الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أزمة التباطؤ

السبت 17/فبراير/2024 - 02:30 م

يعيش المواطن المصرى ظروف اقتصادية صعبة وغير مسبوقة، تحمل وعلى مدار سنوات فاتورة أعباء الإصلاح الاقتصادي، أملا أن ينتعش الاقتصاد، ويخرج من كَبوته، وتتحقق الحياة الكريمة.

وما زالت الأسعار بشكل عام غير منضبطة، ولم تستطع الدولة رغم كل محاولاتها ومساندتها من السيطرة عليها، أو إنقاذ العملة الوطنية أمام سعر الدولار.

ورغم توافر الحلول لإنقاذ الوطن، ورسم خريطة طريق واضحة للخروج من النفق المظلم، وعنق الزجاجة، ومحاولة إنقاذ الطبقة الوسطى، التى تؤمن استقرار المجتمع، ورمانة ميزانه، لم يتم حتى الآن تفعيل كل ما أقرته الحكومة، وما تبنته من المخرجات المنبثقة عن رؤية مصر أو المؤتمر الاقتصادي لرئيس الحكومة، وما تلاه من مؤتمرات مع الاقتصاديين والمستثمرين.

فالسيد رئيس الحكومة عقد مؤتمرا اقتصاديا عالميا وطرح رؤية الدولة فى خطة الإنقاذ، ولكن لم تتوافر الإرادة لتحقيق التوصيات التى طرحها.

وبعد ذلك بشهور، عقد اجتماع فندق الماسة مع الفريق الحكومي من الوزراء ورجال الصناعة والاقتصاد والخبراء على مدار ثلاثة أيام، وخرجت عشرات التوصيات التي تعوق تقدم الصناعة والاستثمار، وتحقق نهضة الاقتصاد المصري، ولم تتوافر الإرادة لتنفيذ تلك التوصيات.

الدولة نفسها وضعت رؤيتها الاستراتيجية 2030، لكنها غيبت الواقع الذي نعيشه، وما استجد من أحداث على الصعيد العالمي أو الداخلي، وغاب عنها الأولويات، فبناء الإنسان قبل الحجر.

وسنعترف أننا مررنا بظروف صعبة خلال السنوات السابقة، وما حدث بعد سقوط الإخوان من حرب طويلة على الإرهاب والسعي لاستقرار الدولة وتوفير الأمن والأمان، وخلق بيئة مستقرة جاذبة للاستثمار.

إلى أن جاء كوفيد وأوقف العجلة عن الدوران، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ثم الطامة الكبرى حرب غزة، فنحن نعيش في منطقة ملتهبة على كل الجبهات، لا شك أن تلك التداعيات أثرت كثيرا فى الاقتصاد المصري.

ورغم تلك الظروف الصعبة جدا، إلا أن الدولة استطاعت تقديم كثير من المبادرات التي حفظت استقرارها على المستوى السياسي والاجتماعى، وحماية المواطن من تلك التداعيات، واعتبرت إجراءات الحماية الاجتماعية أمنا قويًّا، لكنها أبدا لن تفي بالغرض ولن تحقق الاستدامة.

لكن أنا لست مؤيدا لفكرة انتظار الحوار الوطنى المزمع انعقاده خلال الفترة المقبلة لمناقشة التداعيات الاقتصادية، فهذا إهدار في الوقت، وتباطؤ في خطة الإنقاذ، والخروج من نفق ارتفاع الأسعار وانفلات سعر الصرف ومحاربة جشع التجار والسوق السوداء.

فما خرج سابقا من توصيات كافيا للسعي لحسم وعلاج الأزمة، ويجب تفعيل تلك المخرجات، والتصدي للفساد الإداري، والبيروقراطية، وتفعيل كثير من القرارات والقوانين المعطلة.

فأزمة سعر الصرف من المعضلات الكبرى، والحل يجب أن يكون سريعا لضبط الأسعار، وتوحيد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، والعمل على تعظيم الإيرادات، وزيادة التصدير لتوفير العملة الصعبة، والاهتمام بالقطاع السياحي بشكل أعمق؛ للاستفادة من هذا الكنز، بل يجب البحث عن الطرق التي تزيد من التصدير؛ وتوطين مدخلات الإنتاج لتقليل الفاتورة الدولارية، وأن يكون لدينا رؤية واضحة ومحددة للأسواق المستهدفة فى ملف التصدير.

فقد طالبنا بعودة وزارة الاستثمار؛ لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة، لجذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، وتقديم مزيد من الحوافز والإعفاءات، والقضاء على الروتين وإلغاء القوانيين المقيدة لحركة جذب المستثمرين.

وتطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة، وفق خطة زمنية محددة، بحرص حماية لأصول المصريين، وتشجيع القطاع الخاص وتمكينه؛ لأنه القاطرة الحقيقية للتنمية مع الدولة.

ولا بد أن نعترف بوجود أزمة، كذا الاعتراف بقصور واضح، وأننا في سباق مع الزمن، فـ روشتة العلاج واضحة، والتوصيات والمخرجات التي خرجت تحت يد القيادة السياسية، والحكومة بكل وزاراتها تعلم أين تكمن نقاط القصور لديها، وأننا على مر سنوات تحملنا مرارة العلاج، ومن أجل الوطن وسلامته واستقراره نتحمل تكلفته مرة أخرى، لكن عن رؤية وأولويات واضحة، لذا علينا مواجهة تلك التحديات بحزم وصرامة.

مصر بلد كبير، وصاحب إرث حضاري وتاريخي عظيم، ولدينا من الهبات والإمكانيات ما يجعلنا فى مصاف الدول المتقدمة.

ولكل مرض علاج، وعلاج الأزمة هو مواجهتها بكل قوة وجرأة، وأن يكون هناك شفافية، لأننا شركاء فى المصير، ولقد تم صياغة روشتة العلاج بكل وضوح وشفافية، ولا نحتاج إلى الانتظار، فالتباطؤ فى المواجهة هو ما جعل الأمور تخرج عن السيطرة.

حفظ الله الوطن.

تابع مواقعنا