هشتغلها لحد ما أموت.. أقدم إسكافي في قنا: تعلمتها من صغري والمهنة مبقتش تجيب همها
فى أحد الأزقة الضيقة بشوارع منطقة العزازية بمركز دشنا، داخل محل متهالك يتجاوز عمره الـ100 عام، تملؤه ألوان مختلفة لأحذية بالية يتوسطها رجل في العقد السابع من عمره، تحتل التجاعيد ملامح وجهه، إلا أن ابتسامته تزينه، إذ يستجمع قواه ليعيد للحذاء رونقه، حيث يظهر في حرصه على ذلك وكأنه مالكه.
العم شعبان عبد الراضي محمد، أقدم إسكافي في مركز دشنا بمحافظة قنا، والذي يبلغ من العمر 70 عاما، يمارس تلك الحرفة منذ ما يقرب من 40 عاما، حيث يعمل بها بعد وفاة والده ولم يتخلَ عنها كونها تذكره بوالده وأجداده، وتحمل في طياتها سعادته بعمله.
أقدم إسكافي في قنا
وأوضح العم شعبان ووجهه تكسوه الابتسامة، كونه تذكر طفولته، أنه برع في مهنة تصليح الأحذية بعد أن تعلمها من والده، مشيرا إلى أنه نظرا لحرفيته الكبيرة في تلك المهنة عمل أثناء قضائه الخدمة العسكرية في أحد المصانع التابعة للقوات المسلحة المتخصصة في صناعة الأحذية.
وتابع أقدم إسكافي بدشنا وهو يصلح أحد الأحذية، أن تلك المهنة ذات فضل عليه وأولاده، حيث ساعدته في تربيتهم بما هو متاح منذ أن كان شابا، لذا رفض التخلي عنها في كبره، معتبرا إياها رفيقة دربه، قائلا: حاولت اشتغل حاجات كتير غيرها معرفتش ولما توفي والدي فتحت المحل بتاعه واشتغلت مكانه، وبسببها قدرت أتجوز وأربي منها 4 أبناء غالبيتهم حصلوا على مؤهلات عليا، وعشان كده هشتغلها لحد ما أموت.
وأشار أقدم إسكافي بقنا إلى أنه في بداية مهنته كان يصنع الأحذية، ولكن الأمر اختلف كثيرا خلال الفترة الأخيرة، حيث أصبح يصلح الأحذية فقط، وذلك بسبب غلو ثمن الجلود وعدم توافرها كثيرا، مؤكدا أن الإقبال على خياطة الأحذية أو تفصيلها لم يعد كالسابق بسبب ارتفاع أسعار الخامات من الإبر والخيوط وغيرها والتي دفعتهم إلى رفع أسعارها، فضلا عن لجوء بعض المواطنين لشراء الأحذية الصينية لانخفاض أسعارها، على الرغم من أنها لا تدوم طويلا ـ بحسب قوله.
وأضاف عم أحمد: رغم أن المهنة متعبة وصعبة ولكن الزبائن لا يقدرون الصنعة كما أن ما يدفعونه من أجر لا يغطي حتى التصليح رغم المخاطر التي يتعرض لها، حيث يضطر فيها إلى المكوث طويلا على كرسي صغير مما يؤثر على الصحة.
وأنهى إسكافي دشنا حديثه بأنه لا يتمنى من الحياة بعد أن تقدم في العمر سوى زيارة بيت الحرام، قائلا: مش عايز أي حاجة غير أني أعمل عمرة بس إمكانياتي المادية مش سامحة.