون أن توحد تكوينه، لا بد من أن يكون بينهم فراغ، والفراغ ده معناه وجود هواء أي في خلل فيه".
واستكمل "ركامًا أي مكدس فوق بعضه، فيخر المطر دفعة واحدة محملا بقطع الثلج، وربنا سبحانه وتعالى يجعل من المياه حياة أو موت، فالعدوين اللي مقاومتهم صعبة المياه والنار".
وقال الشعراوي أن ذكر الودق في سورة الروم "اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ"، تحمل خير وبشرى، إذ أن "كلمة رياح إذا جمعت يقصد بها خير، وإذا افردت يقصد بها شر، الرياح إذا تعدد من كل جهة دل ذلك على ثبات الثوابت، والرياح إرسالها نعمة وإذا حملت السحب فلتلك نعمة أخرى".
وتابع بأن الرياح هي ماء يتبخر فيصير غازيًا "فتجمع مع بعضه ونتج عنه قطر المطر الذي يخرج من خلاله، والمقصود بكلمة كسفًا أي قطع، والودق أي قطرات المطر".
هل الودق خطير؟
ولكن، هل الودق خطير؟، يجيب على هذا السؤال الشيخ رمضان عبد الرازق، من علماء الأزهر الشريف، حيث قال في تصريحات سابقة إن الودق من الظواهر الطبيعية التي تدل على قدرة الله تعالى ومن آياته التي لا ترتبط بغضب الله تعالى أو رضاه سبحانه عن الخلق.
وفي تفسير ابن كثير قيل في معنى "كسفًا" أي "متراكمًا أو أسود من كثرة الماء، تراه مدلهمًا ثقيلًا قريبًا من الأرض، فالمطر يخرج من بين السحب المتراكمة "فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون" لحاجتهم إليه يفرحون بنزوله عليهم ووصوله إليهم"، وهو ما يؤكد أن الودق خير وليس شر أو غضب من الله تعالى.
هل الودق من علامات الساعة؟
وقد يغلب على البعض تساؤلًا حول هل الودق من علامات الساعة؟، وقد أكد الشيخ رمضان عبد التواب في شرحه لظاهرة الودق، أنها لا علاقة لها بعلامات الساعة ولا تدل على قرب يوم القيامة بل هي ظاهرة من الظواهر الطبيعية فقط ودلالة على قدرة الله.
كذلك أكد الدكتور عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في تصريحات سابقة، أن ظاهرة الودق أو المطر الغزير لا علاقة لها بعلامات يوم القيامة، وأن بعض العلامات الكونية التي تعبر عن قرب يوم القيامة ظهرت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأولها انشقاق القمر، وهي أول علامات اقتراب الساعة.