دار الإفتاء: لا يجوز إحداث فتحة في القبر بحجة إخراج الرائحة من داخله
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز إحداث فتحةٍ في القبر بحجة إخراج الرائحة من داخله؛ بل إنَّ من تمام الدفن أن تُسد جميعُ فُرج القبر وتُغلق منافذه؛ صيانة لجسم الميت وكتمًا للرائحة؛ كما ورد في السنة، وفعله السلفُ الصالح رضوان الله عليهم، وتواتر عليه عمل المسلمين عبر العصور؛ وذلك لأن كتم رائحة الميت داخل قبره مِن مقصود دفنه؛ منعًا من انتشارها المستلزم للتأذي بها.
هل يجوز فتح فتحات تهوية في المقابر لخروج روائح الميت من القبر؟
وأضافت الإفتاء، في فتوى سابقة عبر موقعها الإلكتروني: شرَع الله تعالى دَفنَ الميت ومُوارَاة بَدَنِهِ إكرامًا للإنسان وصيانة لحرمته وحفظًا لأمانته؛ حتَّى تُمنَع رائحتُه وتُصانَ جُثَّتُه، وحتى لا تنهشه السباع، أو جوارح الطير؛ قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وقال تعالى في مَعرِض الِامتِنان: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۞ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: 21]. ولِمَا ورد أنَّ الملائكة عليهم السلام أدخلوا آدم على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام في قبره، ووضعُوا عليه اللَّبِنَ، ثُمَّ حَثَوْا عليه التُّرَابَ، وَقَالُوا: «يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المُسند"، والحاكم في "المُستدرك" وصححه، والبيهقي في "السنن الكبرى"، من حديث أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه.
وتابعت الإفتاء: قال الإمام أبو منصور الماتُريدي في تفسيره تأويلات أهل السُنَّة: [قوله: ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ إذا متم؛ أي: تقبرون فيها، فيخرج مخرج الامتنان علينا، وذلك لنا خاصة دون غيرنا من الحيوان؛ لئلا نتأذى بهم، كقوله: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾] اهـ، وقال أيضًا: [ففي ذكر هذا ذكرُ النعم، وهو أن الله تعالى جعل لِمَا يَخبُثُ ويتغير كِنًّا يَكِنُّ فيه فيستره عن الخلق؛ لئلا يعافوه ويستقذروه، لم يجعل ذلك لغيرهم، وجعل لأنفسهم إذا هم تغيرت أجسادهم بالموت وصارت بحيث تُستخبَث وتُستقذَر: كِنًّا تستتر فيها؛ لتغيب عن الخلق فلا يتأذوا بها، فذكرهم هذا ليشكروه] اهـ.
