لماذا يعذبني الله على ذنوب صدرت مني وقد كتبها علي؟.. أزهري يجيب
تلقى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، سؤالا من أحد المتابعين نصه: لماذا يعذبني الله على المعاصي التي صدرت مني وقد كتبها علي؟.
لماذا يعذبني الله على المعاصي التي صدرت مني وقد كتبها علي؟
وقال أستاذ الفقه بالأزهر عبر حسابه على فيس بوك: إن الله عز وجل خلق الملائكة مجبولين على الطاعة، ومفطورين عليها ليس لهم وظيفة غيرها، فالله سبحانه وتعالى قال: (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون).
وقال عز وجل: (وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحو ن الليل والنهارلا يفترون)، وإنما كانوا كذلك لأنهم مخلوقون بعقل دون شهوة، متابعا: وخلق الله الحيوانات بشهوة دون عقل، ولذلك رفع عنهم الحساب والمسائلة، وخلق الله الإنسان مزودا بالشهوة والعقل معا فمن غلب منهم عقله شهوته فاز وسلم ونجا في دينه ودنياه وحياته وأخراه، وطاول بقامته قامة الملائكة الأخيار، والعكس صحيح من غلب منهم شهوته عقله كان من الأخسرين أعمالا وانحطت منزلته عن دركة الحيوانية.
وأشار إلى أنه بخصوص واقعة السؤال نقول: إن الله خلق الإنسان وزوده بوسائل كل من الهداية، والضلال وجعل له مساحة من الاختيار بين الأمرين: الهداية أو الضلال فمن اختار الهداية أثيب على هذا الاختيار الإيجابي ومن اختار الغواية عوقب على نتيجة اختياره السلبية.
وأكمل: وليست الهداية مفروضة ومقدرة على قوم معينين، كما أن الضلالة ليست من قرعة قوم آخرين، بل الهداية بابها مفتوح لمن اختارها، والضلالة أبوابها مفتحة لمن ولجها ودخلها، قال تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فجعل للعبد مشيئة واختيارا في أحد الأمرين: الإسلام أو الكفر، وقال تعالى:(إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفور ) أي باختياره ومشيئته.
وأردف أستاذ الفقه: وقال العليم القدير: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير، وتدبر السياق القرآني (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) ولم يقل المولى مثلا: فجعلنا بعضكم مؤمنين وبعضكم كافرين بل نسب الإيمان إلى من اختاره، والكفر كذلك نسبه إلى صاحبه الذي اختاره.
وفي النهاية قال الله عز وجل في سورة البلد: وهديناه النجدين، وفي سورة الشمس (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)، أي زودها بوسائل الفجور،كما زودها بالوسائل الموصلة إلى التقوى، فمن اختار طريق الهداية زاده الله منها قال تعالى: (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ) وقال سبحانه:(والذين اهتدوا زادهم هدى)، وإذا اختار العبد طريق الغواية والضلال زاده الله ضلالا على ضلاله قال تعالى:(قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ).
وختام الاستدلال من كلام الرحمن في القرآن: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى)، وصدق ربنا حيث يقول:(إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون).