حقيقة دعاء رفع المصحف.. وهل فتنة ليلة القدر من علامات الساعة؟
يتوهم البعض بأن دعاء رفع المصحف من الأدعية الخاصة بليلة القدر، رغم ما ورد من أحاديث نبوية صحيحة تؤكد أن ليلة القدر ليلة قيام ودعاء واستغفار، ولم يرد فيها أي طقس ديني. وحرصًا من القاهرة 24 على إنارة دروب المسلمين حول طقوس شهر رمضان المرفوضة والبدع المشهودة عند الشيعة والتي ما أنزل الله لها من سلطان؛ نناقش حقيقة دعاء رفع المصحف وأصله وحكمه وفتنة ليلة القدر علاقتها بعلامات قيام القيامة.
دعاء رفع المصحف
ابتدع الشيعة دعاء رفع المصحف، وهو طقس خاص لديهم بليلة القدر التي يحددون لها ثلاثة ليالٍ ليس من بينها ليلة 27 رمضان، وفي تلك الليالي يتجمع الشيعة ليضع كل منهم المصحف على رأسه مغلقًا أو مفتوحًا ويدعون بدعاء طويل مخصوص.
وبحجة أنه يضع القرآن على قمة أولويات المسلم ويذكره بقراءته، يُحيي الشيعة ليالي 19 رمضان، و21 رمضان و23 رمضان التماسًا لليلة القدر، وعند احيائها، يرفعون المصحف على رؤوسهم ويقولون الدعاء المنسوب للصحابي الجليل على بن أبي طالب ظلمًا، وهو كالتالي:
خذ المُصحف فدعه على رأسك وقُل:
اَللّـهُمَّ بِحَقِّ هذَا الْقُرْآنِ، وَبِحَقِّ مَنْ أرْسَلْتَهُ بِهِ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِن مَدَحْتَهُ فيهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ، فَلا أحَدَ أعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ ثمَّ قُل عَشر مرّات بِكَ يا اَللهُ وعَشر مرّات بِمُحَمَّد وعَشر مرّات بِعَليٍّ وعَشر مرّات بِفاطِمَةَ وعَشر مرّات بِالْحَسَنِ وعَشر مرّات بِالْحُسَيْنِ وعَشر مرّات بِعَلِي بْنِ الْحُسَيْنِ وعَشر مرّات بُمَحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد وعَشر مرّات بِمُوسَى بْنِ جَعْفَر وعَشر مرّات بِعَلِيِّ بْنِ مُوسى وعَشر مرّات بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد وعَشر مرّات بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِالْحُجَّةِ وتسأل حاجتك.
سبب رفع المصاحف
سُئل مفتي الشيعة عن سبب رفع المصاحف ليلة القدر، فقال "بالطبع، إنَّ هذا العمل يحمل في طياته رسالات خاصة، فهو يعلمنا لزوم عدم وضع القرآن تحت الأيدي والأرجل".
ولذلك يحرص الشيعة على رفع المصاحف على رؤوسهم بحجة احترام وتقدير المصحف، إذ كمل مفتي الشيعة إجابته بقوله "فهو يعلمنا اعتبار القرآن على رأس قائمة الأعمال والنشاطات، وعلى العمل بقوانينه بشكل متواصل، وعدم نسيان أحكامه".
كما يعتقد الشيعة أن ليلة 21 رمضان هي ليلة القدر ويخصصون لها طقوس معينة وهي:
- الغسل.
- الإحياء.
- زيارة الأولياء.
- الصّلاة ذات التّوحيد سبع مرّات.
- وضع المصحف على الرّأس.
- ترديد دعاء الجوشن الكبير.
ويعود سبب رفع المصاحف إلى فتنة تاريخية وقعت بين الصحابيين الجليلين علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان بهدف يخلو تمامًا مما يعتقده الشيعة في احتفالاتهم.
رفع المصاحف في معركة صفين
وبحسب ما سطره التاريخ الإسلامي، تم رفع المصاحف في معركة صفين، سنة 39 هـ في أحداث الفتنة الكبرى، إذ عزل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين آنذاك، معاوية بن أبي سفيان الذي كان واليًا على الشام.
فرفض معاوية الخنوع لأمر الخليفة أو مبايعته على الخلافة، وطلب القصاص أولا من قتلة الخليفة عثمان بن عفان، فجهّز علي بن أبي طالب جيشه وقوامه 120 ألف لقتال جيش معاوية وعدده 90 ألف، فنشبت بين جيشي الصحابيين معركة قتالية في منطقة صفين.
تسببت المعركة في وقوع المسلمين في فتنة، وكان قتلى الطرفين حوالي 70 ألف قتيل، وانقسم المسلمون لينتهي عصر الخلافة ويبدأ عهد الحكم الملكي التوريثي.
رفع المصاحف على الرماح
ومن أجل تهدئة المعركة، رأى عمرو بن العاص رفع المصاحف على الرماح من قِبل جيش معاوية لتوصيل رسالة إلى جيش علي بن أبي طالب بالتوقف عن القتال والاحتكام إلى القرآن.
وبعد أن رُفعت المصاحف على أسنة الرماح وتوقفت المعركة، تم التحكيم بين الجيشين بالقرآن الكريم، لذلك كان السبب الأسمى لرفع المصاحف هو الاحتكام للقرآن في نزاع بين المسلمين لقوله تعالى "فإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ".
وأثناء الاحتكام بالقرآن، تجددت الفتنة مرة أخرى، حيث اختار علي بن أبي طالب عبدالله بن عباس حكمًا بينهما، ولكن أهل الكوفة عارضوه واختاروا أبو موسى الأشعري، بينما اختار معاوية عمرو بن العاص.
وأجمع الأشعري وبن العاص على عزل علي ومعاوية، وترك أمر الحكم شورى بين المسلمين، وصعد أبو موسى الأشعري المنبر أولًا، ليعلن ذلك، ومن بعده صعد بعده عمرو بن العاص ليخالف الاتفاق ويعلن عزل علي وتثبيت معاوية، فتجدد الخلاف بين المسلمين.
ومنذ ذلك الحين، ظهر الخوارج، أو خوارج الشيعة، وهم الجماعة من أهل الكوفة الذين رأوا تكفير علي بن أبي طالب، لأنه رضي بالتحكيم ولم يتمسك برأيه.
خدعة رفع المصاحف
ومنذ ذلك الحين توارث الشيعة خدعة رفع المصاحف التي جعلتهم فريقين، شيعة علي، والخوارج من جيش علي والذين أفتوا بتكفير علي ومعاوية وعمرو بن العاص وضرورة قتلهم، وبالفعل قتلوا علي عام 40 هـ، وفشلوا في قتل معاوية وعمرو.
وفي ليلة القدر من كل عام، التزم الشيعة بإحياء العشر الأواخر من رمضان بـ دعاء رفع المصحف الذي وصل إليهم عن طريق جعفر الصادق، وتخصيص صلاة لليلة القدر في الأيام الثلاثة التي تخالف أهل السنة بالتماسها في كامل الليالي الوترية وخاصة ليلة 27 رمضان.
ولا يصلي الشيعة صلاة التراويح لأنهم يعتقدون أنها بدعة ابتدعها عمر بن الخطاب ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتقادهم.
دعاء رفع المصاحف لقضاء الحوائج
ويحرص الشيعة على دعاء رفع المصاحف لقضاء الحوائج، إذ عقب الانتهاء منه ومن التوسل بالأئمة الاثني عشر لديهم، يدعو الداعي بما يشاء.
ليلة القدر عند الشيعة
ومن طقوس ليلة القدر عند الشيعة إلى جانب رفع المصاحف على الرؤوس، أن يصلوا صلاة ليلة القدر، ويعتقدون أن من يصليها يغفر الله ذنبه وذنب والديه ويكتب له الملائكة الحسنات بتكليف من الله ويزرع له ملاكًا شجرة في الجنة ويبني له قصر فيها.
وتكون صلاة ليلة القدر عند الشيعة ركعتان، يقرأ المصلي في كل ركعة الفاتحة وسورة الإخلاص 7 مرات، ثم يقول المصلي قبل التسليم "استغفر الله وأتوب إليه" 70 مرة.
رفع المصاحف من علامات الساعة
ويعد رفع المصاحف من علامات الساعة بمعنى رفع القرآن من صدور المسلمين فلا يتذكر منه أحد ولو آية، ورفع المصاحف نهاية الزمان لا علاقة له برفع المصاحف كما يفعله الشيعة الآن.
وقال الإمام بن باز رحمه الله، أنه "في آخر الزمان بعد طلوع الشمس من مغربها، حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، يرفع القرآن من الصدور، ومن الصحف".
وأكد أن تلك العلامة من علامات الساعة الكبرى "ومن أشراطها القريبة، عند تعطل العمل به، وعند إعراض الناس عنه".
دعاء ليلة القدر 2024
عند أهل السنة والجماعة، يأتي دعاء ليلة القدر 2024 أحد السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها قالت: "قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر؛ ما أقول فيها؟" قال: قولي: "اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي".
وليلة القدر عند أهل السنة والجماعة تصلى فيها صلاة التهجد ويكثر فيها الدعاء بالمغفرة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التماسها في الليالي الوترية بداية من ليلة 21 وحتى ليلة 29 من رمضان.
وقد ورد في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم "التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر"، كما روى أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلَم أنَّه قال: "مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه".
وفي ختام التقرير ننوه إلى أن دعاء رفع المصحف هو بدعة منكرة وتخالف عقيدة أهل السنة ولا ينبغي اتباعها، وقد قال الله تعالى في حق مبتدعوها من الشيعة "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ".