جريد النخيل صناعة من عصر الفراعنة.. عم يحيى أشهر قفاص بالمنيا: ورثتها من أجدادي وهي مصدر رزقي |فيديو وصور
في كوخ صغير ينبعث منه الفن بأنامل ذهبية تبدع في صناعة العديد من الأشكال بواسطة جريد النخيل، المهنة التي تعود عمرها إلى عصر الفراعنة وما قبله وتتصارع من أجل البقاء، ولا تستسلم حتى تصبح مهنة قابلة للاندثار في ظل التطور التكنولوجي إلا أنها تنافسه، مهنة القفاصين التي تتميز باللمسات الجمالية بعمل كافة أنواع الأثاث والأشكال المتنوعة التي تستخدم داخل المنزل أو خارجه وتعطي لمسة إبداعية وفنية بالمكان.
تدخل شوارع صغيرة بداخلها حارات ضيقة تفوح منها روائح زمان، منازلها من الطوب اللبن، لتصل إلى منزل العم يحيى بطل قصتنا الكائن بمحافظة المنيا، عروس الصعيد، أشهر قفاص متميز في هذه الصناعة ليروي لنا أسرارا وتفاصيل المهنة التي مازالت صامدة ضد التطور التكنولوجي الكبير.
العم يحيي عبد المنعم، في العقد الخامس من عمره، نشأ وترعرع وسط عائلة تمتهن صناعة الأقفاص، ليرث هذه الصناعة بأسرارها وتفاصيلها التي تتنقل من جيل إلى جيل لتكون مصدر رزقهم ودخلهم الأول، حتى يستكملوا مسيرة أبائهم وأجدادهم لاستمرارها.
وقال العم يحيي، إن صناعة الجريد تعلمها منذ نعومة أظافرة من والده عندما بلغ الـ6 أعوام، وفي أول منتج صنعه بيده نال أعجاب الجميع لينطلق ويبدع في هذه المهنة ليرسم مسيرته الشخصية فيها وسط المبدعين ليزين المنازل والكافيهات والورش والمحال التجارية والشواطئ وغيرها من الأماكن المختلفة بأعماله المصنوعة من جريد النخيل، مشيرا الي انها مصدر رزقة الوحيد منذ 44 عاما، ومستمر في تعليم أبنائه هذه المهنة لاستكمال ما تركه اجداده.
وأضاف العم يحيي خلال حديثة لـ القاهرة 24، أن اسرار هذه المهنة تكمن في تفاصيلها ودقتها التي تميز صاحبها، كل ما كانت الدقة في التفاصيل عالية وبارزة تعكس احترافية صانع العمل وخبرته خاصة في عمل الأثاث المنزلي، مؤكدا أن جريد النخل غير ضار للاستخدام الآدمي بل أكثر أمأنا من المنتجات الحديثة المتطورة المصنوعة من البلاستك وغيرها قائلا: حزين جدا باستبدال المنتج الطبيعي المصنوع من النخل الي البلاستك، وهذا أثر بشكل كبير في المهنة ومن الممكن أن يقودها إلى الاندثار في المستقبل.
وأشار العم يحيي إلى أن الأدوات المستخدمة في هذه المهنة بسيطة للغاية ولكن تقدم عملا فنيا وإبداعيا كبيرا، وهي عبارة عن مواسير صغيرة فارغة مصنوعة من الساج، ومسمار علام مصنوع من الحديد الصلب، بالإضافة إلى سكين كبير لتسوية الجريد بأحجامه المختلفة، وقطعة خشبية تستخدم كمطرقة، وأخيرا قرمة من النخيل مثبتة في الأرض لقطع الجريد وعمل الاشكال المختلفة.
وأوضح العم يحيي أن هناك أنواعا كثيرة من الجريد المستخدم في هذه الصناعة مثل الجريد الصعيدي، والصحراوي، والسيوي، والزغلول، ولكن أجودهم هو الجريد الصعيدي الذي يكون عليه الطلب دائما، لكونه مرن ولونه متميز وصلب عند الاستخدام، مضيفا أنه يتم عمل الفوانيس في شهر رمضان الكريم من هذا الجريد الذي يعيش لمدة زمنية كبيرة.
مهنة من عصر الفراعنة بتلك الكلمات يختتم العم يحيي حديثة لـ القاهرة 24، أن صناعة جريد النخيل لها تاريخ كبير من عصر الفراعنة وما قبل، ويتمني أن تعود صناعة الجريد إلى مكانتها التي كانت عليها من قبل دخول التطور التكنولوجي، وهذه المهنة هي صديقة للبيئة وليست لها أي أضرار.
اشهر قفاص بالمنيا
