غزة صارت ترابا.. أم مصرية فلسطينية نازحة تروي معاناتها مع الحرب: ندمانة إني جيت وسبتهم

نزحت زكية الطنطاوي، أم مصرية فلسطينية إلى مصر مع ابنتها منذ 15 يومًا، بعد قضاء شهور عديدة في وسط الحرب المستمرة على قطاع غزة، وذلك بعد ضغط من أبنائها وزوجها خوفًا عليها من متاعب التنقلات المستمرة، وندرة الطعام والعلاج، لتعود الأم المكلومة إلى موطن رأسها، وهي جسد بلا روح، مخلفة وراءها قطعة من قلبها تتمثل في عائلتها الحبيبة.

أم مصرية فلسطينية نازحة تروي معاناتها مع الحرب

كانت زكية تطهو الطعام لأبنائها وأحفادها في جو أسري دافئ لا تشوبه شائبة حينما فوجئت بصوت الطيران الإسرائيلي يعصف بمدينتها، وموطن زوجها، الذي عاشت فيه 50 عامًا حتى أصبح جزءًا لا يتجزأ منها، ويدمر البيت التي صنعت فيه أجمل ذكرياتها، وعلى إثر صوت القصف العنيف، خرجت من مطبخها راكضة ليخبرها أولادها بأن تخرج من المنزل وسيلحقوا بها.

تقول زكية لـ القاهرة 24: لقيت البيت بيتهز، وحسيت بالطوب بينزل من فوق، فضلت أصرخ ولادي ولادي، لحد ما لقيت الوجهة الأمامية للبيت وقعت، وأولادي أصيبوا، واحد في رأسه، والتاني كتفه، والتالت ضهره.

وأشارت زكية إلى أن الجيش الإسرائيلي أمطرهم برسائله التي يأمر فيها سكان شمال غزة أن ينتقلوا إلى الجنوب، وبالفعل توجهت الأم المصرية الفلسطينية مع أحد أبنائها من حي الشيخ رضوان إلى دير البلح، بينما توجه بعض أفراد عائلتها الآخرين إلى منطقة الصراط وخان يونس، ووصفت زكية الوضح حينها، فتقول: كل يوم قصف، كل يوم جرحى، كل يوم شهداء، 4 شهور قضيناها في خوف، واللي زاد كمان قلة الأكل وقطع المياه والكهرباء، أفران العيش ضربوها، والمستشفيات، والمدارس، مخلوش ولا مكان إلا ودمروه، غزة بقت تراب.

معاناة زكية مع السرطان وندرة العلاج

عانت زكية سابقًا من مرض السرطان الخبيث، وبعد إجرائها لعملية جراحية، واظبت على تناول أدويتها ولكن مع قدوم الحرب، تداول الأدوية لم يكن بالشكل المعتاد، مما تسبب في تفاقم أوضاعها الصحية، وعلى إثر ذلك اصطحبتها عائلتها لمستشفى الأقصى، ولكن المشاهد التي وقعت في طريقها جعلتها ترفض العلاج، حيث عبرت عن ذلك قائلة بتأثر: شوفت الشهداء هناك على الأرض، خفت وقولتلهم روحوني مش عايزة اتعالج.

زكية تروي تفاصيل أزمة الغذاء في غزة 

روت زكية معاناتهم مع أزمة الغذاء بالقطاع، موضحة أن هناك بعض الأشخاص يأخذون المساعدات ويبيعونها، ومن في مقدرته الشراء يحصل على مراده، وبالتالي كان يصل للأم الفلسطينية وأولادها كيس طحين كل بضعة أيام، وعبرت عن ذلك شارحة: كنا بنعجن ونعمل عيش لو موجود حطب، وكان عندنا نظام، الساعة واحدة الظهر الفطار كل واحد بياكل نص رغيف، والساعة 6 الغدا النص التاني.

واستطردت حديثها مضيفة: حفيدي كان بيلحس علبة الحمص بيده وياكل، عشان كدة كنت رافضة أسافر وقولتلهم خلوني معاكم، أموت معاكم أو أعيش معاكم، وبندم إنى جيت وسيبتهم، لما باكل هنا بفكر هما كلوا ولا لا، وبليل مبعرفش أنام من تفكيري فيهم.

عاشت زكية لعقود من الزمن في فلسطين وسط أهالي قطاع غزة، وخلال السنوات التي قضتها هناك لم تر حربًا كالتي تحدث الآن، رغم مرورها على فترات قصف وإخلاء كثيرة حسبما ذكرت، واختتمت حديثها في النهاية برسالة لأولادها: لو ولادي سامعني أنا كويسة وبخير متفكروش فيا، وأتمنى الحرب تخلص على خير وترجع أيامنا زي ما كانت.