رجل فقد عائلته.. هل انكسر وائل الدحدوح بوفاة فلذة كبده؟
رحلت الزوجة ورفيقة المشوار، مات الولدان حمزة ومحمود، استشهدت شام حبيبة أبوها، ورحل آدم أعز الولد.. ما بقي لـ الدحدوح سوى نفسه، رجل فقد العائلة والونس والمأوى، فقد الروح والحياة في آنٍ واحد، لكنه ما زال صامدًا كالأسد يهاجم الكلاب ويفضح خططهم وجرائمهم.
بعد حوالي 72 يومًا من رحيل نصف الأسرة، تجددت آلام الدحدوح، وفُجع صباح اليوم بوفاة ابنه البكري حمزة، هذا الشبل من ذاك الأسد، الذي كان يسير على خطى والده، وينشر جرائم الاحتلال في قطاع غزة، ويحاول أن يرافق والده ويخفف عنه عبء التغطية، لكنه لا يعلم أنه سيكون سببًا في تجدد جراح الأب مرة أخرى باستشهاده.
استشهاد حمزة نجل وائل الدحدوح
فبعد أن كان الدحدوح يتكئ على نجله، يخففان آلام الفقد على بعضهما البعض، أصبح الدحدوح وحيدًا، لا يملك إلا الميكرفون الذي يخاطب منه العالم، فتارة ينقل لنا أخبار أهالي القطاع، وتارة يكون الدحدوح هو الخبر.
حينما ألقى الدحدوح النظرة الأخيرة على نجله، أمسك بيد الشهيد وقبلها وهو يجهش في البكاء، في لحظة وداع أخيرة بينهما، كأنهما يتهامسان ويفهم كل منهما الآخر، رغم بكاء الحي، وصمت الشهيد، إلا أن قلوبهما متصلة، فكانت الكلمات عاجزة عن وصف المشهد، الذي ظهر فيه الدحدوح صامدًا لحظة وداع فلذة كبده، حيث اكتفى بالسلام المؤقت معه لحين اللقاء في دار الحق.
وفي مشهد لا يتحمله بشر، رصدت كاميرات المراسلين بعض الكلمات من وداع وائل الدحدوح لـ حمزة، حيث قال: نعم نبكي لكن هذه دموع الإنسانية، وليست دموع الخوف والانهيار والجُبن، اللي من الله على العين والراس، فماذا يمكن أن يقال في مثل هذه المناسبات في حضرة الموت والشهادة؟!؛ خصوصًا إذا كان الأمر يتعلق بفلذة الكبد البكر حمزة، لا أقول إنه بعضي بل هو كُلِي.. روح الروح وكل شيء.
وفي هذا السياق، فأحيانًا يُقال بإن الشهيد يشعر بقرب رحيله، فهنا نجد حمزة، يترك رسالة أخيرة لوالده، قبل أن يفارق الحياة، وكأنه يوصيه باستكمال المسيرة والصبر على البلاء، فجاءت وصية الشهيد لوالده: إنك الصابر المحتسب يا أبي، فلا تيأس من الشفاء، ولا تقنط من رحمة الله، وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرًا لما صبرت.
وبين رسالة حمزة، وبكاء أبيه.. تأتي كلمات أحمد فؤاد نجم: الموت لأمثالي إعارة، والموت بقى ليكوا تجارة، الموت في أشكالكوا خسارة، عيشوا حياتكم.. آخرها هنا.. ماهتسلكوش مع ربنا، عنده هيتجاب حقنا، ولسة اللي عايشين بعدنا، شوكة في زوركم ونحوركم، حتى موتي ولا قالقني أنا بصحى في عروق الثوار بعد أما روحي تفارقني.