تحويل القبلة دروس وعبر موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم | نص الخطبة
حددت وزارة الأوقاف عنوان تحويل القبلة دروس وعبر، موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم في المساجد.
وجاء نص الخطبة وفقًا للوزارة كالتالي:
نص خطبة الجمعة اليوم
"الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عَبْدُه ورسوله، اللهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا شك أن تحويل القبلة من أهم الأحداث في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم) وحياة أصحابه رضي الله عنهم وتاريخ أمتنا الإسلامية، وذلك أن نبينا صلى الله عليه وسلم) ظل يصلي تجاه المسجد الأقصى ستة عشر شهرًا، وكان يؤمل أن تكون قبلته أول بيت وضع للناس بيت الله الحرام بمكة المكرمة، وكان صلى الله عليه وسلم) يقلب وجهه في السماء راجيا ذلك، وهنا كان الكرم والعطاء الإلهي، حيث يقول الحق سبحانه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.
وقد تضمن هذا الحدث دروسًا عظيمة، منها: إبراز مكانة الحبيب صلى الله عليه وسلم)، وبيان رفعة شأنه وعظيم منزلته (صلى الله عليه وسلم عند ربه، فإن الحق سبحانه وتعالى أكرم نبينا صلى الله عليه وسلم بتحقيق مراده وإجابة رجائه، حيث يقول سبحانه: { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}، ويقول تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. ومنها بيان حال أهل النفاق في كل زمان ومكان، والتحذير من شرهم، حيث حكى القرآن الكريم تشكيكهم في أمر تحويل القبلة، حين قالوا: {مَا وَلَاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، وهنا كان الرد من فوق سبع سموات: {قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
ويتجلى درس حسن الاستجابة الله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فيما كان من أهل مسجد قباء، حين بلغهم أن النبي (صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتحول في قبلته إلى الكعبة المشرفة وصلّى تجاهها، فاستداروا إليها وهم في صلاتهم فجعلوها قبلتهم، مما يشهد بقوه إيمانهم، ويدل على ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "بينا الناس بقباء في صلاه الصبح إذ جاءهم آت، وقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة". فكان المؤمنون الصادقون على يقين جازم بأن كل ما جاء به صلوات ربي وسلامه عليه حق لا مرية فيه حين قالوا سمعنا وأطعنا، وتحولوا في صلاتهم إلى الكعبة المشرفة دون تردد استجابة لأمر الله (عز وجل)، ولم ينتظروا حتى يتموا صلاتهم !!
وإنما تحولوا في الحال وهم في هيئة الركوع. ومن دروس تحويل القبلة إظهار مكانة المسجد الأقصى في ضمير الأمة وكيانها فالمسجد الأقصى هو ثاني المساجد التي أسست على وجه الأرض، وثالث الحرمين الشريفين، فعن أبي ذر رضي الله عنه) قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى)، وهو أرض المحشر والمنشر، فعَنْ مَيْمُونَةَ (رضي الله عنها أنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: (أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ، وهو منتهى إسراء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبداية المعراج إلى الملأ الأعلى.
ومن دروس تحويل القبلة بيان خيرية أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) وشهادتها على سائر الأمم، وهذه الشهادة تتطلب منا أن نكون أهلا لهذه الشهادة، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ شُهُودُكَ ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
وما أجمل أن نتعلم من تحويل القبلة درس التحول من سيء الأخلاق إلى مكارمها ومحاسنها، ومن كل ما يغضب الله عز وجل إلى كل ما يرضيه (سبحانه) ويحقق لنا السعادة في الدنيا والآخرة، فنتحول من الشر إلى الخير، ومن الأنانية إلى الإيثار، ومن الشح والبخل إلى الكرم والسخاء، ومن التعلق بالدنيا إلى الاستعداد للآخرة، ومن الجهل إلى العلم، ومن السخط إلى الرضا، ومن الجزع إلى الصبر، ومن اليأس إلى الأمل".