ابن موت

ابن موت.. جملة يطلقها أهل الصعيد على كل شخص تتوافر فيه المروءة والكرم والشهامة والجدعنة والأصل الطيب، وكأن الدنيا ترفض أن يعيش عليها هذا الشخص لأنه لا ينتمي إليها، فهو شخص يتميز بالعطاء والشجاعة والمحبة، هادئ وبشوش ومطيع ولماح وغير أناني، تشبه صفاته في التعامل مع الآخرين الملائكة، كل تلك الصفات وأكثر تجدها في الفتى الصغير ذا البشرة السمراء سامح عادل، الذي لم يتخطى عمره السابعة عشر.

أحزنت قلوبنا يا سامح بخبر وفاتك لكن هكذا الدنيا يا صديقي؛ شعر سامح بحالة إعياء على إثرها ذهب إلى المستشفى قسم الطواري، ليقوم الأطباء بالكشف عليه وفي وقت لم يتجاوز 15 دقيقة خرج الأطباء في حالة من الذهول سامح مات، كانت  تلك الجملة كفيلة أن توقف عقارب الساعة، الكل ينظر إلى الآخر في مشهد سينمائي رباني بموسيقى الموسيقار جمال سلامة وغناء الفنان على الحجار في مسلسل ذئاب الجبل الجملة التي أبكت المصريين "ياسين مات ياشيخ بدار" الشخص الذي لم يكن له أعداء في حياته.

الكل يحاول أن يلملم نفسه لكن خبر وفاة سامح جعلهم يتمتمون بكلمات غير مفهومة؛ منهم من يأبى أن يصدق الخبر ومنهم من ينتظر خروج سامح من غرفة الطوارئ ماشيا على قدميه، لكن قدر الله نافذ رحمه الله، ليترك حزنا عميقا في قلوب محبيه كما ترك رسالة قوية للشباب من بعده، مفادها أن السمعة الطيبة هي من تدوم وتبقى.

سامح عادل رغم صغر سنه اجتهد في محو أي عداء مع الآخرين وتقديم الخدمات البسيطة، ومشاركة الأهل والأحباب في أفراحهم وأوجاعهم، نحتاج إلى شباب يتفهم أنفاس الدنيا القصيرة وسرعتها المخيفة وأوجاعها وآلامها وكبدها وساعة الرحيل الخاطفة التي لا تمهلك الكثير، بتنا نشتاق إلى الاستظلال الدائم تحت ظل شجرة الخيرات التي تبقينا في ديمومة من العطاء والأثر الجميل في حياة الناس.. فعل الخير لا يتوقف في زمان ما ولا في مكان ما، ولا يقتصر على أناس دون غيرهم، فكل إنسان  يستطيع أن يفعل الخير ولو بكلمة طيبة يسعد بها نفسه ويحفزها إلى أن تكون في مقدمة الركب.

إنه لمن أصعب المراحل عند قبض روح الإنسان، لأنه يجد وعود الله حقيقية ويفهم الله بكل كيانه، يرى هو الملائكة ويجد كل أعماله في الحياة تمر أمام عينيه.. فاللهم ثبتنا.