47 يومًا استهداف واعتقال وتضييق والحصيلة 70 صحفيا شهيدًا في غزة.. حقوقيون: جريمة حرب غير مسبوقة والخوذ والسترات فشلت في حمايتهم
الصحافة.. مهنة البحث عن المتاعب؛ لكنها تتحول بسرعة كبيرة لتكون رسالة البحث عن المخاطر أو بين قاب قوسين أو أدنى الموت؛ فقط عندما تشاهد أمام شاشات التلفاز أو الهواتف المحمولة هؤلاء العاملين فيها من أماكن الصراعات والحروب وهم يرتدون تلك الخوذات والسترات الواقية للرصاص بلونها الأزرق المعروف والمكتوب عليها بشكل واضح كلمة PRESS؛ فبدلا من أن تكون تلك الكلمة مصدرا للحماية جعلتهم هدفا سائغا في مرمى النيران والقصف المتعمد في أحايين كثيرة خاصة داخل قطاع غزة لهم ولأسرهم.
طوال عام كامل في 2022؛ قتل 86 صحفيا، بمعدل صحفي واحد كل أربعة أيام، ولاتزال معدلات الإفلات من العقاب على قتل الصحفيين مرتفعا بشكل صادم عند 86 في المائة، وذلك وفقا لتقرير منظمة الثقافة والعلوم للأمم المتحدة اليونيسكو، لكن خلال الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر الماضي سقط 3 من الصحفيين الفلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ هذا التاريخ ولمدة 47 يوما حتى سريان الهدنة سقط نحو 70 صحفيا وعاملا في الحقل الإعلامي؛ حسبما أعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينية؛ ناهيك عن حملات الاعتقال والتضييق والتهديد والقصف المتعمد لأكثر من 50 مكتبا إعلاميا لوكالات أنباء عالمية ومحلية؛ ورغم هذا كله لم تتوقف عمليات الاستهداف خلال الهدنة بواسطة وبدلا من أن ينقل هؤلاء الصحفيين القصة أصبحوا هم القصة ولا تزال الفاتورة مفتوحة والحساب يدفعه الصحفيون الفلسطينيون بدمائهم ودماء أسرهم.
الاحتلال الإسرائيلي خائف من نقل الحقيقة ويستهدف أسر الصحفيين
بينتقموا منا في الأولاد.. معلش؛ صاحب هذا الرثاء هو الأستاذ وائل الدحدوح مدير مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة، والذي تحدث به وهو يحبس دموعه أثناء وداع حفيده وزوجته وابنه وبنته و11 شخصا من أسرته؛ لكنه ضرب مثلا في الصبر وقوة التحمل وعاد سريعا إلى الميدان يحمل مذياعه لينقل الحقيقة؛ وفاءً لدماء الشهداء ومهنة صاحبة الجلالة، ليقرر حسبما صرح لنا في موقع القاهرة 24؛ أن يعُضَّ على الجرح والألم والوجع ويعود للكاميرا من جديد.
ويؤكد الدحدوح بأن الاحتلال الإسرائيلي يشعر بالخوف ولا يريد أن يزاحمه الصحفيون في نقل الحقيقة وما يحدث على أرض الواقع من مجازر، وهو ما يزعجه ويحاول إبعاد الصحفيين بطريقة خشنة ووحشية مكلفة جدا بالنسبة لأرواح الصحفيين الفلسطينيين وأسرهم، كما أنه تعود أن يكون فوق القانون الدولي وأن يضرب به عرض الحائط، خاصة وأنه لديه شعور قوي بأنه لا يحاسب على جرائمه، مشددا على أن الصحفيين ليسوا طرفا في المعركة، وعملهم تكفله القوانين والمواثيق الدولية؛ والاحتلال لا يعي ذلك ولا يحاول إدراكه.
رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية: الخوذ والسترات ليست مصدر حماية
بدلا من أن تشكل تلك الكلمات والعلامات مصدر حماية للصحفيين كانت هي محط استهداف من قبل الاحتلال الإسرائيلي، هذا ما يؤكده محمد اللحام رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية؛ حيث تم استهداف الكثير من الزملاء في قطاع غزة وهم يرتدون الزي الأزرق المعروف من السترات الواقية والخوذ المكتوب عليها PRESS؛ باللغة الإنجليزية، ليصل عددهم في قطاع غزة لـ 70 ما بين صحفيين ومراسلين ومصورين وإداريين في الصحف والقنوات الإخبارية، هذا بجانب تدمير أكثر من 50 مكتبا إعلاميا وصحفيا لكثير من وكالات الأنباء العالمية.
وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة لا يختلف الوضع كثيرا، فيوضح رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية؛ أنه تم اعتقال أكثر من 28 صحفيا من منازلهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الأمر لم يتوقف عند حد الاستهداف والاعتقال بل امتد ليشمل المصادرة للمكاتب الإعلامية مثل قناة الميادين وبعض المواقع المحلية ومصادرة الكاميرات والأجهزة؛ وغلق المطابع والسطو على محتوياتها، والتضييق عليهم ومنع تنقلهم من خلال الحواجز؛ هذا بجانب تعمد إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والضرب والاعتداء بالعصى والأيدي وهو ما أدى لإصابة العشرات من الزملاء وتم نقلهم إلى المستشفى للعلاج.
ويشدد محمد اللحام رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية؛ خلال حواره مع موقع القاهرة 24؛ بأن النقابة تتحرك منذ زمن في مجال محاولة تقديم الأدلة لإدانة جنود وقادة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي؛ ويتم العمل على رصد وجمع كل البيانات التي تشير إلى جرائم الاحتلال بحق الحالة الصحفية؛ لكنه رغم كل الجهود التي تبذل فإن هناك هبوط في مستوى التوقعات من تلك المؤسسات الدولية كونها ليست مؤسسات حقوقية وإنسانية فقط ولكن لها أبعاد وإرادات سياسية أمريكية وغربية تكون لها الكلمة العليا على حقوق الإنسان.
شكوى أمام الجنائية الدولية تنتظر عقاب المتهمين
حرب وجرائم غير مسبوقة تجاه الصحفيين لم تحدث في أي مكان أو حرب بالعالم، يبدأ منير زعرور مدير السياسات والبرامج _ العالم العربي والشرق الأوسط بالاتحاد الدولي للصحفيين، حديثه معنا خاصة وأن هذا العدد من الصحفيين قتلوا خلال وقت قياسي، وفي اليوم الواحد يسقط أكثر من صحفي وهذا شيء غير مسبوق ومؤشر خطير إلى مدى العنف الذي يواجهه الصحفيون في قطاع غزة، على حد وصفه.
ويؤكد منير زعرور؛ أن الاتحاد الدولي للصحفيين، يتابع عن كثب أنماط القتل للصحفيين في فلسطين المحتلة وهناك مؤشرات قوية على أن جزء منهم تم استهدافه بشكل مقصود وهو ما يتطلب المزيد من البحث والتدقيق والمزيد من الشهادات وتقديم الأدلة في تقرير إضافي، خاصة بعدما تقدموا بشكوى للمحكمة الجنائية الدولية بالشراكة من نقابة الصحفيين في فلسطين.
تهديد مستمر للمراسلين والصحفيين العاملين في قطاع غزة
أثناء عمله في تغطية مباشرة من أمام البوابة الرئيسية لمستشفى الإندونيسي في قطاع غزة؛ وعلى بعد أمتار منه تم قصف محيطه بينما أصر مراسل قناة الغد عبد الله عبيد؛ على استكمال عمله بعدما تعرض لكثير من التهديدات حاله كحال الكثير من أقرانه في المهنة، مؤكدا أنه لن يتوقف عن نقل الحقيقة لأنها رسالة مقدسة.
ورغم عمله في منطقة يصفها بأنها بقعة صغيرة من أكثر المناطق سخونة على مستوى العالم؛ يحاول عبدالله عبيد؛ التعايش من خلال التعاون مع زملائه من الصحفيين والإعلاميين لشحن بطاريات كاميراتهم ومعداتهم من جانب، بسبب حرب التجويع والتعطيش والتضييق من خلال قطع الكهرباء والماء والاتصالات والإنترنت؛ لتكون غزة معزولة عن العالم.
نقيب الصحفيين في مصر: استهداف الصحفيين في غزة جريمة حرب
ما حدث هو جريمة حرب بكل المقاييس؛ هكذا يصف نقيب الصحفيين في مصر خالد البلشي؛ ما حدث ضد الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي في قطاع غزة والضفة الغربية، كونه محاولة لطمس الحقيقة لعدم اكتمال الصورة وعدم نقلها على حقيقتها للعالم، واصفا تلك الاستهدافات والتهديدات للصحفيين بمثابة محرقة تجرى على الأرض وجريمة مروعة بحق الصحفيين والعالم.
ويشير إلى أن عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي حتى الآن، يعد العدد الأكبر في القرن الحالي والأكبر في كل الصراعات العالمية خلال الثلاث عقود الماضية؛ مؤكدا أنه نقابة الصحفيين في مصر نسقت مع نظيرتها في فلسطين وتم وإرسال خطابات والتقدم لـ 9 جهات دولية وإقليمية من أجل إجراء تحقيق دولي لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ مؤكدا أن الأهم خلال الفترة الحالية أن نتخذ الإجراءات ونتقدم بالخطابات وهي الخطوة الأولى ومن ثم يتبعه تحقيق عادل وشفاف في الجريمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين.
مراسلون بلا حدود: استهداف هذا العدد من الصحفيين مرعب.. وتقدمنا بشكوى للجنائية الدولية
تصريحات خطيرة جدا ومرفوضة؛ هكذا يصف جوناثان داغر رئيس مكتب الشرق الأوسط في "مراسلون بلا حدود"؛ التصريحات المرعبة على حد تعبيره؛ والتي صدرت من بعض السياسيين في الحكومة الإسرائيلية والتي تطالب مباشرة بمعاقبة الصحفيين بناء على اتهامات مبنية على معلومات كاذبة تتهم بعض الصحفيين في قطاع غزة للعمل مع حماس، مؤكدا أنها اتهامات تفتقر للأدلة وتعد أكاذيب تشكل تهديدات مباشرة للصحفيين وأنها توضح بأنه لا نية سياسية لحماية أو تحييد الصحفيين أو المدنيين.
ويشير رئيس مكتب الشرق الأوسط في "مراسلون بلا حدود"؛ أن ما حدث في قطاع غزة يعد الصراع الأكثر دموية تجاه الصحفيين خاصة خلال القرن الواحد والعشرين على الأقل خاصة وأن اليوم الواحد يضاف إلى القائمة صحفي أو أكثر وهو عدد هائل ومرعب؛ مؤكدا أن ما حدث في قطاع غزة هو محاولة من إسرائيل لفرض تعتيم إعلامي وهو ما ظهر بوضوح مع استهداف هذا العدد الكبير من الصحفيين، واستهداف وتدمير أكثر من 50 مكتبا إعلاميا محليا وعالميا.
وأكد بأن منظمة مراسلون بلا حدود تقدمت بشكوى للمحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بتحقيقات شاملة فيما حدث من استهداف نال العشرات من الصحفيين والصحفيات، مشيرا إلى أنه يتم جمع الأدلة الكافية في هذا الجانب، مؤكدا أن ما يحدث هو نهج قديم يسير في طريقه دون توقف خاصة بعدما مقتل الصحفية الفلسطينية شريين أو عاقلة من قبل أحد جنود الجيش الإسرائيلي عام 2022؛ وعقِب ضغوطات بإجراء تحقيقات مستقلة اعترف الجيش الإسرائيلي بأن الرصاصة جاءت من أحد جنوده وقدم اعتذار لكن في المقابل لم يُصدر أي إدانة حقيقية وهو ما مهد الطريق لمزيد من الجرائم تجاه الصحفيين وكان بمثابة ضوء أخضر للاعتداء على الصحفيين لعدم الملاحقة وهو ما تكرر بوحشية منذ السابع من أكتوبر.
- الصحافة
- الصحفيين
- استهداف الصحفيين
- استهداف الصحفيين في غزة
- وائل الدحدوح
- وائل الدحدوح مدير مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة
- قطاع غزة
- رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية
- محمد اللحام رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الفلسطينية
- محمد اللحام
- منير زعرور
- الاتحاد الدولي للصحفيين
- مراسل قناة الغد عبد الله عبيد
- جريمة حرب
- خالد البلشي
- نقيب الصحفيين في مصر
- مراسلون بلا حدود
- جوناثان داغر
- لخوذات والسترات الواقية للرصاص