تحقيق رسمي في حديث مصطفى الفقي
انتهت انتخابات الرئاسة التي أشغلتنا أو توهمنا الانشغال بها على مدار الأيام الماضية، وخرجت مؤشراتها الأولى بما كان متوقعًا من الجميع، عدا رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة؛ بتقدم يوضح حجم التنافسية قبل التصويت للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، على المنافسين الثلاثة: رئيس حزب الشعب الجمهوري - أحد أكثر الأحزاب تأييدًا لسياسات الدولة السنوات الماضية - وفريد زهران المرشح الوحيد الذي قدم نفسه بديلًا للسياسات الحالية.
خلال تلك الفترة، أخذ لقاء للدكتور مصطفى الفقي - الذي يوصف بكونه مفكرا سياسيا، ولا أعلم له أي إنتاج يتعلق بالفكر السياسي- وسكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات والمتابعة، مع اليوتيوبر الكويتي عمار تقي في برنامج الصندوق الأسود، والذي يبث في منصات «القبس» الكويتية، المنتشرة على نطاق واسع، ويعود الأمر إلى حكاوي الفقي التي باتت البضاعة الوحيدة لديه التي يمكن أن يبيعها لصناع البرامج في مصر وخارجها.
لم يستوقفني على الإطلاق حديث الفقي؛ إيحاءَ أن عبد الناصر كان يشرب في منزل السادات بعد حرب 67 بينما يأكل الجبنة بيضاء أيضًا، أو تعاون المدلك الخاص للرئيس السادات مع المخابرات الإسرائيلية، أو زوجة عبد الناصر التي من أصول إيرانية، أو رقص جيهان السادات مع كارتر باعتبار السادات شخصًا منفحتا كل تلك الحكاوي، أثارها الفقي وباعها اليوتيوبر الكويتي للجمهور بعناوين ساخنة عبر منصاته.
لكن الأمر الذي يستوقفني وبالضرورة يجب أن يستوقف أي شخص يمتلك ضميرا وطنيا حيا وسليما، هو ما ذكره مصطفى الفقي في حديثه عن قضايا التعذيب والقمع في عهد عبد الناصر، وأعتقد أن هذا الأمر كان الأولى بالرد والمناقشة من الكتاب المؤمنين بالتجربة الناصرية، الذين تفرغوا للرد على حديث الفقي والإجابة على سؤال.. هل كان يشرب عبد الناصر في منزل السادات أم لا؟.
وهنا نترك الحديث لسكرتير الرئيس مبارك للمعلومات ويقول نصًا:
-عندما كنت سكرتير الرئيس للمعلومات، اتصل بي الدكتور عبد الأحد جمال رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وقال عندما بدأنا الحفر مكان الصالة المغطاة في منطقة العباسية وجدنا عظاما بشرية.
-المقبرة الجماعية كان مدفون فيها عدد كبير، لأنها كانت في مكان السجن الحربي - في إشارة إلى عهد عبدالناصر -، بما يعني أن ما قيل كان صحيحًا.. عندنا شهيد اسمه شهدي عطية قتل على باب السجن، كان بيتكلم مع الراجل فاعُتدي عليه بالضرب ومات على الباب.
وهنا العديد من الأسئلة التي يجب أن تطرح على الفقي نفسه؛ هل أبلغ الرئيس مبارك بتفاصيل هذه المكالمة؟ وإن أبلغه كيف كانت ردة فعل مبارك؟ وهل فتحت أجهزة الدولة تحقيقًا رسميًا في هذا الأمر؟ ولماذا لم يذكر الفقي تلك الواقعة قبل ذلك وهي جريمة ارتكبت بحق أبناء وشباب هذا الوطن وأن زعم أن نظام مبارك لم يهتم لماذا وبعد ثورة يناير لم يفتح هذا الأمر ويطلب شهادة الراحل عبد الأحد جمال الذي توفي في 2013.
الآن وإذا كنا قد طلبنا من إسرائيل رسميًا أن تفتح تحقيقًا كاملًا وشفافًا بشأن وجود مقبرة جماعية لجنود مصريين في القدس، وجاء في بيان رسمي صادر عن مؤسسات حكومية أن الجانب الإسرائيلي سيتعامل مع هذا الأمر بكل إيجابية وشفافية.
فالأولى بنا جميعًا أن نفتح تحقيقًا كاملًا وشفافًا أيضًا في الرواية التي ذكرها مصطفى الفقي والتي قد تكون فيه للبعض إعادة تقييم وجهة نظرة، أو على الأقل أن ينظر بضمير إلى فترة الزعيم الخالد، وإن كانت هناك جهات رسمية قامت بالتحقيق في هذا الأمر فلماذا لا يتم الكشف عن وقائعه؟