الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

رسائل إلى معذبي

الخميس 15/فبراير/2024 - 06:56 م

إياك أن تظن عزيزي القارئ أن تلك القصة تخص إيران فقط أو نظام حكم بعينه، بل هي أبعد وأعمق من ذلك بكثير. 

في الكتاب الصادر حديثا "رسائل إلى معذبي" بترجمة الأستاذ ماجد عاطف. 

نتعرف من خلال هذا الكتاب على وجه آخر لخامنئي..  يروي لنا الصحفي الإيراني هوشانغ أسدي، فصولا مروعة من التعذيب والإذلال الذي تعرض له طيلة 6 سنوات قضاها في السجن. 

الآن نحن في إيران وقبل قيام الثورة الإيرانية، حيث تزامل أسدي مع الخميني في زنزانة واحدة يتبادلان معا الأحلام ويتحدثان في الشعر والفلسفة، بل أن أحاديثهما تطرقت لأحاديث الحب والعشق، فحكى له خامنئي كيف تزوج زوجته، وحدثه عن لقائه الأول بها وافتقاده  لولديه..  هذه الأحاديث جعلتهما أكثر من مجرد سجينين حتى أن أسدي كان يأخذ حصته من السجائر يوميا ولأنه لا يدخن فقد كان يعيطها لخامنئي لعلمه بمدي حبه للتدخين، ثلاثة أشهر قضاها أسدي مع خامنئي  في الزنزانة. 

يتكلم أسدي عن خامنئي رفيق الزانزنة واصفا إياه بالزاهد العابد التقي النقي فيقول: كان يتوضأ في الحمام، بطريقة جدية ومهيبة ولكن كان يقضي معظم وقته، وخصوصا  وقت المغيب واقفا أمام النافذة، كان يسمع القرآن بهدوء، يصلي، ومن ثم يبكي، ينتحب بصوت عال وأنه على الرغم من اختلاف الأهداف بل والعقيدة نفسها بين أسدي والخميني، فإن خامنئي لم يكن ليشعر بالضيق أو النفور منه بل على العكس من ذلك فقد التحفا معا ذات يوم ببطانية واحدة والتصق الجسـدان.

عندما صدر قرار بترحيل أسدي  إلى سجن آخر، تعانقا عناقا طويلا طويلا حتى ارتجف جسد خامنئي من البكاء وهو يقول لصديقه أسدي: في ظل حكومة إسلامية، لن تذرف دمعة واحدة من بريء.. هكذا آمن أسدي بخامنئي ودافع عنه بل ودعا الناس إلى الوقوف بجانبه. 

بعد خروجهما من السجن ظل الصديقان على تواصل دائم وعلاقة انصهرت حتى عرض أسدي على الخميني تأسيس أول جريدة في الجمهورية الإسلامية، بعد رفضه تولى رئاسة تحريرها، فهو شيوعي ولن يكون يوما إسلاميا على مذهب خامنئي على الرغم من وقوفه معه.

في ظل حكومة إسلامية لن يذرف بريء دمعة واحدة

ظلت تلك الجملة تتردد في مسامع أسدي وهو يساند خامنئي وبعد أقل من أربع سنوات من قيام الثورة الإيرانية، وجد أسدي نفسه في السجن مجددا.

ولمدة عامين تقريبا كان الأخ حميد يطلب من أسدي الاعتراف والإقرار بذنبه.. وعلى صوت السياط والصراخ ظل أسدي يتعرض للتعذيب والتنكيل إلى الحد الذي جعله الأخ حميد يأكل من برزاه. 

كان أسدي في البداية يعتقد أنه قد جرت عملية انقلاب في البلاد على حكم الخميني وأنه قد تم اعتقاله من قبل جهاز السافاك وهو الجهاز الأمني الذي كان يسيطر على البلاد إبان حكم الشاه  لكنه سرعان ما تأكد له أنه في قبضة رجال الملالي، وأن رفيق الزنزانة هو الذي أصدر أمرا بالقبض عليه. 

وتحت التعذيب كان على أسدي أن يعترف نفس الاعترافات السابقة التي اعترف بها على نفسه في سنوات سجنه إبان حكم الشاه، لكن تلك المرة كان متهما بالعمالة مع روسيا وبريطانيا وأنهم يحضرون لانقلاب وشيك على السلطة، وحتى يستريح من التعذيب كان عليه أن يخترع تواريخ وأرقام وشخصيات وحكايات ولكن الأخ حميد معذبه كان  يدرك تمام الإدراك فساد تلك الحكايات، وعلى صوت كربلاء.. كربلاء.. قادمون، 
تلك الكلمات التي كان يطلقها الأخ حميد وهو يتلذذ بتعليق أسدي، كانت تعني عدم اقتناع حميد بتلك الاعترافات وأنه على أسدي أن يكون أكثر إقناعا لمعذبه ثم صدر قرار الإعدام بحق أسدي على ما اقترفه بحق الثورة الإيرانية، لاحقا كتب أسدي في اعترافه أنه يكره كل ماضيه وبأنه لن يعود مجددا لاعتناق الأفكار الشيوعية وأن حياته القادمة باتت مكرسة لخدمة خامنئي. 

حينها صدر قرار بتخفيف حكم الإعدام إلى السجن 15 عاما ثم بعد مدة صدر قرار العفو بحق المعتقلين السياسين وكان من ضمنهم أسدي. 

غادر أسدي إلى باريس حيث منفاه فيما تم تعيين الأخ حميد سفيرا  لدى دولة كازاخستان.

رسائل إلى معذبي
تابع مواقعنا