الرزق يحب الخفية.. العم سيد يتنقل بين المحافظات لصناعة أقفاص الجريد: بشتغلها من 40 سنة وربيت منها 5 أبناء
أمام أحد مصانع الجلاب بقرية القناوية التابعة لمركز نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، يجلس أمامه مجموعة من جريد النخيل، وبمهارة تعتمد على اليد بنسبة 100%، يصنع أقفاص الجريد، متحدّيا مخاطر انقراض المهنة التي تواجه منافسة ضارية من جانب الصناعات الحديثة، وعلى رأسها الأقفاص البلاستيكية والكراتين، ليواجه تحديات غلاء المواد الخام أو اختفاء الأيدى العاملة بسبب ضعف اليوميات، في محاولة لتوفير قوت يومه بالتمسك بمهنة آبائه وأجداده.
صانع أقفاص الجريد في قنا
سيد مصطفى حسين، صاحب الـ60 عاما، ترك أسرته وأبناءه بمحافظة الفيوم، وحضر إلى قنا، بحثا عن لقمة العيش، للعمل في صناعة أقفاص الجريد التي تستخدم في تخزين الجلاب، قائلا لـ القاهرة 24، إنه يعمل في مهنة صناعة الجريد منذ 40 عاما، واستطاع من خلالها تربية أبنائه الخمسة، وإتمام زواج اثنين منهم.
واضطر مصطفى حسين للسفر والتنقل بين المحافظات لكثرة العاملين بمهنة الجريد بقريته في محافظة الفيوم، وقلة الإقبال على منتجات الجريد، وذلك لكسب الرزق، مشيرا إلى أنه يحضر إلى قنا في موسم صناعة الجلاب الذي يستمر لمدة 4 أشهر، وبعدها يسافر إلى الإسماعيلية في موسم حصاد المانجو، أو إلى محافظة أسوان، مردفا: الرزق يحب الخفية.
ويتابع العم سيد، أن صناعة الأقفاص لم تعد مثلما كانت في الماضي، حيث باتت هذه الصناعة مهددة بالانقراض بسبب غلاء الجريد الذي ارتفع ثمنه للضعف تقريبا، وعزوف الكثيرين عن تداوله بسبب تدخل الصناعات الحديثة ومنافستها، مشيرا إلى أن الأقفاص البلاستيكية هي المنافس الأول لصناعة الجريد، وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها عن الأقفاص الجريد، فإن استخداماتها تشعبت إلى جميع الزراعات، وباتت منافسا قويا لصناعة الأقفاص الجريد، خاصة أن هذه الصناعة تحتاج إلى وقت وصبر، فى الوقت الذى يتم فيه إنتاج آلاف الكراتين والأقفاص البلاستيك فى يوم واحد.
ويؤكد الرجل الستيني، أنه لا يمكن التطوير في صناعة الجريد، نظرا لعدم تمكن أي أجهزة من التعامل مع الجريد، لما له من مواصفات طبيعية متعرجة، موضحا أنه لا بد من استخدام الأدوات التقليدية، مثل السكين، ويستخدم في تنظيف الجريد من سعف النخيل، وكذلك الخرامة، والمسندة والبلطة للتكسير والتقشير.
رغم العائد المادي الضعيف من العمل في صناعة الجريد، إلا أن العم سيد حرص على تعليمها لجميع أبنائه للحفاظ على المهنة من الانقراض، قائلا: أولادي بيشتغلوا نفس المهنة دي وبيسافروا للعمل في محافظة أسوان، وبنتقابل في الإجازات بس.