الإسكندراني | حلم خالد يوسف يتحقق.. وسحر أسامة أنور عكاشة يعود من جديد والسينما تفوز بالعوضي
سينما خالد يوسف.. عالم خاص بتركيبة خاصة بتفاصيل شديدة في التنوع والتناسق، لا يمكن أن تدخل هذا العالم وتخرج كما دخلته، لا تستطيع أن تقاوم سطوة الإبداع التي ستسيطر عليك وتتملكك مجبورًا إن لم تكن مسحورًا بها، فيها خيال كالماء لا تعرف آخره، وواقعية كأشد أدبائها، دون إغراق في أي مثاليات، هكذا هو خالد يوسفـ خلق وبدأ على هذا النحو وانفجر إبداعه في وجهنا بهذه الطريقية، لا يستطيع أحد أن يغير منه، ولكن هو يستطيع أن يغير في الآخرين.
يقتنع البعض أن يوسف لا يمكن أن يجاريه أحد في روعة الأعمال التي قدمها بداية من العاصفة، وكيف جسد للسينما المصرية مشاعر الغضب المختلفة عن مختلف القضايا التي لازلنا عالقين فيها حتى الآن، ومنها إلى حين ميسرة - وإن غلبتني الكآبة في غالبية المرات التي شاهدته فيها - والذي يضعك في تفاصيل شديدة القسوة على من يعيشوها، وهي فوضى وكف القمر، وأعمال مختلفة وإن كان الأخير في مكانة خاصة جدًا على الأقل بالنسبة لوجود صبري فواز وخالد صالح.
هكذا إذًا هو خالد يوسف في سينماه وخياله في رسمه للتفاصيل، لا يكتفي فقط أن يجذبك إلى عالمه الخاص، ولا يكتفي بكل لحظة يبهرك فيها ما تراه على الشاشة، ولكن يجعلك مسجونًا بكامل إرادتك فيه، لا تحب أن تغادره ولا تنتظر لحظات النهاية التي في الأغلب تكون هي اللحظة الأكثر سخفًا بالنسبة لك، فلا تتمنى أن تصل لها أبدًا وأن يتواصل العرض حتى لا ينتهي.
أسامة أنور عكاشة من جديد
قبل أيام بدأ عرض أحدث أفلام يوسف "الإسكندراني" عن سيناريو للعظيم الراحل أسامة أنور عكاشة، الذي صدر كتاب له، وهو بمثابة الكتاب المجهول للغالبية، ولكن وقع في يد يوسف الذي بالطبع سحرته القصة ليقرر تحويلها إلى عمل سينمائي بعد التعديلات المناسبة ليصبح صالحًا في 2024، بدأ يوسف في رسم شخصية البطل في الأنسب من الفنانين ليؤدي الدور لينتهي إلى أحمد العوضي الذي لم يكن بطلًا في أي عمل سينمائي من قبل، ولتكون مغامرة قرر يوسف والعوضي أن تخاض.
لهذا كان أحمد العوضي
لم يكن اختيار يوسف للعوضي بلا ترتيب أو بلا شروط بحث عنها يوسف في البعض فلم تتواجد فيهم ووجدها في العوضي، ولم تكن مجاملة مخرج كبير لنجم دراما بات مطلبًا موسميًا للجمهور في مصر، وضع العوضي رسمًا للشخصية وبدأ في تخيل الأنسب وكان العوضي هو الاختيار.
لم أشعر بأي اندهاش بينما كنت أسمع خالد يوسف يربط بين اختياره للعوضي لفيلم الإسكندراني والجدعنة التي يوصف بها بكر الإسكندراني محور أحداث الفيلم، فربما يقتنع يوسف أن هذا الأمر يتطلب إحساسا صادقا أكبر من الفنان الذي يؤدي الدور، وبالطبع لن نتحدث عن جدعنة العوضي المشهود له بها من الجميع، بجانب هذا كان البناء الجسماني للعوضي جزءا من الأمر، فالبطل ملاكم ولا يمكن أن تشاهد العوضي للمرة الأولى وتتخيله في غير ذلك.
ليست الدراما فحسب
لا يمكن أن تتخيل وإن شاهدت أحمد العوضي في مواسم رمضان الأخيرة التي لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تضعه في غير نجوم الصف الأول فيها، فهو لم يقدم أي عمل سينمائي من قبل واكتفى فقط بأعماله في الدراما التي بدأت من العام 2009 وحتى الموسم الأخير.
وربما أنتظر أن في سنواتنا المقبلة أن يستمر التعاون بين خالد يوسف وأحمد العوضي في أعمال أخرى، لا أتمنى إطلاقًا أن تكون بالقليلة، خاصة بعد الحالة الخاصة جدًا التي سيطرت على المراحل المختلفة لصناعة فيلم الإسكندراني، وحتى عرضه في السينمات المختلفة بمصر.
الإسكندراني
من بداية إلى نهاية أحداث الإسكندراني أنت في تفاصيل التفاصيل الإبداعية التي صنعها خالد يوسف واختار لها خلطة خاصة من النجوم ومشاعر إنسانية تجعلك في حالة لا تعرف ماهيتها في العلاقة بين بكر ووالده على الإسكندراني - بيومي فؤاد - الذي قدم الشخصية المصرية السكندرية باحتراف شديد، وقدم بما يستحق كفنان من جانب صناع العمل، والاختلافات بين الابن والأب، ولا شيء يجمعهما في الأول الفعال للخير الذي لا ينسى مزاجه، والثاني الذي يشارك نازلات الملاكمة ويميل إلى التمرد.
يستمر الإسكندراني في سحرك بالصراع على قمر بين بكر ويونس ابن عمه والقريب من أبيه وحسين فهمي صاحب الظهور الخاص وهو العاشق للإسكندرية القديمة - وأذكر أني شاهدت له برنامج كان فيه حلقة كاملة عن الإسكندرية القديمة والشاعر قسطنين كفافيس - وحتى في هجرة بكر إلى الخارج ليقرر العودة فيما بعد وهو صاحب السيادة.
كل الأدوار لعبت من أصحابها بإتقان كل التفاصيل رسمت بهدوء شديدة لنخرج بتحفة سينمائية ربما كانت هي الموعد لانطلاق كبير لأحمد العوضي في عالم السينما الذي حرمت وحرمنا منه لسنوات ليست بالقليلة ربما عوضنا عنها الظهور المميز في الأعمال الدرامية المختلفة.