قرض جديد من صندوق النقد.. هل يتكرر سيناريو يناير 2023 في فبراير؟
في أحد أيام النصف الثاني من ديسمبر 2022، كنت أترقب بصحبة زملائي بقسم الاقتصاد ببيتي الثاني القاهرة 24، قرار صندوق النقد الدولي، بشأن قرض مصر الذي طلبته الحكومة، بضغط عواقب الحرب الروسية الأوكرانية وكوفيد 19، ووصول معدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة، تلك الأزمات التي سببت جرحا أليما على أغلب دول العالم.
وبعد إعلان صندوق النقد الدولي، عن موافقته لتمويل مصر بـ 3 مليارات دولار، مقسمة على شرائح، مع تحديد حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، خلال السنوات المقبلة.
مرت فترة وجيزة لم تتجاوز بضعة أسابيع، وجاء شهر يناير 2023، الذي انقلبت فيه موازين الذهب والدولار بمصر، أتذكر حينها أن سعر الدولار أنهى تعاملات 2022، بسعر 24.7 جنيه.. ومع مطلع 2023، لاحقت العملة الأمريكية زيادات مستمرة لتصل إلى 30.25 جنيه، بزيادة تصل لـ 20% خلال شهر واحد.
كان شهرا عصيبا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من اضطرابات في سوق الذهب المصرية، متأثرا بتحركات سعر صرف الدولار وباقي العملات، مع تذبذبات لسعر العملة الأمريكي بالسوق الموازية، ولكنه مع مطلع شهر فبراير 2023 بدأ الجنيه في التماسك تارة أخرى، مع زيادات طفيفة لا تذكر للدولار ليصل إلى 30.95 جنيه للبيع في النصف الأول من مارس 2023.
ومنذ بداية النصف الثاني من مارس 2023، وحتى وقتنا الحالي، ظل الجنيه المصري ثابتا عند مستوياته أمام الدولار وباقي العملات.. ومن الجانب الآخر كان الدولار يرتفع بشكل تدريجي بالسوق الموازية رغم ثباته عند مستوى أقل من 31 جنيها.
قرار الحكومة بـ تحريك سعر صرف الدولار أمام الجنيه، في يناير 2023، كان هو الأجدر وأمرا واجبا اتخاذه في ظل الصعاب التي أثرت على دول العام بأجمعها، وسط تقارير الوكالات العالمية، التي تثبت أن سعر صرف العملة المصرية غير عادل قبل ذلك، مع مطالب صندوق النقد الدولي بتحريك سعر الدولار بالسوق الرسمية ليكون مضاهيا أو على أقل تقدير متقارب لسعر العملة بالسوق الموازية.
وختم الدولار 2023 بسعر 30.95 جنيه للبيع، بمعدل زيادة 20%، مع ارتفاع سعر الذهب بنسبة 105% خلال نفس العام، وسط تقلبات أسعار الصرف في السوق الموازية، في ظل عمليات الطلب المتزايد على شراء الأخضر الأمريكي.
وإنه لمن الظلم ألا نذكر مجهودات الحكومة، للحدّ من التضخم الذي ارتفع لـ 41% خلال يونيو 2023، والذي تراجع تدريجيا بفضل قرارات الحكومة الرشيدة إلى 34.2% خلال ديسمبر الراحل، مع المنح المقدمة من الرئيس السيسي للمواطنين، بداية من زيادتين متتاليتين في المرتبات والمعاشات خلال أبريل وأكتوبر، ومبادرة تخفيض السلع، مع تحمل نفقات كبيرة وتأجيل زيادات في أسعار البنزين والطاقة، وتلك أمثلة من بين أخرى كثيرة اتخذتها الحكومة لمساندة المواطن البسيط.
وما نراه الآن في السوق الموازية زيادات كبيرة في أسعار الدولار، حيث يصل إلى 63 جنيها، مع مناقشات بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي لمضاعفة القرض.. والذي أترقبه أن تجد الحكومة حلا لأزمة السوق السوداء مع توسيع دائرة مصادر دخل العملة الصعبة.
وإنه لأبغض الأمور على قلبي أن أختتم مقالي بسؤال استفهامي، لكن اعذروني هذه المرة.. هل يتكرر سيناريو يناير 2023 في فبراير 2024؟