قصة حياة عنان الجلالي مؤسس فنادق هلنان: أتناول الطعام مع العمال بالمطبخ.. والدنمارك عملت عني فيلم وثائقي
سافر بلا أي طموح أو هدف إلى أوروبا هاربا من واقع مؤلم واغتراب وغربة بين أهله عندما رسب لمدة 4 سنوات متتالية في الثانوية العامة بمدرسة مصر الجديدة الثانوية، فوجد نفسه مختلفا عن أقرانه وكذلك أشقائه الذين التحقوا بكليات القمة كالطب.. كان غاضبا من كتب الدراسة قائلا: لم يعجبني أن أحمل تلك الحقيبة التي تحتوي على عشرات الكتب وكل كتاب به خمسمائة صفحة.. كيف لعقلي الصغير أن يستوعب كل تلك المواد الدراسية؟...
الملياردير عنان الجلالي رئيس ومؤسس سلسلة فنادق هلنان العالمية ابن مدينة هليوبليس بمصر الجديدة بمحافظة القاهرة الذي هاجر إلى أوروبا في الستينيات عبر السفينة اليونانية زونيا المبحرة لأوروبا ولا يملك سوى 10 جنيهات إسترليني منحها له والده ودونهما لا يملك شيئا، ليستقر هناك بالنمسا ثم الدنمارك.
دنيا جديدة تستقبل الشاب عنان الجلالي في أوروبا
دنيا جديدة تستقبل الشاب عنان الجلالي حيث اكتشف أن الأمر ليس سهلا فكيف واجه التحديات والصعاب؟.. عملت في البداية غاسل أطباق بعد أن استقريت في بيوت الشباب الأسيوي الأفريقي وسط مدينة فيينا وهى مجانا للشباب الذين ليس لهم مأوى.. كان هدفه في البداية مكان يأويه ووجبة غداء يعيش عليها فبدأ يعمل في الفنادق في سبيل ذلك وجبة واحدة يوميا ومكان ينام فيه.. ظل الشاب عنان الجلالي يعمل بالفندق حتى تم رفده من قبل مديرة الفندق حيث أخبرته أنه غير ملتزم بمواعيد العمل.
العمل في بيع الصحف
توجه جلال العناني لمهنة أخرى وهى بيع الصحف والجرائد، كان ذلك عام 1967 ليرى صور الجنود المصريين على صفحات الصحف الأوروبية وهم شهداء إبان نكسة عام 1967 ليرفض تلك المهنة بسبب هذه الصور للجنود المصريين الذين قتلوا على يد الجنود الإسرائيليين بالصفحات الأولى: رفضت أن أتكسب من بيع صور جثث أهلي فتركت مهنة بائع الصحف.
كنت أبحث عن وجبة طعام بين صناديق القمامة في أوروبا
بشيء من السخرية والدعابة، يروي عنان الجلالي كيف كان يختار وجبته وينتقيها جيدا من صناديق القمامة بأوروبا: كانت حياتي في مصر في طبقة فوق متوسطة فيها شيء من الرفاهية، لذلك كنت أنتقي وجبتي من صناديق القمامة فأختار مثلا المربى بدلا من أشياء أخرى، حيث كنت كل ما أريده هو وجبة طعام ليوم واحد.
عبارة عنصرية غيرت حياة الملياردير عنان الجلالي
في خلال حوار مع القاهرة 24، تحدث عنان الجلالي عن تفاصيل عمله في أوروبا من البدايات إلى القمة، قائلا: بحثت عن مهنة أخرى فعملت في مهن أخرى حيث عملت نقاشا وجنايني ببعض المنازل في أوروبا.. كل مهنة كنت أعمل بها كان يتم رفدي منه مثل الثانوية العامة تماما في مصر.. وعدت مرة أخرى للعمل بالفنادق حتى حدث لي موقف كان فارقا في حياتي حيث عندما كنت أعمل في يوم من الأيام في سبيل توفير وجبة طعام بفندق بالدنمارك فوجئت بالطباخ الذي يقدم لي وجبة الطعام الخاصة بي نيئة حيث وضع السمكة في الزيت ثم أخرجها بسرعة فقلت له مازالت نيئة يمكن طهيها جيدا.. فقال لي عبارة عنصرية لن أنساها: انت كلب خنزير تأكل الطعام الني بينما باقي العاملين يأكلونه مطهيا جيدا.
ومن هنا قررت أن اجتهد حتى لا أظل كلب خنزير كما سماني هذا العامل بتلك العبارة العنصرية، فقررت أن استغل وقت فراغي في تعلم مهن جديدة، حيث كنت أعمل في الصباح غاسل صحون ثم استغل وقت فراغي في معايشة بواب الفندق لأتعلم منه مهنة جديدة وهكذا في باقي المهن بالفندق وعندما تتاح لي فرصة للعمل بهذه المهنة كالبواب مثلا يستقيل من مهنته فاطلب هذه المهنة حتى تدرجت في المناصب داخل هذا الفندق وهو من أكبر الفنادق بالدنمارك، حتى أصبحت أصغر نائب مدير لأكبر فندق بالدنمارك وأنا عمري 25 عاما، ثم رئيسا لذلك الفندق وأنا عمري 30 عاما لأستقيل بعد ذلك لأشتري أول فندق بالدنمارك باسم هلنان، وهو اسم مشتق من أول حرفين من اسم مدينتي هليوبليس وأول حرفين من اسمي عنان لتليها بعد ذلك سلسلة من الفنادق بكثير من الدول الأوروبية والغربية.. لتتكون بعد ذلك إمبراطورية سلاسل فنادق هلنان العالمية.
يضحك عنان الجلالي ساخرا: كان زماني بغسل صحون حتى الآن لو كنت التزمت بمواعيد العمل بالفندق.
الحياة لم تكن كلها ورود في حياة عنان الجلالي فقد تعرض لخيانة الأمانة من بعض مستشاريه في أوروبا كما يقول في حواره لـ القاهرة 24: لقد تعرضت للخيانة من بعض المستشارين في أوروبا ربما لأنني أثق في الناس زيادة عن اللازم فمن جئت بهم كمستشارين في أوروبا باعوا بعض المعلومات الخاصة لشركتي كي يتكسبوا منها.
لا يهمني تربح الملايين ولا أكترث بالخسارة
يتعجب شقيق عنان الجلالي والذي يعمل طبيبا حاليا من عدم اكتراثه بالمكسب أو الخسارة فيقول له: أين أصدقائك الذين خسروا الملايين مثلك.. ليرد عليه أعلم تماما فقد ماتوا حزنا وحسرة على أموالهم وزرت بعضهم وهم مرضى لكنني أنا لا يهمني الربح أو الخسارة مهما كسبت من الملايين أو خسرت كذلك.
حياة عنان الجلالي شهدت العديد من التكريمات حيث قال الملياردير قائلا: حصلت على لقب ملكي من ملكة الدنمارك كما أن القناة الأولى الدنماركية عملت عني فيلم وثائقي تكلف الملايين، كما حصلت على لقب سفير من دولة الدنمارك للعلاقات التاريخية بالشرق الأوسط والدول العربية وهذه التكريمات أفخر بها كإنسان حاول الاجتهاد ولايزال.
يتعامل عنان الجلالي رغم وصوله وتربعه على قمة رؤساء وأصحاب الفنادق العالمية ببساطة شديدة مع عمال الفندق: أنا لا اصطنع البساطة فأنا أتناول الطعام مع العمال بفنادقي لكنه يرى أنه لايزال لدينا فروق اجتماعية كبيرة بين طبقات المجتمع العاملة في مصر، حيث لايزال العامل عامل والفلاح فلاح وهناك فجوة كبيرة بين الطبقات في مصر تخلق نوع من عدم تماسك المجتمع وتقدمه وتنميته اقتصاديا.
الاستقرار والتوسع في تطوير الفنادق في مصر
عنان الجلالي الذي تزوج مؤخرا في يونيو الماضي من الدكتورة اللبنانية مهدية فتاح يسعد وهو يرقص ببساطة مع زوجته مهدية التي يناديها بـ هدية على حمام السباحة بفندق هلنان لاند مارك التجمع الخامس بالقاهرة عندما قرر بعض الضيوف بالفندق عمل احتفال له كي يلقي كلمة معهم عن تجربته الحياتية: لقد سعدت كثيرا بذلك فهؤلاء جاءوا كي يستمعوا لتجربتي وهذا أسعدني كثيرا.
يستهدف الملياردير الشهير التوسع في تطوير الفنادق في مصر وينوي إعادة ما بدأه في مصر عند توسع استثماراته في السابق قائلا: أقوم حاليا بتطوير شركتي للانطلاق، كما بدأت فقد كنت أول من أسس فندق بشرم الشيخ عندما استلمناه من الحكومة المصرية بعد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
كما أسسنا فنادق من الدرجة الأولى الممتازة في مدن لم تكن على الخريطة السابقة مثل فنادق هلنان بنويبع ودهب وشرم الشيخ والفيوم وبور سعيد، كما أنني أرى أن مصر حاليا تعد من الدول الواعدة سياحيا لكنها تفتقد فقط للتسويق الجيد لهذه المدن والمناطق التاريخية والسياحية.
