منح إلهيّة للأمّة المحمّديّة في شهر رمضان
يقينا، لا يأتي على الأمة المحمدية شهر كشهر رمضان في عظمته وبركته وفضله، لما فيه من فيوضات إلهية، وكرامات ومنح ربانية يفيضها وينزلها الله-عز وجل- على أمة حبيبه –صلى الله-عليه وسلم-، خير أمة أخرجت للناس، وها هو نبينا الكريم يقول فيما يروى عنه من الحديث: (اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوه أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم، وفي رواية: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا).
-وشهر رمضان أعظم مواسم الخير، وأيامه أعظم أيام النفحات، وأكرم الله فيه أمة سيدنا محمد بالكثير من المنح والعطايا، ومنها:-
1-أن أجر الصيام لا حدود له، ولا يعلم أحد قدره إلا الله –تعالى- واختص نفسه بعلمه، فقال في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به...)
2-شفاعة الصيام للعبد يوم القيامة عند الله تعالى، وفي هذا اليوم يكون العبد أحوج ما يكون لمن يشفع له، يقول رسول الله –صلى الله –عليه وسلم (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان)
3- الدخول من باب الريان: وهو باب من أبواب الجنة، اختص الله الصائمين به، فيدخلون الجنة منه، لا يشاركهم فيه أحد، وهذه منحة جليلة يقول في شأنها رسولنا الكريم: (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم..)
4-مباعدة وجوه الصائمين عن النار:
جزاء لما تحملوه من مشقة العبادة تقربا إلى الله، وإرضاء له، وابتغاء فضله وكرمه، يقول رسول الله-صلى الله-عليه وسلم-: (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)
5- خلوف فم الصائم الذي تغيرت رائحته من أثر الصيام، أطيب عند الله من رائحة المسك؛ لأن رائحة الفم ما تغيرت إلا لمرضاة الله –عز وجل- وطاعته، يقول رسولنا الكريم: (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك..).
6-صيام رمضان من أسباب غفران الذنوب: يقول رسولنا الكريم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، ولكن لا بد من ملاحظة الشرط الذي نبّه عليه رسول الله، والحرص على تحقيقه وصولا للهدف المرجو، وهو أن يكون الصوم (إيمانا واحتسابا)، أي: تصديقا بموعود الله واحتسابا لأجر العمل عنده، وهذا الشرط ليس في الصيام وحده، بل في كل عبادة وطاعة يفعلها العبد.
7- فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار وتصفيد الشياطين: وهذا من الكرامات والمنح العظيمة التي تعطينا دلالة واضحة على فيض الرحمات المنزل من عند الله على أمة حبيبه سيدنا محمد في هذا الشهر الكريم، وما يعنيه من إعداد وتهيئة لفعل الطاعات والقربات وقبولها بفضله تعالى.
8-ليلة القدر: وما أدراكم ما ليلة القدر، ولها بإذن الله تعالى حديث خاص في أواخر رمضان، وهى من المنح الإلهية العظيمة للأمة المحمدية.
9-وكرامات الله ومنحه لا تقتصر على الصائمين فقط، بل تتعداهم لغيرهم، فمن فطّر صائما أو ساهم في إفطاره، ولو على شربة ماء أو تمرة أو غير ذلك فله عند الله تعالى الأجر والثواب، يقول النبي-صلى الله-عليه وسلم-: (من فطّر صائما كان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيئا)
10-تفطير الصائم سبب لصلاة الملائكة: فمن أكرم الصائمين وفطّرهم عنده استحق إكرام الله حيث يجعل الله الملائكة تصلى عليه، فعن أم عمارة الأنصارية –رضى الله عنها-، أن النبي –صلى الله-عليه وسلم-، دخل عليها فقدمت له طعاما، فقال لها: كلي فقالت: إني صائمة،فقال لها:(إن الصائم تصلى عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا)، وفى رواية:(حتى يشبعوا)
-فهنيئا لنا –أمة محمد –صلى الله-عليه وسلم- بهذه العطايا والمنح الإلهية في هذا الشهر المبارك، اللهم ارزقنا خيره وأجره، وأفض علينا من منّك وكرمك يا واسع الكرم، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.