البابا يترأس صلاة قداس عيد “سيدهم بشاي”.. ويروي 4 مشاهد من قصة الله والإنسان
ترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم، صلوات قداس يوم الثلاثاء من الأسبوع الرابع من الصوم الأربعيني المقدس، بكنيسة السيدة العذراء والشهيد سيدهم بشاي بدمياط، وذلك بالتزامن مع عيد القديس “سيدهم بشاي”.
وحضر الصلوات الدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، وعدد من القيادات التنفيذية والتشريعية بالمحافظة، ولفيف من أساقفة ومطارنة المجمع المقدس والشعب القبطي.
وألقى البابا، عظة كشف من خلالها عن مرور 175 سنة على استشهاد القديس سيدهم بشاي في دمياط، مبيًا أن الذكري العطرة لازالت محفوظة تنتقل من جيل إلى جيل، وهو تعبير قوي عن الكنيسة التي تٌلقب بـ”أم الشهداء”.
وجاء النص الكامل لعظة قداسة البابا تواضروس كالآتي:
ونحن في شهر مارس نحتفل بعدة تذكرات مباركة، فنحتفل بالقديس البابا كيرلس السادس، والمتنيح البابا شنوده الثالث، ونحتفل أيضا بأبونا ميخائيل إبراهيم أحد الآباء الذين خدموا في مدينة القاهرة وقد تنيح من 43 سنة وكتب عنه البابا شنوده كثيرًا وتكلم عنه، فكان أب أعتراف لكثيرين، وأيضا نحتفل بمرور 40 عامًا على نياحة أبونا بيشوي كامل في الإسكندرية وهو أيضا إنسانًا بارًا خدم وتعب ونعرفه جميعا.
ونحتفل أيضًا بتذكار القديس سيدهم بشاي، وهذا فضلًا عن إحتفالات عيد الربيع وعيد الأسرة أو عيد الأم، كل هذه التذكارات تجتمع في شهر واحد.
وهذه التذكارات نحتفل بها ليس على المناسبة التاريخية بل على ما نتعلمه نحن الذين نعيش في هذا الزمان. القديس سيدهم بشاي إنسانًا بارًا كان يعمل بتجارة الخشب سيرته معروفه وكان يخدم في الكنيسة كشماس، لكنه تعرض لشر انتهى باستشهاده، لكن ردت له كرامته في جنازته زفي سيرته العطرة التي نحتفل بها جميعنا وأيضًا بوجود جسده هنا في هذه الكنيسة المقدسة.
نحن أيضًا في هذا الشهر نحتفل بالصوم المقدس، وأريد أن اقف معكم عن هذا الصوم الذي يعتبر من اغنى فترات السنة فهو فترة روحية لنا جميعًا لكيما يعيش الإنسان ويدخل داخل قلبه. فالإنسان وسط عمله وإنشغالاته يكون خارج قلبه مشغول بانشطة كثيرة سواء في بيته أو عمله أو خدمات المجتمع، فالإنسان دائم الإنشغال خارجًا ونادرًا ما يفحص قلبه داخلًا.
القلب هو الهدية التي سنأخذها معنا عندما نقف أمام الله.. القلب معروف لدى الله فنحن نتعارف من خلال أعيننا ومقابلاتنا لكن القلب عند الله وحده يعرفه.. والكنيسة جعلت فترة الصوم لكي ماتكون فترة لينقي الإنسان قلبه.. أنتم جميعًا تحفظون هذه الآيه “طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله” فبحسب ما في قلبك تستطيع أن ترى الله ففترة الصوم هي الفترة المقدسة التي نستطيع فيها أن ننقي قلوبنا من الأفكار والسقطات والخطايا والعلاقات الردية من أحوال لا ترضي الله وهذا شئ هام حتى أن القديس بولس الرسول قال تعبير هام وهو “بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا ” فمن الممكن أن أحد يخدم ويتعب ولا يهتم بنفسه فتكون النتيجة أن يصير مرفوضا أمام الله.
مضى من الصوم حوالي ثلاثة أسابيع والكنيسة جعلت من هذا الصوم فترة منظمة، فهناك أول أسبوعين وهما أحد الأستعداد والتجربة، وهناك آخر أسبوعين هما احد الشعانين والقيامة، ولكن في الوسط هناك أربعة آحاد تمثل قصة واحدة لكن على أربعة مشاهد (الإبن الضال – السامرية – المخلع – المولود أعمى) وهذه الحدود الأربعة تحكي قصة واحدة هي قصة الله والإنسان والخطية هذه القصة يعيشها الإنسان في كل زمان ومكان.
المشهد الأول: الاختيار “الإبن الضال”: عن مثل قدمه السيد المسيح عن أسرة بها أبنين تعدى الصغير حدود اللياقة وطلب نصيبه من المال، وبعدما نصحه أبوه تركه لحريته وخرج الإبن من البيت يظن أنه سجن وأن الخارج هو الحرية فكان معه ماله واصدقاءه، لكن الحال مع الإيام تدهور إلى أن وصل به الأمر إلى مزرعة الخنازير التي كان يشتهي طعامها فلم يعطيه أحد، وعندما اختبر هذا الوضع اختار ،ن يرجع لأبوه ويقدم توبة.
لهذا نسمي المشهد الأول مشهد الأختيار. وعندما رجع أكرمه أبوه والبسه الحلة والخاتم وذبح العجل المسمن. والقصة قابلة للتطبيق مع أي حد يظن أن بيته أو كنيسته هو السجن والخارج حرية فتدور الأيام لتثبت العكس أن بيتك هو الحرية والخارج هو السجن.
المشهد الثاني: التكرار “السامرية”: إمراة عاشت في الخطية وسيرتها كانت معروفة حتى إن الكتاب المقدس لم يذكر إسمها كنوع من حفظ السر وإحتراما لها. وعندما تقابلت مع السيد المسيح ودخلت في حوار معه في الأول كانت تخاطبه بجفاء إلى أن آمنت بإنه هو المسيح وتحولت من إنسانة خاطئة إلى إنسانه مبشره. هذا مشهد التكرار عندما يقع احد في الخطية مرارا ويقوم إلى أن تابت وصارت كارزة ويجوز لنا ان ندعوها قديسة.
المشهد الثالث: الاستمرار “الإنسان المخلع”: إنسان ظل مريضًا 38 عامًا وكان هناك بركة حسدا ككف اليد لها خمسة أروقة والمرضى يجلسون عندها والتقليد يقول إنه عندما يحركها الملاك أول من ينزل فيها ينال نعمة الشفاء. لكنه ظل عمره مريضًا لأنه لم يكن له أحد فهنا نرى قساوة البشر لكن عندما جاء له وهو عيان ومطروح السيد المسيح سأله سؤال “أتريد أن تبرأ؟”.. هل لك إرادة أن تقوم وتنال الشفاء؟ أحيانًا عندما يقع أحد في الخطية يستحلى هذا الوضع. كالخروف والخنزير عندما يقعا في بركة طين الخروف لا يطيق هذا الوضع عكس الخنزير الذي يحب هذا الوضع جدًا. فإن كانت لك عادة مستمرة معك زمانا تظن إنك غير قادر على تغيرها هذه القصة تقول إن بيد المسيح الممدودة إليك تستطيع أن تقوم.
المشهد الرابع: المرار “المولود أعمى”: فهو مولود لا يرى النور وخلق الله له عينان فصار مبصرا فبدل الظلمة التي كان عايش فيها الآن يبصر النور فأصبح له الحياة والنور بعد مرارة الظلمة.
(الاختيار – التكرار – الاستمرار – المرار) أربعة مشاهد لقصة واحده قصة الإنسان الذي يتوب فباب التوبة مفتوح لكل إنسان من أجل نقاوة القلب ونحن في فترة الصوم وعندما نتذكر اليوم إستشهاد قديس عظيم كسيدهم بشاي نتذكر نقاوة قلبه وثباته على الإيمان ونتذكر حياته وجهاده التي ربما نعرف عنها قليلا لكن واضح من سيرته ومن نهايته إنه كان نقي القلب لذلك ظلت سيرته عايشه ” شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان لأننا رائحة المسيح الذكية” فعندما نضع حنوطا لنقاوة سيرة هؤلاء القديسين.
هو يوم مفرح وأنا سعيد إني أزوركم هنا جئت قبلا مرتين وأنا راهب وانا أسقف في حبرية المتنيح المطران الأنبا بيشوي ونحن هنا يجب أن نتذكر تعبه وخدمته سنين طويلة وربنا أرسا لكم نيافة الأنبا ماركوس للخدمة في هذه الإيبارشية المحبة للمسيح. نحن نصلي القداس في حضور الآباء المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة والشمامسة ومعالي الوزيرة منال محافظ دمياط وكل القيادات الأمنية والتشريعية وقيادات المحافظة الهادئة الجميلة التي لها شهرة في كل العالم لأهتمامها بصناعات الأثاث المتميزة في وسط العالم.
نفرح بوجودنا في تذكار هذا الشهيد ونصلي من الله أن يحفظكم ويعطيكم نعمة ومعونة لكل المسؤولين في هذه المحافظة من أجل نموها وتنميتها. بشكر محبتكم جميعا ومحبة نيافة الأنبا ماركوس وسعيد إني أزور هذه البلاد التي لها تاريخ عظيم ربنا يحافظ عليكم ويبارك في حياتكم. ومعنى كلمة “سيدهم” أي سيد الشعب أي كيرلس فمعاني الأسماء لها دلالات قوية .. ربنا يحفظكم ويكون معكم.