الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مدرسة السيطرة

الجمعة 29/مارس/2024 - 05:39 م

• من أكتر من 10 سنين كنت بشتغل في مكان بحبه وبحب مديري وكل زمايلي اللي كانوا معايا فيه.. الروح بين الكل كانت مثالية ومشجعة جدًا وده ظهر من أول أسبوع شغل وهي نفسها الروح دي اللي بتتنقل ليك وبتخليك عايز تعمل أقصى ما في وسعك عشان تحقق مهامك على أكمل وجه.. لحد هنا تمام.. اللي مش تمام واللي اكتشفته بعد مرور أول شهر هو طلبات المدير نفسه!.. الراجل لطيف وفي قمة الذوق بس فيه عيب خطير وكبير ومُلفت ومش بيبان إلا بالتعامل المستمر.. على سبيل المثال طلب مهمة معينة.. تم تنفيذ المهمة دي مني أو من غيري بالظبط زى ما هو قال.. الطبيعي إنه يستقبل الإنجاز اللي حصل بفرحة أو شكر أو ثناء.. لكن لأ.. كان بيرد ويقول: (تمام بس لو ياريت لو كان فيها "كذا").. لأ لحظة كذا ده اللي هو إيه!، ما إحنا نفذنا اللي أنت طالبه بالظبط!.. كان يرد: أيوا أيوا بس لو عملت كذا كذا كانت هتبقى أفضل.. في البداية كنت بعتبر ده لتقصير مني أو عدم فهم مني للمطلوب بالظبط فكنت بحاول أكون حريص في المرة اللي بعدها إنك أجتهد أكتر في اللي هو عايزه.. لكن اللي عرفته وفهمته بالتعامل إنه دايمًا لازم هيطلع لك حتة ناقصة في اللي هتقدمه واللي هو أساسًا طلبه زى ما أنت قدمته!.. فهمت إن ده طبع عنده لما قدمت على كورس مهني مهم وطلعت فيه الأول وجريت بلغته بالنتيجة على أساس إنه أكيد هيفرح لي فقال لي: (ألف ألف مبروك بس الكورس ده مش هيفيدك وياريت ماتفرحش أوي بموضوع إنك طلعت الأول فيه).. الله!.. مع مرور الوقت أكتر بقيت فاهم إن كل شيء هقدمه أو هعمله هيشوفه هو بصورة أقل أو غير كاملة.. الموضوع ده عمل لي توتر وخلّى حصولي على رضاه هو هدفي أكتر من إنجاز الشغل نفسه.. يطلب المهمة الفلانية فقبل ما أحط إيدي فيها أضربها في ضعفين على الأقل عشان هو يرضى ومايشوفش الشغل ناقص.. ورغم كده برضه كان بيشوفه ناقص!.. مرت الأيام وسبت الشغل ده ومشيت وفضلت علاقتي الإنسانية اللطيفة مع الراجل مستمرة لحد ما في مرة جمعتنا قعدة ودية مع زمايل الشغل القُدام فجت لحظة انفردت بيه واتكلمنا.. مش عارف إيه اللي خلاّني أسأله السؤال ده بعد مرور السنين دي بس واضح إن الأمر كان سايب أثره جوايا لسه!.. سألته: (هو أنت ليه كنت بتعمل كده؟، ليه دايمًا كنت بتحسسني إن شغلي أو اللي بقدمه ناقصه حتة؟).. الحقيقة إنه استقبل سؤالي بضحكة ودودة جدًا لإنه ماكنش متوقع السؤال بس بعد شوية من فاصل الضحك غير المبرر رد بجدية وقال: (ده أسلوب في الإدارة والسيطرة!).. قولتله: (لأ لحظة مش فاهم ممكن تشرحلي؟).. قال بسرعة كإنه كان منتظر طلبي: (في علم الإدارة وفي فين السيطرة بشكل عام حتى في العلاقات لازم تحسس اللي قدامك إنه مش عامل كل اللي عليه بنسبة 100%!، تشكره بس بدون زيادة، تكافئه بس مش زى ما هو متوقع، تشيد بشغله لكن ترميله هدف تاني أبعد في نفس اللحظة).. سألته: (وده هيفيد بإيه مش فاهم برضه؟!).. رد: (إنه دايمًا يكون عايز يبذل أكتر من أقصى اللي في وسعه عشان يرضيك، يعمل فوق اللي يتعمل، ويجتهد فوق الاجتهاد اجتهادين تلاتة وعشرة).. قولتله: (وبعدين؟).. رد: (بس خلاص أنت كسبته وكسبت مجهوده وضمنت جودة شغله للأبد).. فكرت شوية في كلامه وبعد لحظات من عدم استيعابي رديت بحسم: (أنا آسف بس ده مش سلوك سوي).. ضايقته الجملة وماردش بس بصة عينيه طلبت مني إني أكمل فكملت: (إيه الفايدة إني أحسس اللي قدامي إنه دايمًا ناقصه حاجة!، ليه كسرة النفس دي!، ما أقول له على المطلوب من البداية ولو حققه يبقى ياخد مكافأة وشكر ولو لأ يبقى يتعاقب لكن ليه أخليه كإنه طور مربوط في ساقية ومتغمي ولازم يفضل يجري ورا رضايا!، ده شيء لو ماجاش من الشخص منه لنفسه ليا يبقى مالوش طعم).. هز كتافه وقال وهو مش مقتنع: (أنا قولتلك من البداية دي مدرسة في الإدارة سواء في الشغل أو إدارة العلاقات وهي مش المدرسة الوحيدة وأنت مش مجبر تقتنع أو تمشي بيها).. انتهت المقابلة وده كان آخر لقاء يجمعنا بس فضل الدرس اللي فهمني كتير واللي أعتقد إنه مش هيتنسي العمر كله.

• فيه ناس بيلاقوا أمانهم في التقليل من اللي بيتعاملوا معاهم على طول الخط.. مايبلوش ريقك بكلمة حلوة ولا شكر.. اللي هو تعمل مهما تعمل، وتنجح مهما تنجح دايمًا في نظرهم فيه حتة ناقصة!.. هو فيه فعلًا حتة ناقصة بس في دماغهم هما مش فيك ولا في اللي بتقدمه!.. والسبب؟.. لإن قوتهم الأساسية في إنك تحس إنك مش محقق التارجت بتاعك سواء في الشغل أو في العلاقة فيتحول شغفك تدريجيًا في القصة لإنك تنول رضاهم وطبعًا ده هدف عمرهم ما هيسمحوا إنك توصل له لإن إرضاءهم مستحيل وهدف وهمي.. أنت ممكن تكون شريك ناجح جدًا بتعمل كل اللي مطلوب من شريك ناجح لكن درجة استقبال ده من شريكك بتخلّيك تحبط!.. إرضاءك لو مش خارج من قلبي بالرضا مش هتحس بطعمه، ولا هتقدر تجبرني عليه.. مفيش رضا بييجي بالغصب.

تابع مواقعنا