ذكاء سياسي وفن إدارة الموهبة.. أنغام التي لا تغضب أحدًا
هي حالة خاصة في فننا المصري والعربي، موهبة تحمل في كل تفاصليها دفئًا خاصًا تشعر به كلما استمعت إلى أغانيها، لا يمكن أن تقاوم ذلك الإحساس الذي سيتسلل إليك والحاضر بلا غياب في صوتها الفريد، عذوبة خاصة وشجن ميزت نفسها بهما في سنواتها الطويلة على مسرح الغناء حتى إن حضرت لا تملك إلا أن تجهز نفسك ومسامعك إلى دفعة من المشاعر والأحاسيس المختلفة التي ستتملكك من روعة هذا الصوت، هي تلك أنغام التي كانت ولا تزال وستسمر صوتًا هو الأقرب لكل المصريين والعرب.
متى حضرت أنغام وأطلت على مسرح الغناء تسيدته وحكمت بصوتها كل الأمور وسحرت بأدائها كل الحاضرين وأخذتهم إلى عالم خاص، عالم من صناعة صوت أنغام، لا يمكن أن تستمع مرة إلى صوتها وقد جاء بإرادة منك أو بغير إرادة إلا وسيطر عليك تمامًا، ولا تمل من مواصلة السماع إلى ذلك الصوت الذي لم تسمعه مرة واحدة ولم يطربك إلى أقصى حد.
ومهما وصفت في صوت أنغام وروعته الذي استحقت به أن تكون صوتًا لمصر وليس مصر فقط ولكن صوتا للعرب، أيضًا فلا يمكن أن تمنحه كل ما يستحق، وقد احتلت به أنغام مكانًا خاصًا في الغناء المصري والعربي، وتربعت لسنوات طويلة على مقعد خاص لها أيضًا لم يقترب منها أحد، ولم تتباعد هي عن أحد، وهي التي تقتنع تمامًا أنها ليست في منافسة وأن الغناء أذواق لا منافسة فيه.
لا تشاهد أنغام على مسرح الغناء إلا وتستشعر بروح الفنانين العظماء من حولها، فهي تحترم المسرح والغناء، فيقابل ذلك الاحترام بمنحها سرا خاصًا تجعل من إطلالتها اطلالة ساحرة بكل تفاصليها ومعانيها، لا تشاهد أنغام على المسرح إلا وتحمد الله أنك عشت في زمانها.
وإلى جانب الصوت أسئلة طويلة تحتاج إلى إجابات أطول عن أنغام وكيف نجحت في إدارة موهبتها وبرعت في ذلك إلى هذا الحد؟ كيف وضعت نفسها في تلك المكانة؟ وكيف حافظت عليها؟ هل هناك من أحد لم تسحره أنغام بأدائها وروعتها؟ هل أغضبت أنغام أحدًا لمرة واحدة وهل دخلت في أزمة ولم تخرج منها إلا بحال أفضل؟ كيف أجمع الجميع على حبها إلى هذا الحد؟.
أنغام التي لا تغيب متى تطلب فنها
في القاهرة في الإسكندرية على مسارح الرياض ومسرح الإسكندرية حضرت أنغام بفنها وبصوتها فسحرت الحاضرين مصريين وسعوديين، لا يعرف الفن جنسية دولة أو أشخاص معينين ولا تعرف أنغام الغياب مطلقًا متى جاءها نداء لتصعد خشبات المسرح فهي لا تعرف إلا جمهورها وفنها، لا تدخل في بالها حسابات سياسة أو صدام، هي للفن والفن لأنغام.
في السنوات الأخيرة وحتى أمس شاركت أنغام في مئات الحفلات بمسارح مصر والسعودية بين الرياض وجدة والقاهرة والعلمين، نفس الأداء الساحر ونفس الاحتفاء من الجمهور بصوت مصر وصوتنا العربي الفريد الذي استحق ويستحق المزيد من التكريم.
ولو لمرة واحدة لم تكن أنغام طرفًا في لعبة الحسابات غير المجدية والتي يحاول البعض أن يصدرها عن الفن بين مصر والسعودية بحساب فنان على السعودية وآخر على مصر، لكن أنغام كانت بصوتها تطرب الجميع وتسحرهم ولا تعرف إلإ المواقف الإيجابية، وربما كان ذلك واضحًا حتى في أزمة ظهور نجاة الأخيرة.
الفتن التي أغضبت أنغام
كتبت أنغام وقالت: السيدة نجاة الصغيرة كبيرة المقام كرمت في المملكة العربيه السعودية أرقى تكريم في حضور عدد كبير من نجوم مصر والعالم واسقبلت بحفاوة وكرم بالغ نشكر عليه القائمين على المهرجان.
وأضافت: ونشكر عليه المملكة وأهلها اللي هم أهلنا وأحبابنا وتكريمها هو تكريم كل فنان مصري محترم صاحب تاريخ وقلب نقي وكفاية فتنة!!!! والله عيب".
لم يغضب أنغام إلا حالة الفتن التي حاول البعض أن يشعلها ويحاولون في استمرارها بين مصر والسعودية والسبب هو الفن الذي تقتنع أنغام أنه يجمع ولا يفرق.
في حفلها الأخير بعنوان حوار غنائي، الذي أقيم ضمن حفلات موسم الرياض بالمملكة العربية السعودية، وبمشاركة تامر عاشور، فاجأت المملكة أنغام بمنحها الإقامة الذهبية، وهي بالفعل تستحق وتستحق أنغام أن يكون لها وجود في مختلف بلادنا العربية بصوتها الذي لا يختلف عليه أحد.
أنغام.. الود الذي ينهي كل أزمة
حاول البعض أن يتصيد بشكل مستمر للعلاقة بين أنغام وأصالة في محاولة لتكديرها، ربما سقطت أنغام قليلًا لتلك المحاولات، في المقابل كانت أنغام تتعامل مع الأمر بشكل طبيعي تمامًا، حتى جاء حفل ليلة نجمات العرب في الرياض بالمملكة العربية السعودية، ليظهر أن أنغام من أقدر الأشخاص تعاملًا مع أزماتها، فقبلت بكل ترحيب الصلح مع أصالة والتي لم تكن هي أصلًا سببًا للخلاف.
ظهرت أنغام في مقطع فيديو من كواليس الحفل وهي تحتضن أصالة وتقبلها، في حضور الفنانة إليسا، والمدير التنفيذي لروتانا سالم الهندي، والمايسترو هاني فرحات، وبعدها توجهتا للمسرح معا للغناء، وبعدها بأيام قليلة أهدت المطربة أصالة جائزتها في حفل Joy Awards لصديقتها المطربة أنغام، مؤكدة أنها تكن لها كل الاحترام والتقدير وأن صداقتهما قوية وهناك ذكريات كثيرة تجمعهما.
ربما كان هذا هو الموقف الأخير الذي أثبتت فيه أنغام قدرتها على الحفاظ على نفسها بعيدة عن الأزمات والصراعات لتظل كما كانت صوتًا لمصر وللعرب.
أنغام عاصفة في وجه الأزمات
في سنواتها الطويلة أجادت أنغام فن التعامل مع الأزمات والخروج منها بكل أريحية وبلا خسائر فسخرت نفسها وموهبتها للفن الذي منحها في المقابل أفضل ما يمنح للفنان لتصبح بعد سنوات وسنوات باقية وحاضرة لا تغيب عن الفن المصري والعربي.
