الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أمسك لسانك

الإثنين 01/أبريل/2024 - 09:42 م

أن تكون من أصحاب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم، أسلمت على يديه، وجاهدت في سبيل الله معه، وتحملت الأذى إلى جواره لرفع راية الحق، وعايشته في كثير من أحواله وأمور حياته، وصليت وراءه، وتعلمت العلم منه ومتعت القلب والروح والعين بالنظر إلى وجهه الكريم، ومن أخلاقه وخصاله الكريمة تشربت، وعليها تربيت، ثم ختم الله لك وأكرمك ومن عليك بذلك.

أقول: هذا شرف عظيم لا يدانيه شرف، ومنزلة سامية لا تساميها منزلة، إنه شرف الصحية لسيدنا رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه. وقد اختار الله - عز وجل - لهذا الشرف من يستحقه من بين أطهر العباد قلوبا، وجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون عن دينه
وهم (الصحابة الكرام ).

كما قال سیدنا عبد الله بن مسعود، وقد جعلهم الله أمنة للامة، كما قال رسول الله في حديثه: ( النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتى ما توعد).

ولأننا لم نَحْظَ بهذا الشرف العظيم (شرف الصحبة)، فإن أرواحنا وقلوبنا وعيوننا تشتاق إلى رؤيته - صلى الله عليه وسلم -، ونتمنى لو أننا نراه بالدنيا وما فيها.


وكثير من جيل التابعين الذين لم يروا ولم يعايشوا حياة رسول الله وحاله واخلاقه، بل وبعض الصحابة الذين جاءوا وعاشوا فى أخريات حياة النبي الكريم، فلم تطل صحبتهم له، كانوا يسألون الصحابة الكبار عن سیدنا رسول الله، وعن صفاته الخلقية والخلقية واجتهد الصحابة فى رسم صورة - من خلال وصفهم - لسيدنا رسول الله، ونقل أحواله - صلى الله عليه وسلم. 
 

ومن أجل وأوفى الأوصاف التي وردت في السيرة النبوية، وصف سيدنا ( هند بن الى هالة ) رضى الله عنه بناء على طلب ابن اخته سيدنا الحسن بن على بن أبي طالب) - رضى الله عنه -، ومعلوم أن سيدنا «هند ابن السيدة خديجة ) - رضى الله عنها - من زوج لها قبل أن تتزوج رسول الله، فهو أخو السيدة (فاطمة)، وخال سيدنا الحسن، الحسين رضى الله عنهما - وسيدنا الحسن بن على ( حفيد النبي، ومعدود من الصحابة، ومع ذلك يسأل خاله عن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم -، وما أحسب حاله حين سأله إلا كحال الشاعر المحب
الذي قال:


كرر حديثك يا مهيج لوعتى 
إن الحديث عن الحبيب تلاقى 


يقول سيدنا ( الحسن): (سألت خالى " هند بن أبى هالة "، وكان رجلًا وصافًا - أى: يحسن الوصف - عن حلية رسول الله - أى وصفه، فوصفه سیدنا " هند " وصفًا مطولًا من الناحية الخِلْفِيَّة والخُلُقِيَّة، نجتزئ منه هذه الصفة العظيمة التي اتصف بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم، والتي نحتاج جميعًا إلى أن نتحلى بها اقتداء بسيد نا رسول الله، فقد وصفه قائلًا: ( وكان يخزن لسانه إلا فيما يعنيه)، هناك أناس لا يتخلقون بهذا، فيطلقون السنتهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم، ويتكلمون بالحق والباطل، ويقعون في أعراض الناس، ألا يعلم هذا الذي أطلق لسانه من عقاله دون أن يلقى بالا للكلفة التى تخرج منه، أن كل ذلك مكتوب ومسجّل، إمَّاله وإما عليه: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)ق /، وسوف يوقف بين يدى مولاه يوم القيامة ليحاسب عن كل ما قدم من قول أو فعل، وصدق سيدنا ( عمر بن عبد العزيز) _رضي الله عنه حين قال:( من عد كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه )، فـعلينا أن نتخلق يخلق سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،، ولنمسك ألسنتنا، فهذا جماع الخير كله كما قال سيد نا رسول الله في وصيته لسیدنا (معاذ بن جبل) - رضى الله عنه.

ففي الحديث عنه قال: (كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبًا منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، قال: لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسرهُ الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم...) السجدة / ١٦، حتى بلغ،( يعملون) الآية / ١٩ ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده ودروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وسورة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ قال ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم).

وصدق الشاعر: 


احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان 
كم في المقابر من قتيل لسانه 


كانت تهاب لقاءه الأقران و( رقيب وعتيد ) المذكورين في الآية الكريمة، هما ملكان موكلان من الل سبحانه وتعالى لكتابة أعمال العباد من خير أو شر، قولا أو فعلا، وملك الحسنات (رقیب) أمیر على ملك السيئات ( عتيد) فلا يكتب سيئة على العبد إلا بعد أن يأذن له ملك الحسنات، فإن تاب واستغفر لا يكتبها عليه، ونظير هذه الآية (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ق / ١٨ قوله تعالى (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )، وقوله: ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلی ورسلنا لدیهم يكتبون) الزخرف/ ٨٠، ولما سأل سيدنا،( العقبة بن عامر) رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: ما النجاة يا رسول الله؟ قال أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك )، ويقول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ( إن العـبد ليتكلم بالكلفة من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله به درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لهـ بالًا يهوى بها في جهنم)، وفي رواية ( ينزل بها فى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب )، وفى رواية أخرى: ( إن احد كم 
ليتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عز -له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله - عز وجل - له بها سخطه إلى يوم القيامة )، وصدق الله حين قال ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) النور/ ١٠، أى أن الإنسان يتكلم سخطه، ولا يظن أنها تبلغ من الرضوان والسخط جزاءها ثوابا أو عقابًا
فلنتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتكلم العبد إلا فبما يعنيه، فكم من كلمة كانت سببًا للنجاة، وكم من كلمة كانت سببا للهلاك والخسران.

فاللهم احفظنا من عمل السوء وقول السوء، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

تابع مواقعنا