هروب عمال تايلاند ومنع الفلسطينيين.. إسرائيل تبحث عن عمالة بديلة رخيصة وسط نفور من الأراضي المحتلة
مساء يوم الجمعة الـ 24 من شهر نوفمبر الماضي ولأول مرة يسود هدوء غير طبيعي قطاع غزة والذي لم يهنأ به طوال أكثر من 45 يوما منذ الاجتياح البري للاحتلال الإسرائيلي عقِب عملية طوفان الأقصى في الـ 7 من شهر أكتوبر الماضي، وبينما كانت الأفراح تسود الضفة الغربية لخروج المعتقلين والأسرى الفلسطينيين من السيدات والأطفال، كانت الأنظار رغم الظلام الدامس تتجه صوب قطاع غزة لتسليم الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر، ضمن هدنة إنسانية مؤقتة استمرت أسبوعا في ذلك التوقيت.
الأسرى التايلانديون العاملون في إسرائيل
لكن ثمة ما لفت الأنظار في تلك العملية وهو 3 من الأسرى المحتجزين لهم وجه يتميزون به عكس الباقين بعيونهم الضيقة وأجسادهم النحيلة لدول شرق آسيا.
تلكم الوجوه الآسيوية بامتياز ما هم إلا عدد من العمال أكثرهم من مملكة تايلاند بجانب عدد أقل من نيبال والفلبين والذين عملوا في المزارع الإسرائيلية، وفي المستوطنات التي يطلق عليها غلاف غزة بجانب بعض السيدات اللاتي عملن كمربيات للأطفال أو مرافقات لكبار السن والمرضى.
العمالة التايلاندية وبداية دخول إسرائيل
بدأت إسرائيل في جلب العمال المهاجرين بشكل جدي من عام 1987 وحتى عام 1993، وذلك عقِب الانتفاضة الأولى التي اندلعت في ذلك التوقيت حيث رغبت تل أبيب في توجيه البوصلة بعيدا عن الاعتماد على العمالة الفلسطينية بسبب فقدان الثقة، ليبدأ وصول معظمهم من تايلاند وفق اتفاقيات ثنائية بين الحكومتين.
ويأتي العمال التايلانديون إلى إسرائيل بشكل عام من المناطق الفقيرة في تايلاند، وخاصة الشمال الشرقي، ويقبلون الوظائف في إسرائيل لأنهم يستطيعون كسب ما يصل إلى خمسة أضعاف ما يكسبونه في بلادهم، ووصلت نصف العمالة في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة من عمال أجانب وفلسطينيين، وذلك وفقا لموقع تايمز أوف إسرائيل.
ومع تزايد مغادرة العمال التايلانديين إسرائيل عقِب الأحداث الأخيرة وعودتهم إلى بلادهم وتخطي أعدادهم أكثر من 10 آلاف عامل من أصل نحو 30 ألفا، وجه سريتا تافيسين، رئيس الوزراء التايلاندي؛ برفع الحافز النقدي للعائدين من المبلغ الحالي البالغ 15 ألف بات شهريًا والتأكد من حصولهم على وظائف عند عودتهم وكذلك توفير قروض ميسرة لهم، حسبما أفاد موقع بانكوك بوست التايلاندي.
معاملة طيبة للأسرى التايلانديين
وخلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة سكاي نيوز الأمريكية، نفى ليربونج سيد رئيس فريق التفاوض التايلاندي مع حماس، أن يكون هناك ضغط على الأسرى التايلانديين الذين تم إطلاق سراحهم للحديث بشكل جيد فور خروجهم أو أن يكون هذا جزء من الصفقة.
وشدد على أن جميع الأسرى أخبروا أسرهم بأنهم تلقوا رعاية جيدة للغاية وتم تزويدهم بالملابس والطعام والماء والرعاية الطبية، قائلا: كان لدي يقين من معاملتهم بصورة جيدة.. ووعدونا بإطلاق سراحهم دون شروط فور وقف إطلاق النار وهو ما تم بالفعل.
إسرائيل متهمة بانتهاكات حقوق العمال التايلانديين والفلسطينيين
وكشفت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها أصدرته عام 2015، عن عدد من الانتهاكات التي تتخذ ضد العمال التايلانديين ومنها إيواؤهم في أماكن إقامة مؤقتة وغير ملائمة، بجانب التمييز في الرواتب التي يتقاضونها والتي تقل كثيرا عن الحد الأدنى القانوني للأجور، بجانب إجبارهم على العمل لساعات طويلة تتجاوز الحد الأقصى القانوني، وتعريضهم لظروف عمل غير آمنة، وحرمانهم من حقهم في تغيير أصحاب العمل.
من جانبها، أعلنت منظمة الدفاع عن العمال الأجانب كاف لا اوفيد، أن حوالي 70 ألف عامل فلسطيني من الأراضي الفلسطينية المحتلة، معظمهم في مجال البناء، جميعهم يواجهون قضايا مثل التمييز في الرواتب والحقوق الاجتماعية، والنظام الملزم وهو ما تمثل في عدم قدرة العمال على تبديل أصحاب العمل، وظروف السلامة السيئة، وحجب الأجور، والإلغاء التعسفي لتصاريح العمل.
إسرائيل تفكر في جلب عمال من الهند وسيريلانكا
وألغت إسرائيل تصاريح دخول نحو 120 ألف عامل بناء فلسطيني إلى المستوطنات منذ يوم الـ 7 من أكتوبر بينما غادرها أكثر من 10 آلاف عامل زراعي تايلاندي، وهو ما دفع جمعية البناء الإسرائيلية، لمحاولات التفكير في ضرورة طرح مقترح استجلاب عمالة رخيصة تصل لـ 100 ألف عامل بناء من عدد من الدول من بينها الهند وسريلانكا.
منع العمالة الفلسطينية أزمة تواجه الاقتصاد الإسرائيلي
ووفقا لاستطلاع رأي أجراه موقع ICE الإسرائيلي، فإن صناعة التجديد والترميمات في إسرائيل، والتي تعتمد في الغالب على عمال من الضفة الغربية تعيش أزمة عميقة دون القدرة على إنهاء أعمال الترميم، ووصفها بالمشكلة الوجودية التي تهدد مستقبل الصناعة، مشيرا إلى أن 74% من مقاولي التجديد مستعدون لتوظيف عمال فلسطينيين كبار السن بعد موافقة وتفتيش الشاباك.
وخلال منتصف شهر ديسمبر الجاري، عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي اجتماعا للمجلس السياسي الأمني، دون التوصل لاتخاذ قرار بشأن مسألة استقدام العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل، خاصة أن قطاع البناء متوقف وحجم الخسائر كبير ويصل لـ10 مليارات شيكل شهريا، وهو ما دفع ممثلي الجيش الإسرائيلي ومنسق العمليات في المناطق والشاباك عن دعمهم لإدخال العمال، بينما اعترض ممثلو الشرطة الإسرائيلية على القرار، وفقا لتقرير نشرته يديعوت أحرنوت.
بينما يفيد الدكتور رون تومر، رئيس جمعية المصنعين بإسرائيل، في تصريحات لموقع جلوبس الإسرائيلي، أن نقص العمال الفلسطينيين أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمصانع في المناطق الصناعية لأن الصناعات الثقيلة التي تتطلب عمالة يدوية لا يقوم بها الإسرائيليون ولن يعملوا أمام فرن درجة حرارته 700 درجة، مؤكدا أنه في حالة عدم التصريح للعمال الفلسطينيين بالدخول والعمل فلن تتمكن المنظومة من العمل وستتوقف.