شبهة عدم دستورية | الأسنان تشترط سداد 2050 دولارًا لقيد المصريين الدارسين بالخارج.. وخريجون: صعبوها علينا
يواجه طلاب طب الأسنان من الجامعات الأجنبية خارج البلاد أزمة في القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان، ما يؤخر حصولهم على تكليف وزارة الصحة والسكان؛ والسبب يرجع إلى قرار الجمعية العمومية العادية للنقابة في أبريل الماضي، الذي اشترط تقييدهم بدفع مبلغ مالي بالدولار مثل الأجنبي.
2050 دولارًا شرطا لقيد المصريين دارسي طب الأسنان بالخارج
في نوفمبر الماضي، تفاجأ مينا شفيق، خريج كلية طب الأسنان بإحدى الجامعات الأجنبية في روسيا، بعد قضاء مدة دراسته بالخارج، بضرورة دفع 2050 دولارا - ما يعادل أكثر من 61 ألف جنيه – ضمن اشتراطات القيد للسنة الأولى في نقابة أطباء الأسنان؛ تمهيدا للحصول على تكليف وزارة الصحة والسكان.
قرار تحصيل 2050 دولارا من المصريين خريجي الجامعات الأجنبية بالخارج للقيد في النقابة العامة لأطباء الأسنان، جاء بناء على قرار الجمعية العمومية العادية للنقابة، في انعقادها بأبريل الماضي، أسوة بالخريج أجنبي الجنسية، الذي درس في الجامعات المصرية.
لقي قرار الجمعية العمومية اعتراضًا من المصريين خريجي كليات طب الأسنان خارج البلاد وخلق أزمة في أروقة النقابة؛ لما يرون فيه من ظلم واقع عليهم؛ لمساواتهم بالأجنبي في رسوم القيد، وإجبارهم على دفع الرسوم نقدا بالعملة الأجنبية وليس بما يعادلها بالجنيه المصري.
توجه مينا شفيق وعدد من الخريجين إلى النقابة العامة للأسنان للقاء مسئول لجنة القيد، الدكتور أشرف زعلوك، للوصول إلى حل في هذا القرار؛ لعدم قدرتهم على تدبير المبلغ بالعملة الأجنبية، فضلا عن تعريضهم للخطر حال ضبط أحدهم بحوزته هذا المبلغ نقدا، ووقوعه تحت طائلة القانون.
جمعية عمومية غير عادية أو التقاضي لإلغاء القرار
وانتهت الجلسة مع مسئول لجنة القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان والطلاب الدارسين بالخارج، بالوصول إلى مقترحين: الأول عقد جمعية عمومية غير عادية للعدول عن هذا القرار، والثاني التوجه إلى القضاء، حسب قول أحمد فتحي صالح، أحد الطلاب الدارسين بالخارج، لـ القاهرة 24.
تبنى الطلاب المقترح الأول، وهو عقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة هذا القرار والعدول عنه، والتي تشترط جمع توقيع 100 عضو من النقابة مرفق رقم القيد ويتقدم بها عضو بالنقابة، حسب ما أخبرهم به مقرر لجنة القيد.
جمع الطلاب توقيع 200 عضو على عقد الجمعية الطارئة، والتزموا بالحضور لمناقشة هذا القرار والعدول عنه، أو محاسبة المصريين الدارسين بالخارج بالعملة المحلية، إلا أن النقيب العام رفض هذا الطلب مطالبا بحضورهم للنقابة للتوقيع لعقد جمعية غير عادية، حسب إفادة أحمد فتحي.
ومع فشل هذا المقترح، لجأ بعض الطلاب إلى البديل الثاني، وهو التقاضي في مجلس الدولة؛ لإلزام النقابة العامة للأسنان بالعدول عن تحصيل رسوم القيد من المصريين الدارسين بالخارج بالعملة الأجنبية، والدفع أسوة بغيرهم من أبناء الوطن بالجنيه المصري.
رسوم قيد بالدولار للدارسين في الخارج وسد الأبواب الخلفية
من جانبه، اعتبر الدكتور إيهاب هيكل، نقيب عام الأسنان، مطالبات الطلاب المصريين خريجي الجامعات الأجنبية بالخارج بالمساواة مع قرنائهم من أبناء الوطن في قيمة الرسوم أو الدفع بالعملة المحلية، بأنها محاولات للضغط للعدول عن هذا القرار، مؤكدا أنه لا يمكنه الاستجابة لهذا الضغط؛ لأنه قرار جمعية عمومية وهي أعلى منه سلطةً.
وبرر الدكتور إيهاب هيكل، لـ القاهرة 24، إقرار الجمعية العمومية هذا القرار لخلق صعوبات أمام قيد الدارسين في الخارج، وغلق أبواب التحايل على القانون في الالتحاق بكليات طب الأسنان والنقابة، مشيرا إلى توافد خريجين ليسوا على قدر المستوى التعليمي، فهناك جامعات بالخارج تمنع تعاملهم مع المرضى.
وأوضح نقيب عام أطباء الأسنان، أن هناك طلابا التحقوا بكليات أسنان بالخارج بمجموع في الثانوية العامة أقل من الحد الأدنى للمجلس الأعلى للجامعات المصرية، وبذلك استهدف القرار عدم المساواة بينهم وبين أقارنهم الملتحقين بالجامعات المصرية أو الخاصة في مصر.
وأكد نقيب الأسنان تسديد كثير من الطلاب رسوم القيد بالدولار، متسائلا: لماذا الاعتراض على دفع الرسوم في أول سنة بالدولار في الوقت الذي كانوا يسددون فيه مصروفاتهم الدراسية والإقامة بالخارج بالعملة الأجنبية؟
كل عمليات تزوير الشهادات الجامعية قادمة من أوكرانيا وروسيا
في الوقت نفسه، أكد الدكتور أشرف زعلوك، رئيس لجنة القيد في النقابة العامة لأطباء الأسنان، أن النقابة رأت وجود حاجة لتحجيم قيد المصريين خريجي الجامعات الأجنبية بالخارج؛ باعتبارها الباب الخلفي للتحايل على دخول كلية طب الأسنان من جامعات في روسيا وأوكرانيا.
وأوضح الدكتور أشرف زعلوك، لـ القاهرة 24، أن كل عمليات تزوير الشهادات الجامعية قادمة من أوكرانيا وروسيا، لذا عمدت النقابة إلى استخدام ما يسمى "داتا فلو" لضمان صحة الشهادة من عدمها، وبناء عليه يتم قيد الطالب أو لا.
وأشار عضو مجلس نقابة الأسنان إلى أن النقابة في جمعيتها العمومية عام 2019 قررت عدم قيد خريجي الجامعات الأجنبية من خارج البلاد، الذين لم يحصلوا على الحد الأدنى للمجموع الذي حدده المجلس الأعلى للجامعات المصرية، مشيرا إلى تطبيقه على خريجي كليات طب الأسنان بالجامعات الأجنبية خارج البلاد عام 2024.
المستشار القانوني للنقابة لم يعترض على القرار
قرار الجمعية العمومية يخضع لمراجعة من المستشار القانوني للنقابة، وهو ما أكده النقيب العام لأطباء الأسنان، وأن هذا القرار تم عرضه على المستشار القانوني وممثل من الجهاز المركزي للمحاسبات خلال الجمعية العمومية ولم يُبدِ أيٌّ منهما اعتراضا عليه، مشيرا إلى أن تجديد القيد بعد ذلك سيكون بالجنيه المصري.
ورغم عدم إبداء المستشار القانوني للنقابة أي اعتراض على قانونية القرار من عدمه، فإن بعض المستشارين القانونيين أفادوا بعدم دستورية قرار تحصيل رسوم قيد من المصريين خريجي الجامعات الأجنبية خارج البلاد بالعملات الأجنبية، لعدم مساواتهم مع أقرانهم من المصريين خريجي الجامعات المصرية الذين يدفعون رسوم القيد بالعملة المحلية.
شبهة عدم دستورية تحصيل رسوم قيد مصريين دارسين بالخارج بالدولار
وأوضح محمد راضي مسعود، عضو مجلس نقابة المحامين، أنه يحق للجمعية العمومية تحديد رسوم القيد في النقابة، ولكن تحصيل رسوم قيد من مصريين بالدولار وآخرين بالعملية المحلية يوجد به شبهة عدم دستورية، حيث نص على أن المواطنين لدى القانون سواء.
الأمر الذي أكده سعيد أباظة، محامٍ بالنقض، وأنه لا يحق للجمعية العمومية للنقابة تحديد عملة رسوم القيد إلا بناء على سند قانوني، فهي ليس جهة التشريع، مشيرا إلى أنه في حال صدور سند قانوني بتحصيل رسوم قيد من مصريين دارسين بالخارج بالعملة الأجنبية، سيقابل برفض لعدم دستوريته.
وأضاف سعيد أباظة، أن تحصيل نقابة أطباء الأسنان رسوم القيد من المصريين خريجي الجامعات الأجنبية بالخارج من شأنه أن يحقر من قيمة العملة المحلية، مشيرا إلى إمكانية تحصيل النقابة رسوم القيد منهم بما يعادلها بالجنيه المصري.
رفض مقترح تحصيل رسوم القيد بما يعادلها بالجنيه مصري
مقترح تحصيل رسوم قيد الطلاب المصريين خريجي الجامعات الأجنبية خارج البلاد بما يعادله بالجنيه المصري، قوبل بالرفض من قبل المستشار القانوني للنقابة حسب قول الدكتور أشرف زعلوك، رئيس لجنة القيد، موضحا أنه طالما هناك قضية منظورة عليهم انتظار الحكم القضائي للفصل فيها.
وأضاف أشرف زعلوك، أن تحصيل الرسوم في الوقت الحالي يتم بالعملة الأجنبية "الدولار"، لحين النظر بالقضية في يناير المقبل وصدور الحكم، مشيرا إلى إمكانية التنسيق والتواصل مع البنك المركزي لتسهيل تدبير العملة الأجنبية للطلاب.
ضوابط البنك المركزي للتعامل بالنقد الأجنبي داخل البلاد
وحدد البنك المركزي المصري مجموعة من الضوابط القانونية لتداول العملات الأجنبية، نصت المادة رقم 233 من القانون رقم 194 لسنة 2020 بمعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تُجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المُعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك.
وأوضح محمد عبد العال، خبير مصرفي، أن البنك المركزي منع التعامل بالعملات الأجنبية، بيعًا أو شراءً، داخل البلاد؛ واقتصار استخدام النقد الأجنبي على تسوية المدفوعات التجارة الدولية، وفتح اعتمادات مستندية، وبوليصة تأمين، وتدبير مبالغ للتعليم أو العلاج بالخارج أو لغرض السفر في سياحة أو أداء عمرة.