الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لبنان.. إلى أين؟!

الثلاثاء 20/فبراير/2024 - 07:30 م

"إلى أين".. هذه الجملة قد تعني في أي دولة عربية غير ما تعنيه في لبنان، فهي سؤال مجرد عن الوجهة أو المصير، من حيث اللغة العربية بمدلولها البحت المباشر.

لكنها في لبنان لها رنين خاص، فهي تعبير سياسي أطلقه منذ سنوات الزعيم السياسي الدرزي وليد بك جنبلاط.

وتعبير "إلى أين؟" يكاد يعلمه القاصي والداني في لبنان، ويدرك حين يسمع التعبير أنه استدعاء لخطاب "جنبلاط" بكل ميراثه ودلالاته، دون أن يتبادر للذهن معناه المجرد في أي دولة عربية أخرى أو لدى أي ناطق بالعربية.

وفي حياة الشعوب تعبيرات وجمل لها وقع خاص في ذاكرتهم، قد لا تعني ذات الوقع لدى شعب آخر، ففي مصر حين تقول "في ست ساعات" أول ما يتبادر إلى الذهن هو خطاب الرئيس أنور السادات، وهو يشير إلى المدة الزمنية التي استغرقتها مهمة اجتياح خط بارليف.

وقد أداها الرئيس السادات على نحو خطابي، تمكن فيه تمام التمكن من "تمزيك" اللغة واستدعاء كل التراث الموسيقي المصاحب للإلقاء المؤثر، فخرجت منه خالدة للأجيال.

ثم أداها الفنان أحمد زكي في فيلم "أيام السادات" فأعطاها من الذيوع والانتشار عمرا فوق عمرها، ونشرها وسط أجيال وقطاعات، ربما لم يكن مقدرا لها الاستماع لخطاب الرئيس السادات.

وبالعودة إلى لبنان، فقد يتعجب البعض من أن مدينة بيروت خصوصا ولبنان عموما رغم صغر حجمه الجغرافي، لكنه كبير بأحداثه، ويعطي دائما بما يجري فيه دلالات وإشارات من قوة إقليمية إلى قوة أخري، وفقا لفعالية كل قوى على أرض الواقع.

وفي 14 فبراير الماضي قام رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بزيارة بيروت فى ذكري استشهاد والده رفيق الحريري، هذه الزيارة التي استمرت قرابة الأسبوع في مقر إقامته ببيت الوسط، كانت لها رسائل سياسية وصلت إلى أهدافها كما أدرك متابعو الملف اللبناني.

بل حتى مقابلته على قناة "الحدث" كانت لها رسائل محددة، عبر عنها سعد الحريري بدقة محسوبة، وربما أهمها على الإطلاق التأكيد على صورته كسياسي سني معتدل.

ولا يخفى على أحد خصوصية العلاقة بين الدولة المصرية ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، ولقد كانت الدولة المصرية وما زالت بدبلوماسيتها هادئة وفاعلة في لبنان دون ضجيج.

فوجود مصر فيما يعرف بالخماسية، التي تضم بجانب مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، المملكة العربية السعودية وقطر، والتي من مهامها تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، يعبر عن معنى من معاني الانتشار الإقليمي الهاديء والرصين.

ويدرك الجميع أن انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، وهي العملية المرجأة والعالقة إلى الآن، مرتبط ارتباطا وثيقا بتوافق القوي الإقليمية، ويبدو لي أن عدم وضوح توجه الكتلة السنية للاصطفاف وراء شخص معين، ربما يتغير بإطلالة الحريري الأخيرة، التي قد تشي بتغير في الموازين، اتفقت عليه أطراف عدة.

إذ إن توجهه لمرشح سيجعل رجوح كفة الميزان لأحد المعسكرين 14 آذار أو 8 آذار، لإيصال مرشحها لرئاسة الجمهورية.

وعليه أختم مقالي بتعبير إلى أين؟ وأنا أستدعي تراث لبنان الشقيق بكل أزماته، التي آن له أن يخرج منها لنستمتع به بهيا قويا مرة أخرى.

تابع مواقعنا