محمود أباظة: يمامة لم يكن مرشح الوفد بالانتخابات الرئاسية ويجب عليه التنحي.. والحزب مديون بأكثر من 100 مليون جنيه | حوار
يمامة يستحق سحب الثقة منه بعد فشله الذريع ومخالفته لائحة الوفد
لا نقول على يمامة أنه مرشح الوفد.. والسياسة مش شغلته
الوفد مديون بأكثر من 100 مليون جنيه
نعمان جمعة لم يتقبل أن يكون خلف أيمن نور في ترتيب مرشحي الرئاسة 2005
جريدة الوفد انحدرت ولم يعد يقرأها أحد
يستطيع المار من شارع بولس حنا بالدقي أن يشاهد ألسنة نيران الخلاف تشتعل من بيت الأمة، لكنه في الغالب لن يكترث لها، فما أكثرها، بين طامع على كرسي رئيس أو عضوية برلمان، أو حتى عضوًا بأحد أعرق الأحزاب المصرية، والتي امتد عمره لـ أكثر من 100عامًا، إنه وفد الأمة، بل ضميرها.
هذه الأزمات استدعت دعوة عدد من قيادات الوفد السابقين، مثل الدكتور عمرو موسى، والدكتور السيد البدوي، والدكتور محمود أباظة إلى ما سموه بإعادة بناء مؤسسات الحزب، خاصة بعد نتيجة رئيسه الحالي الدكتور عبد السند يمامة في الانتخابات الرئاسية 2024، والتي لم تتجاوز المليون صوت من بين أبناء الشعب المصري.
في حوار مطول مع الدكتور محمود أباظة، رئيس الوفد الأسبق بين أعوام 2006- 2010، أخبرنا أنه لا خوف على الوفد، فهو حزب للمصريين.
امتد حديث أباظة مع القاهرة 24، مطالبًا بتعجيل رحيل الرئيس الحالي للوفد، الدكتور عبد السند يمامة، للعديد من الأسباب.
وإلى نص الحوار…
بداية.. لماذا يبتعد الدكتور محمود أباظة عن حزب الوفد منذ نهاية ولايته في رئاسة الحزب في 2010؟
دعني أقول لك إنني لم أغب عن الوفد فقط، بل عن الحياة السياسية بأكملها، أنا حاليًا على المعاش، والعمل السياسي مثل لعبة كرة القدم، له عمر مُعين بعده لا يستطيع الفرد أن يكون عامًلا بها، فالعمل السياسي مُتعب جدًا يحتاج إلى صفاء الذهن والوقت، وعندما يشعر الفرد أنه غير قادر لا بد أن يأخذ خطوات للخلف.
أما فيمال يتعلق بدوري الحالي في حزب الوفد، فأنا أنصح عندما يُطلب مني، أو أُبدي رأيًا في العلن أو للوفديين، لكن ليس معنى هذا الدخول في العمل السياسي، خاصة بسبب سني، فأنا مكثت 40 عامًا في العمل السياسي وهذا يكفيني.
هل نفهم من ذلك أنه لا نية لديك للترشح مجددًا على مقعد رئاسة الوفد مرة أخرى؟
لا.. ليس ممكنًا، فـأنك تقول لي: "ما تدخل كلية الحقوق تاني"، فأنا وفدي، أساهم به وأرعاه، لكن العمل التنظيمي والعمل الدائم يحتاج إلى الشباب، والوفد يملك جيل وسط به العديد من العناصر التي تصلح لقيادة الصفوف، أعتبرهم أبنائي، لكن هناك من يبعد جيل الوسط من الوفديين عن الحزب، فلا تطمئن إليهم قيادات الوفد الحالية لأنهم وفديون، فالقيادة الحالية للوفد ليست وفدية، بينما القيادة السابقة برئاسة بهاء أبو شقة، وفدي قديم لكن كان لا يملك الخبرة في الإدارة، وإدارة الحزب كان بها العديد من الجوانب الثقيلة.
برأيك.. لماذا دائما على مر السنوات يعاني الوفد من صراعات على مستوى القيادات؟
ليس هناك حزبًا سياسيًا دون صراعات سواءً في مصر أو خارجها، لكن الوفد دائمًا ما يجذب الانتباه، حيث إننا رأينا أحزابا الصراع الداخلي بها عنيف جدًا، بل هناك ما اختفى منها، لكن الأمر مختلف مع الوفد الحزب الذي لديه 100 عام وأصبح جزءًا من التاريخ المصري، إلى جانب أنه مكون رئيسي من مكونات الحركة الوطنية المصرية التي أرست ثوابتها ثورة 19.
كما جرى حل الوفد 25 عامًا ثم بُعث حيًا قويًا، فهي حالة لم تحدث لأي حزب في العالم، فـ أنا لست قلقًا على الوفد، فهو حزب الأمة المصرية.
يتحدث البعض أن عبد السند يمامة خالف لائحة الوفد بترشحه في الانتخابات الرئاسية.. هل ترى أن هذا الأمر صحيًا؟
نعم، لكن ليست بعض الأصوات، بل إنه أمر لائحي بالورقة والقلم، فالمادة 19 مكرر حددت أنه في حالة الانتخابات الرئاسية تجتمع الهيئة العليا للحزب لتقرير دخول الانتخابات أو مقاطعتها أو الوقوف مع مرشح آخر، فالهيئة العليا هي المسؤولة عن تحديد هل هناك شخص يصلح لذلك أم لا؟ وهل يوجد مال يتوافر لـ الإنفاق على العملية الانتخابية أم لا؟ بالإضافة إلى مدى جاهزية اللجان لخوض هذا الحدث السياسي، وعلى ضوء هذه الشروط يقرر الدخول الانتخابات أم لا، إذا كان القرار بالموافقة، فستدعي الجمعية العمومية لتسمية المرشح بالاقتراع السري.
لكن رئيس الوفد الحالي، لم يدعو الهيئة العليا، أو جمعية عمومية، وإنما اكتفى بأخذ موافقة من بعض أعضاء الهيئة العليا، بالإضافة إلى أن الهيئة العليا قامت بعمل ليس من اختصاصها، فهي لا تملك تسمية مرشح، لذلك يمامة ليس مرشح الوفد بل مرشح لنفسه فقط، ولم يصرف على حملته من خزينة الوفد، بل إلى الآن لا نعرف من أين مولت حملته في الانتخابات الرئاسية.
رغم ذلك يتحدث يمامة بأن الوفديين خذلوه في الانتخابات الحالية.. هل تعتقد هذا صحيحا؟
الدكتور عبد السند يمامة، أخطأ خطأين، أولهما إغضاب الهيئة العليا بعد عدم تجميعها وبالتالي خسر القيادات، بالإضافة إلى أنه صادر حق الجمعية العمومية في تسمية مرشح الحزب، فخسر القاعدة، فلم يعد معه أحد للوقوف معه، فلا يلوم إلا نفسه، لأنه استبعد دور لجان الحزب، فمن أقنعوه بالترشح في الانتخابات الرئاسية هم من خذلوه، فهي ضمانات وفدية ضرب بها يمامة عرض الحائط، ونتيجته المخذية كانت بسبب تصرفاته الفردية.
وكيف يُحاسب رئيس الوفد على هذه المخالفة اللائحية؟
هناك جزاءات لمخالفة لائحة الوفد تؤدي إلى الفصل حتى لو كان رئيسه، والهيئة الوفدية تستطيع سحب الثقة منه، والجمعية العمومية تؤكد القرار، وهو يستحق ذلك لأنه خالف اللائحة، وذلك ظهرت كانت نتيجته جليا في الانتخابات الرئاسية، لذلك يفترض ألا يشكو، ودون ذلك يجب عليه أن يستقيل لأنه فشل فشلًا ذريعًا.
فيمامة لم يحترم أسلوب الترشيح في الانتخابات الرئاسية، بل فرض نفسه، ولم يُشرك الحزب في إعداد برنامج، لذلك كان برنامجه ضعيفًا، بالإضافة إلى أن حملته الانتخابية اتسمت بالسطحية والارتجال والانفلات، بل كانت فاشلة، بالإضافة إلى الضعف الواضح في الخطاب السياسي لرئيس الوفد الحالي، وهو ما ظهر علانية أمام الجميع، فالسياسة ليست شغلته، فهذا الفشل يتحمله رئيس الحزب.
برأيك.. هل يحصد الوفد أي مكاسب بعد مشاركة رئيسه بالانتخابات الرئاسية 2024 مثلما تردد حملته أن مجرد المشاركة نجاح في حد ذاته؟
لا على الإطلاق، هناك خسائر كبيرة، لذلك رأينا عددًا من نواب الوفد يصوتون لمرشح آخر، ولا يصح أن نقول أنهم خذلوه، فهو لم يستعن بهم، ومن أيد ترشيحه هو من خذله.
ماذا عن مدلول نتيجة مرشح الوفد في الانتخابات الرئاسية.. وهل سيكون لها نتائج قاسية على الوفد مستقبلا؟
على الوفد أن يصحح ما به من عيوب، هناك أزمة مالية لم يجتهد من يقود على إصلاحها، بالإضافة إلى الانحدار الشديد في جريدة الوفد لدرجة أنه لم يعد يقرأها أحد، لذلك من يقودون الوفد حاليا لا يصلحوا للقيادة، خاصة في ظل غياب الخطاب الوفدي القوي، فالوفد ليس ذلك المبني الموجود في بولس حنا، الوفد جزء رئيسي من مكونات الحركة الوطنية المصرية، طالما هو كذلك إذا هو موجود.
وكيف تقيم قرار فؤاد بدراوي بمنافسة يمامة بإعلان ترشحه الانتخابات الرئاسية؟
أعلم جيدًا مقصد فؤاد بدراوي من ذلك، هو أراد أن يمكّن الهيئة الوفدية من الاجتماع، لكن ذلك لم يحدث.
برأيك.. هل يتشابه سيناريو مشاركة يمامة بالانتخابات الرئاسية 2024 بـ سيناريو نعمان جمعة في عام 2005؟
إطلاقًا، هذه مقارنة مختلفة تمامًا، فعند دخول نعمان جمعة الانتخابات الرئاسة، الهيئة العليا هي من حددت ذلك، وكانت هناك ميزانية تقدر بـ 10 ملايين جنيه، بالإضافة إلى أننا عملنا بشكل جماعي في حملته الانتخابية، وجميع ذلك عكس ما حدث مع ترشيح يمامة في انتخابات 2024.
لكنك اختلفت مع نعمان جمعة وأصبحت رئيسًا للوفد بعدها؟
هو اختلف مع الهيئة العليا بأكملها وليس معي فقط، لأنه اتخذ قرارات عصبية بعد نتيجته في الانتخابات الرئاسية 2005، خاصة أنه لم يتقبل أن يكون خلف أيمن نور في ترتيب مرشحي الرئاسة آنذاك، فاتخذ بعض القرارات العصبية، لذلك فقد تأييد الهيئة العليا، لا سيما بعد فصل نائبه الدكتور منير فخري عبد النور، دون أن يتبع الإجراءات اللازمة، بالإضافة إلى محاولة تشكيل الجمعية العمومية بغير الطريق المتفق عليه، لذلك لغت الهيئة العليا هذه القرارات في 18 سبتمبر، وبناء عليه حاول تمرير قراراته في اجتماع بعدها بالقوة، وحدث ما حدث في الوفد.
هل لو أنت رئيس حالي للوفد كنت ستترشح لرئاسة الجمهورية؟
كما قلت لك هذا قرار للهيئة العليا الوفدية، فعندما كنت رئيسًا للوفد كان بالحزب 90 مليون جنيه ودائع، بينما الحزب الآن مديون بأكثر من 100 مليون جنيه للتأمينات الاجتماعية، والمعاشات، والأهرام، وغير ذلك.
برأيك.. كيف يعيد الوفد ترتيب أوراقه بعدما حدث من نتيجة الانتخابات الرئاسية؟
في رأيي أن روشتة العلاج في الوفد، تبدأ برحيل الدكتور عبد السند يمامة، فعليه أن يتنحى لأن تجربته فشلت في قيادة الوفد، بالإضافة إلى أهمية طرح استخلاص العبرة من هذه التجربة، والتحدث مع قواعد الوفد في اللجان والمحافظات، فهم من يعطون المنهج لقيادة بيت الأمة، فضًلا عن محاسبة بعض القيادات التي ساعدت رئيس الوفد في مخالفة اللائحة، مع أهمية عودة بعض القيادات مرة أخرى إلى الوفد.