متاهة البحث عن العلاج.. مرضى الحالات الحرجة بالإسكندرية محلك سر بين قوائم انتظار المستشفيات
قوائم انتظار لا تنتهي، واستغاثات لا تجد من يسمع لها، مرضى مكلومين بين مأساة التعب الذي قدر لهم، وبين البحث بين المستشفيات عن العلاج قبل أن يصبح لا جدوى منه.
مشقة مرضى الإسكندرية في البحث عن فرصة علاج داخل المستشفيات الجامعية والتأمين التابعة للوزارة
صباح أمس استقبل القاهرة 24، استغاثة من مواطن يقف على أبواب المستشفى الرئيسي الجامعي في الإسكندرية، هذا الشخص الذي قطع مسافة ساعات للحضور من محافظة كفر الشيخ حتى المستشفى باحثًا عن مكان في وحدة العناية المركزة لنقل والدته المريضة التي ترقد على أحد أجهزة التنفس الصناعي بمستشفى خاص في كفر الشيخ لا تقدر الأسرة البسيطة على تحمل مبلغه، وخاصة أن طبيبها المعالج أخبرهم بضرورة نقلها لهذا المستشفى بشكل خاص وعندما طلبت منه الأسرة أن يتولى هو أمر نقلها رد عليهم: أنتوا بس روحوا المستشفى بالورق ده وهما هيخلصوا اللازم.
رحلة مواطن من كفر الشيخ إلى المستشفى الميري بالإسكندرية دون علاج
الوقت الذي قطعه المواطن إلى المستشفى لم يكن كافيا بالنسبة للأمن الإداري، أن يسمح له حتى بالدخول من بوابة المستشفى، فبعد سؤاله عن سبب دخوله، أخبرهم بالأمر، فطلب منه فرد الأمن أن يحضر بالمريض حتى يستطيع دخول بوابة المستشفى، ويبدو أنه لا يعي أنه ينطق هذا الحديث وهو على بوابة مستشفى حكومي وليس مبنى غير مخصص لدخول المواطنين.
وبعد محاولات عديدة من المواطن بإقناع فرد الأمن أن والدته موضوعة على جهاز تنفس صناعي ولا يمكن أن يتم سحبها من عليه إلا بعد التأكد من توافر مكان في المستشفى لنقلها، أخبره فرد الأمن بكل حسم:«هي دي الإجراءات عندنا»، بل ورفض السماح له بالعبور من بوابة المستشفى للنقاش في الأمر مع المتخصصين داخله.
شهور انتظار لمريض من أجل عملية قسطرة
الشكوى السابقة جاءت بعد يوم واحد فقط من استقبالنا شكوى أخرى من مريض قلب يُدعى ع.ع.ع، الذي يناهز عمره الخمسون عاما، والذي حصلنا على مستندات رفقة تسجيل صوتي يُدمى القلب منه، عن مأساة رحلة بحث طويلة له بين مستشفيات الإسكندرية الجامعية والتابعة لوزارة الصحة وقطاع التأمين الصحي، لإيجاد فرصة لإجراء عملية قسطرة للقلب.
انتظار الموت أو العلاج
أنا وصلت لمرحلة إن عندي تنميل واصل من الفم للصدر، وبدأت أشعر أنني في عدد تنازلي نحو الموت فحتى الحركة لا أستطيع تحملها والأنفاس ألتقطها بصعوبة.. بهذه الكلمات تحدث المريض معنا، قائلا أنه ذهب لمستشفى جمال عبد الناصر التابع لقطاع التأمين الصحي بالإسكندرية وأخبره الطبيب المعالج بضرورة إجراء عملية قسطرة، وبعد انتظار فترة أخبروه أن هناك عطل في الجهاز وعليه التواصل مع نقطة الإنذار لإيجاد فرصة لإجراء العملية في مستشفى آخر.
للجميع أن يتخيل أن أكبر مستشفى لقطاع التأمين الصحي في شمال غرب الدلتا يحدث عطل في جهاز حيوي فيه ويستمر طيلة شهور دون أن يتم إصلاحه.. أضافها المريض، مشيرا إلى أنه تم تحويله من قبل نقطة الإنذار إلى مستشفى شرق المدينة، وبعد انتظار 3 شهور في قائمته، أخبروه أخيرا: معندناش علاج ليك وارجع المستشفى بتاعك شوف هيتصرفوا معاك إزاي.
واستكمل المريض قائلا: رجعت لمستشفى جمال عبد الناصر، فالطبيب قالي جهاز القسطرة لسه فيه عطل وتعالى نروح وحدة الكلى نشوف لو في حل، وبعد ما رحنا وحدة الكلى قالولي شوف نقطة الإنذار تاني يحولوك لمستشفى جديد، وتم تحويل لمستشفى آخر، وانتظرت 3 شهور حتى بدأت حالتي تتدهور دون أن يرد على أحد بميعاد العملية، وبعدها عدت لمستشفى جمال عبد الناصر وأخبروني أن لا علاج لي لديهم بسبب استمرار عطل الجهاز، وقاموا بتحويلي للمستشفى الرئيسي الجامعي وقدمت طلب لديهم بتاريخ 8 يناير بعد شهور من البحث بين المستشفيات في ظل حالة الإعياء الشديد.
وحتى اللحظة لم يحصل المريض على ميعاد للعملية رغم تدهور حالته، وبالتواصل مع إدارة المستشفى الميري الجامعي في محاولة لإيجاد حل للمريض، ولكن الرد كان أنه مسجل في قائمة الانتظار ويسبقه عدد كبير من المرضى وسيتم التواصل معه.
تعدد الشكاوى
الحالات السابقة ليست فردية، ولكنها حالة عامة يعيشها المرضى الباحثين عن جراحات دقيقة في الإسكندرية، والذين يتم وضعهم على قوائم انتظار تستمر شهور وقد تصل لسنوات، بعضهم سبق القدر دوره، والبعض الآخر ما زال ينتظر العلاج محتملا مشقة الألم.