ما هو التخبيب في الإسلام؟.. وهل يجوز للمرأة اشتراط طلاق ضرتها؟
قد لا يعلم البعض ما هو التخبيب في الإسلام، وصوره وحكمه وكفارته وهل هو من الكبائر أم لا؟، وكل تلك الأسئلة من المهم لكل زوجين معرفة إجاباتها حفاظًا على استقرار الأسرة وعدم تفككها، كذلك للحرص على إحباط عمل الشيطان في التفريق بينهما. وعبر القاهرة 24 نعرض المزيد عن التخبيب وصوره المختلفة وكيف يمكن تجنبه وعلاج آثاره.
ما هو التخبيب في الإسلام؟
عرف الشرع ما هو التخبيب في الإسلام وحكمه وأدلته، فالتخبيب، في اللغة يعني، إفساد شخص على شخص آخر، والخب بمعنى الخبث أو الفساد، وعكس الخب الغر وهو الشخص الذي لا يعرف الشر، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ الْمُؤْمِنَ غِرٌّ كَرِيمٌ وَإِنَّ الْفَاجِرَ خَبٌّ لَئِيمٌ".
والخب أيضا بمعنى الخداع، وفي لسان العرب أن كلمة الخَبُّ تعني الخداع والغش، لذلك التخبيب يجمع بين مرادفات الإفساد، والخديعة، والخبث، والغش، وعرفه قال الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب" بأنه الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده".
وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ، وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا" وقال أيضًا "ليْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ" وفي رواية أخرى "مَنْ خَبَّبَ خَادِمًا عَلَى أَهْلِهِ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا".
التخبيب في القرآن
لم يذكر التخبيب في القرآن بلفظه مباشرة وإنما ذكر في أشد أعمال الشياطين عداوة للإنسان ألا وهي السحر، فالتخبيب من أعمال الشياطين وقد وصفه الله تعالى بالكفر في قوله "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ".
والتخبيب جزاؤه عظيم عند الله تعالى لأنه من أفعال السحرة الذين يسعون للتفريق والإفساد بين الزوجين، فقال تعالى "وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
حكم تخبيب الزوج على زوجته
قالت دار الإفتاء المصرية حول حكم تخبيب الزوج على زوجته، بأنه إثم وجُرم عظيم، مستندة لرواية جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ. فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، فَيَلْتَزِمُهُ".
وأكدت دار الإفتاء أنه مع إثم وجُرم المُخَبِّب إلا أن زواجه صحيح؛ لاستيفائه الشروط والأركان، فالزواج صحيحٌ مع الحرمة، كمن يخطب على خطبة أخيه تصحّ خطبته ويصحَ زواجه المترتب عليها مع الحرمة والإثم ما دامت الأركان والشروط مستوفاة".
معنى تخبيب الزوج على زوجته
وأضافت أن معنى تخبيب الزوج على زوجته أن يتطلع الرجل بعينه الخبيثة إلى زوجة غيره، فيطمع فيها، ثم يحاول هدم بيت الزوجية "فهذا مِنه معدودٌ من الفساد في الأرض، ويوشك الله تعالى أن يُدينه بمثل ما فعل".
ومن أشهر أنواع التخبيب أن يتعرف الزوج على امرأة تؤدي إلى طلاقه، أو من يحرض المرأة على عصيان زوجها والخروج عن طاعته أو الطلاق منه على وعد بالزواج بها، لذلك حرم الإسلام الاختلاط بين الرجل والمرأة إلا في حدود ما شرعه الله تعالى من ميثاق الزواج الغليظ.
هل التخبيب من الكبائر؟
هل التخبيب من الكبائر؟ هو سؤال يتبادر على الأذهان من شدة وقعه وتأثيره على الأسرة، وقد قال الشيخ حسن الجنايني أحد علماء الأزهر الشريف، في تصريح سابق له، إن إفساد العلاقة بين الزوجين أمر خطير وعظيم عند الله ولا يقره الشرع مطلقا؛ لأنه يحمل خرابا للبيوت.
وأكد أن الحياة الزوجية التي بنيت على تخبيب لن تستقر أبدًا؛ لأنها بنيت على باطل وحرام وكان هذا الرجل سببا في طلاقها من زوجها السابق، قائلًا: "ملعون من خبب امرأة على زوجها، وربما يكون المخبب رجلا أو امرأة، واللعن أي الطرد من رحمة الله ولذلك الموضوع خطير وليس بالهين".
ويعد جمهور العلماء التخبيب من الكبائر، استنادًا إلى ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده".
كفارة التخبيب
قال الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن كفارة التخبيب التوبة؛ لأن التخبيب من فعل الشياطين، ومن خبب امرأة على زوجها ملعون، وخبب أي أفسد بينهما حتى طلبت منه الطلاق لأجل أن يأخذها هو من زوجها، إذ لعن الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من خبب امرأة على زوجها.
فيما ذهب المالكية إلى فساد عقد الزواج تمامًا "معاملة له بنقيض قصده"، فإذا حصل الطلاق وتزوجها، فيحُرم ذلك ولو كان الزوج الأول ظالمًا لها.
ما معنى تخبيب الزوجة على زوجها؟
ولمن تتساءل ما معنى تخبيب الزوجة على زوجها، فهو أن تحاول امرأة تحريض أخرى لتحقيق مصلحة لنفسها ومن صوره ما يلي:
- إفساد قلب المرأة الصالحة على زوجها بهدف التفريق بينهما لسبب ما أو حقدًا على الزوجة أو لاختلاس زوجها.
- تحريض الأم لابنتها على مطالبة زوجها بما لا يحق لها أو نشوزها والخروج عن طاعته.
- قيام الأخت ببث الكراهية بين أخيها وزوجته بذكر مساوئها وسوء أخلاقها، أو ذم أهلها وتحريضه على فراقها.
- أمر الوالد ولده بطلاق زوجته من غير داع شرعى.
- اشتراط الزوجة طلاق ضرتها، سواء من ذلك عند إبرام العقد أم بعد زواجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتـكفأ ما فى إنآئها".