سلسلة مقالات الوطن والتحول التنموي (2): منظور إداري لمعايير رئيس مصر
ضجيج انتخابات رئاسة جمهورية مصر العربية قد يكون بحجمها الذي لا يعرفه الكثيرون إلا رجال الدولة والمفكرين والعالمين بالأمن القومي المصري، وطن بحجم مصر وبخصوصية الجغرافيا والتاريخ والتحديات المحلية والإقليمية والعالمية تفرض على كل مصري أن يكون لديه معايير أو أن يتعرف عليها في المرشحين الذين يصلحون لرئاسة مصر.
بعد المقدمة لابد من التذكير لأن البعض يتناسى ببعض الحقائق والخصائص لمصر أولها موقعها الجغرافي الذي يضعها في خضم صراعات الشرق الأوسط الاقتصادية والعسكرية والتجارية والنفطية، كما أنها تسترجع ريادتها الإفريقية مع مخاطر سد النهضة الإثيوبي على مياه المصريين في الحال والمستقبل وما يفرضه علينا من إثقال موازنة مصر بمعالجة حكيمة للمخاطر المحتملة، كما أن حدودنا الجنوبية والغربية تعج بصراعات مصالح عسكرية محلية وعالمية للسيطرة على ليبيا والسودان فتقف مصر تكافح من أجل أمنها القومي معهم والحفاظ على حدودها الأمر المكلف عسكريا وماديا وسياسيا.
وأخيرا موقع مصر الجغرافي الذي أمدها بأهم أوراقها العالمية وهي قناة السويس الممر المائي الأهم للتجارة العالمية، تقف كثير من الدول والتحالفات لتجهيز بديل لقناة السويس فتدفعنا لمواجهة تحديات التطوير للقناة والحفاظ على عوائدها للموازنة العامة للدولة وكذلك لمستقبلها ومشاركتها في حركة التجارة العالمية.
الوطن والتحول التنموي (1): منظور موضوعي لمؤتمر حكاية وطن
أما التحديات التاريخية التي تفرض على مصر الريادة والحكمة والوقوف بجوار أشقائها العرب والأفارقة والمساهمة في أمنهم ومصالحهم ودعم القضية الفلسطينية وحل صراعاتها كما يحدث الآن مع إسرائيل وفي كثير من الأحيان تحمل الأذى الاقتصادى أو السياسي أو الإعلامى بحكمة الكبار.
وأخيرا تحديات اقتصادية وإدارية ومجتمعية في جميع الملفات التي تسعى الحكومات المتتابعة إلى حلها وسط تقلبات عالمية اقتصادية تضغط على الاقتصاد المصري وبالتبعية على المواطن المصري، تحديات يمكن التعامل معها بدءا من الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري على فترة من الزمن وتعزيز قدرة القطاع الخاص على المشاركة التنموية ودعم الصناعة المصرية لزيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد على الاستيراد مع اهتمام استراتيجي بالإنتاج الزراعي خاصة مع التخوفات من تأثير التغير المناخي والصراعات العالمية في توافر الحبوب والزيوت، كما تسعى الدولة إلى توفير فرص عمل تقارب المليون فرصة عمل سنويا لاستيعاب أبناء الوطن عبر مشروعاتها القومية التي تساعد على دورة اقتصادية كاملة.
لكن أسجل هنا قبيل الانتخابات الرئاسية أن مكعبين من الأزمة الاقتصادية الحالية أولا أزمة سيولة للعملة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي رغم تواجد العملة الأجنبية بالسوق السوداء نتيجة عدم ثقة المواطنين وخوفهم من التضخم العالمي والمحلي والمكعب الآخر هو الصراع العالمي بين ما تفعله أمريكا من طباعة للدولار بعشرات التريليونات دون غطاء والصراع العسكري السياسي بين روسيا وأوروبا.
ويبقى الأثر والعودة معًا
عزيزي القارئ إن ترشح أو اختيار رئيس جمهورية دون فهم السطور السابقة تفصيلا والوعي بصعوبتها في الحال والمستقبل لن يكون موضوعي ولن يكون في صالح الوطن لذا لابد من عدم وجود انحيازات مسبقة أو تعاطف أو كراهة أو مشاعر قدر الإمكان، وسنخلص الآن لبعض المعايير المقترحة لمرشح رئاسة مصر التي استند في اقتراحها على دراستي في مجال الديمقراطية الإلكترونية وفهمي البسيط للسياق المصري اقتصاديا وسياسيا واجتماعيًا.
لمن يترشح لرئاسة جمهورية مصر لابد له معرفة وممارسة في إدارة المؤسسات الحكومية المتشابكة القوانين واللوائح والكتب الدورية للمالية وقدرة على عرض وتسويق أفكاره ودراستها وإثبات جدواها لابد له من إدراك الأمن القومي بكافة أبعاده الداخلية والخارجية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، لابد له من القدرة على إدارة المؤسسات المصرية الكبرى والتفافها حوله لمزيد من الإنجاز لمن يترشح لرئاسة مصر يجب أن يعي حجمها وتحدياتها ومتطلبات شعبها وما يمكن إنجازه منه، يجب أن يكون له رؤية ومسار وإطار فكري وقدرة مثبتة على الإنجاز.