رجال لا يعرفون المستحيل.. كواليس عملية إغراق الحفار الإسرائيلي بعد رحيل أحد أبطالها
غياب هادئ عن الحياة لأسود القوات البحرية وصناع تاريخنا الحربي في عمليات متتالية ومتكاملة عرف كل منهم دوره ونفذه بكفاءة وشجاعة تضرب بها الأمثال حتى اليوم.. هؤلاء هم أبطال العمليات الخاصة المصرية التي سبقت حرب أكتوبر وتبعتها أثناء فترة الحرب مع العدو الإسرائيلي، وكان من بينهم البطل الربان أحمد المصري الذي رحل عن عالمنا اليوم الاثنين، بعد 5 أشهر من رحيل بطل آخر في العملية وهو القبطان محمود سعد.
رحيل الربان أحمد المصري بطل عملية إغراق الحفار الإسرائيلي
والربان أحمد المصري أحد أبطال تفجير الحفار الإسرائيلي في ميناء إبيدجان، والمكونة من ثلاثة أفراد هم: الملازم أول حسني الشراكي، والملازم أول محمود سعد، وضابط الصف أحمد المصري، بالإضافة إلى قائد العملية محمد نسيم.
عملية تدمير الحفار الإسرائيلي
وتعتبر عملية تدمير الحفار الإسرائيلي أو كما أطلق عليها عملية الحج؛ هي إحدى أكبر العمليات الناجحة للقوات البحرية المصرية، حيث نجح فيها المصريون في تفجير حفار بترول كنتينج في ميناء إبيدجان والذي اشترته إسرائيل لكي تنقب به عن البترول في خليج السويس.
كيف بدأت العملية؟
القصة بدأت بعد هزيمة عام 1967، حيث بدأت عمليات نهب الثروة البترولية من خليج السويس، وخططت إسرائيل حينها في تكوين شركة إسرائيلية أمريكية إنجليزية والتي قامت باستئجار الحفار «كينتنج» للتنقيب عن البترول في خليج السويس، وجرته قاطرة هولندية كما كان يعمل عليه بحار بريطاني.
مأزق حفرته إسرائيل لمصر
المشكلة كانت أن تدمير الحفار سيثير أزمات سياسية مع أكثر من دولة؛ فالحفار تولت عملية بنائه شركة إنجليزية، وتملكه شركة أمريكية، ومؤجر لإسرائيل، وتسحبه في مياه المحيط قاطرة هولندية، وكان من المفروض أن يتم تدميره في ميناء إفريقي، وهو ما زاد صعوبة ضرب هذا الحفار حتى لا تدخل مصر في صدام مع هذه الدول، ولكن وقتها أعلن الرئيس جمال عبد الناصر أنه سيتم مهاجمة الحفار عند دخوله البحر الأحمر، وفي شهر فبراير 1970، صدرت الأوامر بمنع وصول الحفار إلى منطقة خليج السويس، وأن يتم تدميره.
التخطيط للعملية
وقتها تولى محمد نسيم رجل المخابرات العامة مهمة التخطيط وتم جمع معلومات عن الحفار، فتبين أنه يقف في ميناء داكار بالسنغال لإجراء بعض الإصلاحات التي تستمر لأسابيع، ففكر نسيم في أول خطوة وهي تجنيد عملاء المخابرات العامة في الدول التي سيمر الحفار عبر سواحلها.
وبعد ذلك بدأت عملية رسم تفصيلي للحفار وتقسيم مجموعة الهجوم الذين تم اختيارهم بعناية، إلى مجموعة مكونة من 4 أفراد تتوجه إلى باريس، والثانية من 3 أفراد تتوجه إلى زيورخ ومنها لباريس، ثم يحصل كل منهم على تأشيرة دخول إلى السنغال، ويذهبون فرديا إلى داكار استعدادا لتنفيذ العملية خلال ساعات.
تغيير مفاجئ للخطة
وفي هذه الأثناء جاءت معلومة مفاجئة بخروج الحفار من ميناء داكار إلى جهة غير معلومة فتم تأجيل العملية، وبعدها بأيام جاءت معلومة ثانية أن الحفار متواجد في ميناء أبيدجان بساحل العاج، فسافر الأبطال المكلفين بالعملية إليه ومن ضمنهم البطل أحمد المصري، وحتى الآن السر الحربي في وصول المتفجرات وعبورها من عدة مطارات حتى تصل لميناء إبيدجان، أمر حير قادة الموساد.
وبعد وصول فريق من المجموعة إلى ميناء أبيدجان، وفي أثناء انتظارهم وصول بقية المجموعة، جاءت معلومة أن الحفار في طريقه لمغادرة الميناء صباح اليوم التالي، فاتخذ محمد نسيم قرارا سريعا بتنفيذ العملية وتم تغيير الخطة الرئيسية والاكتفاء بزرع الألغام في أماكن رئيسية بالحفار على أن تنفجر بعد 3 ساعات.
تنفيذ العملية
وبعد القرار تسلل الأبطال الملازم أول حسني الشراكي، وظابط الصف أحمد المصري، والملازم أول محمود سعد، إلى موقع الحفار، وخلال ساعة واحدة كانت المتفجرات مثبته في أماكنها وعادوا إلى الشاطئ الساعة الخامسة وعشر دقائق، وسريعا ما توجهوا إلى الفندق وجمعوا أمتعتهم إلى المطار، وغادروا في نفس توقيت انفجار الألغام.
تسميتها بعملية الحج
ولأن العملية تمت في توقيت مزامن لفترة الحج، فقد أرسل محمد نسيم قائد العملية والذي لم يترك البلد مع مجموعته حتى يتأكد من إتمام عملية التفجير، خطابه الرئيس جمال عبد الناصر يقول له كلمتين فقط: «مبروك الحج»، ولهذا أطلق على هذه العملية عملية الحج.